يلعب الخيال دورا كبيرا فـي كتاباتها للأطفال
الكاتبة أزهار أحمد:
حوار ـ خميس الصلتي :
تقترب الكاتبة والمترجمة أزهار أحمد بحضور الوعي، حيث الأعمال الأدبية التي دائما ما تعمل على تقديمها للقارئ في كل مرة، ومعرض مسقط الدولي للكتاب هو نقطة الالتقاء بين الكاتب ونتاجه الثقافي الأدبي، وهذا ما حرصت عليه الكاتبة أزهار في دورته المنصرمة في هذا العام، حيث أتت بإصدارين مغايرين في توجههما، الأول حمل عنوان “ما حكاه الصوفي” وهو عبارة عن رواية للكاتب الهندي كي بي رامانوني، نقُلت مترجمة إلى اللغة العربية، أما الإصدار الثاني فهو يلتقي بالأطفال حاملا عنوان “حين تنام آية”، وفي هذا الإصدار تطل آية بشغب طفولتها وفكرها المتطلع إلى واقع الحياة ..
الأدب الهندي
حول أثر حضور رواية “ ما حكاه الصوفي” البالغ في معرض مسقط الدولي للكتاب، تقرّبنا أزهار أحمد من هذه الرواية وحيثياتها، والسبب الذي دعاها لترجمتها إلى العربية تقول: بعد أن أصدرت روايتي الأولى “ العصفور الأول” عن دار الجمل، والتي تقع أحداثها في بعض المدن الهندية، تلقيت اتصالا من قارئ هندي يتحدث اللغة العربية وهو مترجم أيضا وأبدى إعجابه بها وطلب موافقتي على ترجمة بعض فصولها وهو المترجم والكاتب ويلابوراث عبدالكبير ثم تلقيت رسائل من قراء هنود آخرين وبدأت التواصل معهم وتوطدت علاقتي بالأدب الهندي. ومنذ ذلك الحين أصبحت والأستاذ عبدالكبير أصدقاء نتبادل الكتب خاصة حين عرف ولعي بالأدب الهندي، ثم اقترح علي ترجمة رواية “ما حكاه الصوفي” وهذا هو عنوانها الأصلي وأرسلها. وافقت مبدئيا على أن أقرأها أولا، ورغم أنها متوسطة الحجم إلا أنني استغرقت وقتا طويلا في قراءتها وذلك لصعوبة لغتها والمصطلحات الكثيرة الغريبة عني، لكنني أعجبت بها وبمحتواها الذي اعتقدت أنه سيفتح نافذة جديدة للقارئ العربي خاصة أنها تقدم تاريخا دينيا واجتماعيا وفكريا عن ساحل الملبار في نهاية القرن التاسع عشر. وربما الأمر الذي جعلني أتردد في ترجمتها أن ترجمتي ستكون عن النسخة المترجمة للإنجليزية لكن بعد أن تعرفت على المؤلف الأصلي سهل علي الأمر كثيرا لأني كنت أتواصل معه مباشرة لتوضيح الكثير من الأشياء إضافة إلى وجود الأستاذ عبدالكبير الذي راجع الرواية وهذا مطمئن كثيرا بالنسبة لي.
وحول ما لمسته من تواصل القارئ مع هذه الرواية بشكل خاص تقول أزهار أحمد: أما بالنسبة لردود القراء، فالحمدلله تلقيت رسائل وتعليقات إيجابية جدا رغم أني كنت متخوفة قليلا حيث إنها الرواية الأولى المترجمة لي.
الكاتب المترجم
من خلال هذه الرواية نكتشف الكاتبة أزهار أحمد (المترجمة) أيضا، وهنا تعرفنا على تجربتها في هذا الشأن، مع المحفزات التي تجعل من المترجم ساعيا لأن يقدم جنسا أدبيا بغير لغته للقارئ، وهنا تقول أزهار: الاختلاف هو ما يجعلني أختار نصا عن غيره، وأنا لا أسعى لتقديم المعتاد والعادي، ولا أترجم نصا إلا بعد أن أكون واثقة من أنه سيكون له تأثير على القارئ أو سيضيف شيئا جديدا، وبالطبع الحكم على مستوى النص وجودته لا يكون جزافا بل يخضع لتقييم المستوى الأدبي واللغوي والموضوع إضافة إلى حاجة اللغة المترجم إليها إلى النص المختار. كما أن ثقافة النص المراد ترجمته من المحفزات الأساسية بالنسبة لي، فمثلا حضارة الهند أو أفريقيا تلفتني كثيرا بسبب الحضور الإنساني العميق فيها وتعدد ثقافاته.
نصوص بغير العربية
حول ترجمة التجارب الأدبية العمانية تقول الكاتب أزهار أحمد: إذا أردنا أن نتحدث عن ترجمة النصوص العمانية إلى لغات مختلفة فهناك الكثير من هذه التجارب، ووصول الكاتبة جوخة الحارثي لجائزة المان بوكر العالمية دليل على أن النص العماني يجد من يهتم به ويترجمه. كما أن مشروع ترجمة النص العماني الذي يقدمه النادي الثقافي سهل وصول النصوص الأدبية العمانية بمختلف مجالاتها إلى اكثر من 13 لغة حول العالم. وأشير أيضا ان المترجم عبدالكبير ترجم نصوصا عمانية كثيرة في القصة والشعر والرواية للمالايامية منها نصوص ومقالات لي وللشاعر إبراهيم الحجري والشاعر سيف الرحبي والشاعر هلال الحجري والدكتورة جوخة الحارثية وغيرهم.
وحول ما إذا كانت هناك صعوبات تراها الكاتبة أزهار أحمد في هذا الشأن هنا توضح: لا توجد صعوبة إذا وجد المترجم أو المؤسسة التي تقوم بالترجمة، أو إذا سعى الكاتب بنفسه لترجمة نصوصه. فالنص العماني قوي أدبيا وفكريا ويستحق الانتشار ويستحق أن يكون له قراء من جميع أنحاء العالم. أما إذا جئنا نتحدث عن المترجمين العمانيين لترجمة النص العماني فلا أجد صعوبة في ذلك بقدر ما هي تحديات آلية وإجراءات، فالمترجم العماني بحاجة إلى منصة ينطلق إليها بعد الترجمة، بمعنى أنه بحاجة لدار نشر أو مؤسسة ثقافية تؤمن به وتقدم ترجمته وهنا تكمن المشكلة، بعكس ما لو كان المترجم غير عماني.
حين تنام آية
“حين تنام آية” مجموعة قصصية رشيقة للأطفال صدرت مؤخرا أيضا، هنا تقول عنها الكاتبة أزهار أحمد وعن المغاير فيها: المغاير في مجموعة آية بالنسبة لي أنني لأول مرة أكتب لفئة الأطفال من عمر 5 سنوات، فبالعادة توجهي دائما للأطفال من عمر 11 فما فوق لأنني اعتبر هذه الفئة بحاجة إلى تنوع أكثر. لكن الإلهام الحقيقي لقصص آية كان واقعيا من الطفلة آية التي كانت بالفعل تنام في أي زمان وأي مكان وبوضعيات غريبة. ومن هنا قررت الكتابة عن عالم هذه الطفلة الصغيرة الذي تغرق فيه بهذا الشكل. وبالنسبة للأطفال ربما لن تكون مغايرة كثيرا، لكن وبما أن كل القصص تنقل آية لعالم عجيب وفي الوقت نفسه يبدو حقيقيا بالنسبة لها فسيستطيع الطفل أن يضع نفسه مكانها.
وعن دور الخيال في توصيل شغف آية البريئة في هذا الإصدار تقول الكاتبة أزهار: يلعب الخيال دورا كبيرا في كتاباتي للأطفال فأنا من المؤمنين بقوة الخيال وأهميته، لذلك أتمنى من كل طفل يقرأ قصص آية أن يغرق في عالمه السعيد مثلما تفعل هي.
ألوان المجموعة “حين تنام آية، (الداخلية)، التي ترافق تفاصيل الحكايات شبه الهادئة مع الطفلة آية متوافقة جدا مع التفاصيل والأحداث، فهي أثثت بشكل فعلي ما تقدمه من أفكار، وهنا تقربنا الكاتبة أزهار من حدث اقتناصها لذلك التوافق، ومدى تفاعل الطفل إيجابا مع هكذا توافق أيضا: بالنسبة للرسوم فقد تركت للرسامة حذام الحارثية مهمة اختيار الألوان واللوحات، وبعد التشاور والنقاش استطعنا أن نصل إلى هذه النتيجة الجميلة. وقد جاء اختيارها للألوان رائعا لأن القصة تحدث في الحلم فقط ولذلك فالألوان كان لا بد أن تكون هادئة ومتناغمة مع اليقظة والنوم. والطفل مع قراءة القصة سيتفاعل بالطبيعي مع القصص لأن اللون والرسمة سيأخذانه إلى ذلك العالم البعيد الذي لا يمكن أن يصله إلا بخياله.
أدب الطفل
للعودة إلى معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، وحضور أدب الطفل في كل توجهاته تقول الكاتبة أزهار أحمد: حقيقة دهشت من حضور الكاتب العماني قبل كل شيء، فقد تعرفت على كاتبات وكتاب جدد ورسامين لم أسمع عنهم قبلا متخصصين في أدب الطفل. وهذا بحد ذاته أمر مشجع وهذا يعني أننا متجهون بالاتجاه الصحيح لو اتفقت كتاباتنا مع المعايير اللازمة لتطوير أدب الطفل والارتقاء بمخيلته وذائقته وإدراكه.