اللغة العربية فيها طاقات تعبيرية كبيرة، وإمكانات لغوية لا حصر لها، وهذا جانب من جوانب عظمة لغة القرآن الكريم، وهو جانب المركبات فيها، فثمة أنواع من العبارات في لغتنا الجميلة، يقال لها:(مركبات في النحو العربي)، وتَعنٍي تلك التعبيرات في أبسط مفاهيمها تلك الجمل التي تتلاصق فيها كلمتان، أو أكثر، أو تتلازم، وتتتابع، ويكون لها دلالات محددة، ولها توجيه نحوي خاصٌّ بها، وتتعلق بها أحكام نحوية تكون لها وحدها دون سواها من بقية تراكيب العربية، وتُعرَف بها أينما وُجِدَتْ، وحيثما كانت، أو وردت في لغة العرب، وهي كثيرة، ولكننا سنقتصر منها على عشرة مركبات فقط، لنبين كم حجم إمكانات لغتنا في وجه واحد من وجوهها الكثيرة التي تمتلكها ، وتختلف بها عن كل لغات الدنيا، وكل ألفاظها وتراكيبها، ويكفي أنها اللغة التي ارتضتها الحكمة الإلهية مصبًّا للقرآن الكريم، كتاب الله للعالمين، وآخر كتب السماء لأهل الأرض أجمعين.واللفظ المركَّب في أبسط تعريفاته هو ما يدل جزؤه على جزء معناه، نحو: صلاح الدين ـ شباب اليوم ـ رجال الغد ـ كتاب النحو ـ دار العلوم، فكل جزء من الكلمتين يؤدي معنى مفردًا يشكِّل في مجموعه معنًى كليًّا، فكل كلمة فيهما لها معنى جزئي، يتآزر في تشكيل المعنى الكليِّ، فهي مع ما بعدها تسمى المركَّب، وهو أنواع كما سيأتي بعد، على العكس من المفرد، فالمفرد في أبسط تعريفاته هو: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، نحو:(رجل، بنت، سماء، أرض)، فالراء من (رجل) جزء من الكلمة، لكنها لا تشكِل جزءاً من معناها، وهكذا الباء من (بنت) لا توضح شيئا من معناها لأن كلمة بنت مفردة، وليست مركبة،فكل ما لا يدل جزؤه على جزء معناه يسمى عند النحويين مفردًا، وكل ما يدل جزؤه على جزء معناه يسمى مركباً، وهكذا في كل مفرد ومركب نعني بهما الدلالة المعنوية السابقة.وهذا المركب أنواع، كما سيأتي بعد؛ ومن ثم فلكل تركيب منها دلالة، ومعنى، وتوجيه، أو عدة توجيهات وفق كلِّ نوع فيها، كما أن له أحكامًا خاصة به، أعرضها هنا تركيبًا تركيبًا، وأردفُه بأحكامه النحوية قدر الإمكان، والله أسأل أن يوفقني لعرضها كاملة، واضحة، موجزة؛ لنرى جمال العربية، وكمال قواعدها فيما يتعلق بالمركبات النحوية، وهي مجملة عشرة مركبات على الوجه الآتي :1 ـ التركيب الإضافي، 2 ـ التركيب المزجي، 3 ـ التركيب العددي، 4 ـ التركيب الإسنادي، 5 ـ التركيب الحالي، 6 ـ التركيب الوصفي، 7 ـ تركيب البدل، 8 ـ تركيب التوكيد، 9 ـ تركيب العطف، 10 ـ التركيب الظرفي، وكل تركيب له ـ كما سبق ـ دلالاته، وأحكامه الإعرابية.أولاً ـ مفهوم التركيب الإضافي: هو كلُ كلمتين ركِّبتا معًا، وتجاورتا، بحيث ينزَّل الثاني منهما من الأول منزلة التنوين، أو النون، فيدخل فيه المفرد المضاف، والمثنى المضاف، وجمع المذكر السالم المضاف، كلُّ واحد من تلك المضافات له صوره، وأنماطه اللغوية، وأشكاله التركيبية، وأحكامه.فالتركيب الإضافي يتطلب مضافاً، ومضافاً إليه، والأول منهما يأخذ موقعه الإعرابي المتعدد: (الآني، والآتي في الجملة)، وأما اللفظ الثاني منهما فيأتي دائمًا مجرورًا بالإضافة، وذلك نحو:(قل أعوذ برب الناس، ملك الناس)، الأول جر بحرف الجر الباء، وبقي الثاني مجرورا بالإضافة، ونحو:(قل أغيرَ الله أتخذ وليا فاطرَ السمواتِ والأرض)، فـ(غير) راؤها مفتوحة؛ لكونها مفعولاً به مقدماً، واسم الجلالة مجرور على التعظيم بالإضافة، وكذلك (فاطر) منصوبة الراء والسموات مجرورة بالإضافة، وكذلك:(محمد رسولُ اللهِ)، فـ(رسول) مرفوعة، لكونها خبر المبتدأ، واسم الجلالة مجرور على التعظيم، وعلامة جره الكسرة للإضافة.ولكنْ ثمة أحكام الأحكام تترتب على هذا التركيب الإضافي على التفصيل الآتي: هناك أربعة أحكام تترتب على التركيب الإضافي، هي على الترتيب الآتي، أولاً: حذف تنوين الاسم المفرد:نقول مثلًا:(هذا كتابٌ) فكتابٌ خبر مفرد غير مركب، عند التركيب يحذف تنوينه، فيقال:)هذا كتابُ اللهِ) فقد حُذِفَ التنوين في (كتاب) لإضافته إلى اسم الجلالة (الله).د.جمال عبدالعزيز أحمدكلية دار العلوم بجامعة القاهرة ـ جمهورية مصر العربية[email protected]