أقامتها "التراث والثقافة" بمحافظة ظفارصلالة ـ الوطن:نظمت المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار بمسرح المديرية أمس محاضرة ثقافية بعنوان "كيف نقرأ نقوش الجزيرة العربية قبل الإسلام" وتناولت المحاضرة التي قدمها الدكتور محمد مرقطن الباحث من جامعة هايدلبرغ بألمانيا عددا من النقاط في شأن نقوش الجزيرة العربية حيث بدأ بتساؤل حول ماهية أصول الخط العربي الذي استخدم في تدوين القرآن الكريم، ومكان نشأته مرورا بالقيمة الجمالية والفنية، مع التوقف على أهم الاكتشافات الأثرية في العقود الثلاثة الماضية في كافة أنحاء الجزيرة العربية وبلاد الشام من عصور ما قبل الإسلام. وأشار محمد مرقطن أن تلك الاكتشافات غيرّت الصورة المتعارف عليها عن تاريخ الجزيرة العربية ولغاتها، وأوضحت كثيرًا من المسائل المتعلقة بتاريخ العرب ولغتهم، ومنها الجذور التاريخية للخط العربي. وذهب المحاضر إلى التعريف بأصول وتطوير الخط العربي بالرسم والصورة، في ضوء الاكتشافات الأثرية الحديثة، مشيرا إلى أن الفضل يعود إلى السومريين في اختراع الكتابة وتقديمها للبشرية؛ فقد تم العثور على أقدم كتابات في العالم نحو نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد في مدينة الوركاء السومرية في جنوب العراق. وأوضح الباحث محمد مرقطن إلى أن المرحلة الأولى تتكون من الكتابة التصويرية، ومنها تطورت الكتابة المسمارية. وفي نحو بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، نشأت الكتابة الهيروغليفية في مصر، كما يعتمد نظام الكتابة المسمارية والهيروغليفية على استخدام مئآت الرموز والمقاطع في كتابة الكلمات، كما يعود الفضل للكنعانيين سكان بلاد الشام في تطوير الكتابة الأبجدية في بداية الألف الثانية قبل الميلاد تحت تأثير الهيروغليفية.وقال الباحث محمد مرقطن إن النظام الأبجدي الكنعاني يتكون من أبجدية قصيرة تتشكل من 22 حرفًا كالفينيقية والعبرية والآرامية، وأبجدية طويلة ذات فرعين، تتمثل الأولى بالأغاريتية من 27 حرفًا، والعربية الجنوبية من 29 حرفا، وكانت شعوب وقبائل الجزيرة العربية في النصف الثاني من الألف الثانية ق.م قد تبنيت أحد فروع الأبجدية الكنعانية القديمة.وأوضح محمد مرقطن أن بعض ممالك العرب في شمال الجزيرة وأطرافها بدأت تستخدم الخط الآرامي واللغة الآرامية كلغة أدبية ابتداء من أواسط الألف الأولى قبل الميلاد؛ ومنها مملكة تدمر ومملكة الأنباط. موضحا أن النظرية السائدة لنشأة الخط العربي هي أنه قد تطور من الخط النبطي. أما بالنسبة إلى مكان نشأته، فقد اعتقد العلماء إلى حد قريب بأن الخط العربي قد تطور جغرافيا في سوريا، وذلك بالاعتماد على شواهد منها نقش زبد، قرب حلب ويؤرخ بنحو 512 ميلادي، ونقش جبل أسيس 528 ميلادي جنوب دمشق، ونقش حرَّان 568 ميلادي. وأوضح الباحث محمد مرقطن أنه عثر حديثًا على عشرات النقوش التي توضح المراحل التاريخية المختلفة للخط العربي. وبناء على المكتشفات الأثرية الحديثة، يمُكن تتبع مراحل التكوين التاريخي للخط العربي منذ بداية القرن الأول الميلادي إلى أن اكتملت حُليته في القرن السادس الميلادي.وذهب محمد مرقطن ليفسر القول إن عرب وسط الجزيرة وشمالها قد حسموا أمرهم ابتداءً من القرن الثالث الميلادي لهجر كافة الخطوط، والتي كانوا قد استخدموها في كتابة لغتهم، ومنها الخط الصفائي والثمودي واللحياني والمسند الجنوبي، والخطوط الآرامية المختلفة مثل الخط التدمري والخط اليوناني الذي كتبوا به أيضًا في بعض الحالات، وعزموا على تطوير خطهم الخاص بهم، والذي ارتبط منذ البداية بكتابة العربية الفصحى المبكرة، التي تشكل الجذور الأولى للعربية الفصحى المكتملة الصورة في لغة القرآن الكريم؛ وارتبطت هذه المرحلة بالتطور الملحوظ في هوية العرب الثقافية. موضحا في نهاية حديثه أن الاكتشافات الأثرية الحديثة حسمت مسألة الأصل النبطي للخط العربي ومكان تطوره بشكل تام؛ ومن ثم تتضح الصورة لأصول الخط العربي وتطوره من الخط النبطي. وأشار المحاضر أن هناك مجموعة من نقوش الجزيرة كتبت بأحد فروع المسند والذي يمكن أن نسميه المسند العماني كون هذه النقوش قد وجدت في معظمها في عمان وبالذات في ظفار وكذلك في جزيرة سوقطرى وبعض نواحي نجران. وذهبت المحاضرة إلى تقديم شرح الكتابة في حضارات الجزيرة العربية في ضوء الإكتشافات الأثرية الحديثة وكذلك عرض الأصول الكنعانية لخط المسند مع ابراز مراحل تطوره وخاصة خط الزبور وكذلك مسألة التدوين ومهنة الكتابة والمدارس وعرض عام لمحتوى النقوش وأهميتها التاريخية واللغوية، وخاصة أهميتها كمصدر أساس ي لكتابة تاريخ العرب قبل الاسلام وكذلك التاريخ المبكر للغة العربية