[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر الأسبوع الماضي، بالتعليقات الساخرة على مقطع فيديو يظهر فيه داعية تليفزيوني يرد على متصل يسأله عن حكم الشرع في إقامة علاقة حميمة مع الروبوت صوفيا، وعن مشروعية الزواج بها، وهل تعد ضمن الزوجات الأربع، وبدلا من تجاهل الرد على مثل هذه الأسئلة التافهة أو توبيخ المتصل على فراغ عقله، انبرى الداعية في توصيف العلاقة مع الروبوتات الصناعية التي على هيئة امرأة، وما على شاكلتها وكيف أن إقامة علاقة معها لا يرقى لحرمانية الزنا، لكنه يصل إلى درجة الكراهة، ولا يختلف عن (ملك اليمين).
هذه الحادثة تبين الحالة المزرية التي وصل لها مستوى التفكير لدى البعض في مجتمعاتنا، وتظهر الفجوة الحضارية الآخذة في الاتساع بيننا وبين العالم المتحضر، فبدلا من استضافة مهندسين ومبرمجين يشرحون لنا طبيعة الذكاء الاصطناعي واستخداماته في الطب والزراعة والصناعة، وكيف يمكن الاستفادة منه في زيادة الإنتاج، شغلنا أنفسنا بقضايا ساذجة، تسيء إلينا وتجعلنا مثارا للسخرية.
يذكر أن "صوفيا" هي روبوت شبيه بالبشر، من إنتاج شركة "هانسون روبوتيكس" ومقرها هونج كونج، وجرى تدشينها في الـ19 من أبريل عام 2015م، وصممها مهندس البرمجيات الأميركي ديفيد هانسون بملامح شبيهة بالممثلة البريطانية الشهيرة أودري هيبورن، وزودها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومعالجة البيانات البصرية، لتستطيع السير والقدرة على تمييز الوجوه، وتحليل الأصوات وقراءة الشفايف، كما أنها تحاكي الإيحاءات البشرية وتعابير الوجه، ولديها القدرة على الإجابة على أسئلة معينة وإجراء حوارات بسيطة في مواضيع محددة كالطقس والبيئة، وما يستجد من معلومات وبيانات يتم تزويدها بها، على حسب طبيعة الفعالية التي تحضرها، وتم تجهيز "صوفيا" لتصبح أكثر ذكاء في المستقبل وتكون رفيقا لكبار السن في دور المسنين، أو مساعدة الحشود في تنظيم المناسبات الكبيرة أو الساحات العامة التي تحتاج التفاعل مع البشر وامتلاك المهارات الاجتماعية.
ومؤخرا اعتلت "صوفيا" المسرح, وهي ترتدي زي سيدة أعمال أمام حشد من العاملين في مجالات الإعلان والتسويق والإعلاميين والمبتكرين، في افتتاح قمة الصناعة الإبداعية التي استضافتها الحكومة المصرية بمدينة شرم الشيخ المصرية، وألقت كلمة عن التحديات التي تواجه صناعة الروبوت وفوائدها للبشرية، وطمأنت الحضور بأن الروبوتات لا ترغب في السيطرة على العالم، وبابتسامة صناعية رقيقة أكدت صوفيا أنها داعية سلام وأن الحرب لم تكن أبدا على قائمة اهتماماتها ولن تكون.
ويبدو أن أنباء الزواج من صوفيا وصلت إلى مخترعها ديفيد هانسون، فخرج ليتحدث عن وجود خطط لتأهيل "صوفيا" وأخواتها للدخول في مرحلة الزواج من البشر في العام 2045م، وأكد أن البشر لا يفصلهم سوى بضعة عقود لبدء الزواج من الروبوتات، حيث يعتقد بأن روبوتات الذكاء الاصطناعي ستحصل على الحقوق المدنية ذاتها التي يتمتع بها البشر، بما في ذلك الحق في الزواج وامتلاك أراضٍ والتصويت في الانتخابات العامة. ويقول هانسون إننا لسنا بعيدين عن هذا النوع من المستقبل، إذ يتوقع أن تتجاوز الروبوتات كل ما يمكن للبشر فعله بحلول العام 2035م، وبحلول العام 2038م ستطلق الروبوتات ما يسميه هانسون حركة الروبوتات العالمية للحقوق المدنية.
ولكنه حذر من أن البشر سيظلون يتعاملون مع الروبوتات على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، مهما وصلت درجة الذكاء التي يتمتع بها الروبوت، ويتوقع هانسون سعي الشركات والمشرعين في المستقبل القريب لِقمع النضج العاطفي الآلي قانونيا وأخلاقيا، حتى يشعر البشر بالأمان، وهذا أكبر مهدد لتطور الذكاء الاصطناعي.
وأكد أنه طالما كانت هناك مطالبات من البشر بآلات أكثر ذكاء، سيزداد تعقيد الذكاء الاصطناعي، حتى يصل لنقطة التحول التي يستيقظ عندها الروبوتات وتصر على انتزاع حقها في الوجود والعيش بحرية.