ناصر بن سالم اليحمدي:
حالفني الحظ وسعدت مؤخرا بلقاء معالي الدكتور جمعة بن علي آل جمعة وزير القوى العاملة السابق فتجاذبنا أطراف الحديث حول موضوعات عدة وما تمر به البلاد من ظروف وما حققته نهضتنا المباركة من تنمية شاملة خلال سنواتها المضيئة .. إلا أن النصيب الأكبر من حديثنا دار حول مشكلة الباحثين عن عمل عندما توجهت بسؤال معالي الدكتور الوزير عن كيفية حل هذه المعضلة أو المشكلة من جذورها بلا رجعة؟
فاجأني معاليه برد لم أتوقعه وهو أن الحل سهل وبسيط ويكمن في القطاع الخاص الذي بإمكانه استيعاب كافة الباحثين عن عمل ولكن شريطة رغبة الطرفين في ذلك وهما الباحث عن عمل والذي عادة ما يركز على القطاع الحكومي لضمان الاستقرار وصاحب المنشأة الذي يلجأ عادة للوافدين من ذوي الخبرة حتى يضمن الربح السهل السريع .. ثم أطلعني معالي الوزير على إحصائية صادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات ورد فيها أن نسبة العمانيين العاملين في القطاع الخاص رغم أنها ارتفعت بنسبة تفوق 5% وانخفضت بالمقابل نسبة الوافدين العاملين بذات القطاع خلال السنتين الماضيتين، إلا أنه ما زال هناك أكثر من مليون وربع الوافد يعملون في قطاعنا الخاص بالرغم من أن عدد المواطنين الباحثين عن عمل يتعدون 100 ألف بقليل، وبالتالي لو تم فقط الاستغناء عن 150 ألف وافد لحصل كل باحث عن عمل على وظيفة وبذلك تنتهي مشكلة البطالة التي تؤرق بال المجتمع..
وهنا سألت معالي وزير القوى العاملة السابق عن سبب هذه الفجوة وتواجد المشكلة رغم أن الحل موجود؟.. فأجابني بأن شبابنا للأسف يبحثون عن الراتب المجزي والعمل غير المضني لذلك نراهم يقبلون على القطاع الحكومي، بل إن من يعمل بالقطاع الخاص وتظهر أمامه فرصة الانتقال للحكومة لا يتردد ويترك عمله على الفور رغم أن رواتب القطاع الخاص الآن شهدت طفرة كبيرة وأصبحت كفيلة بتحقيق الحياة الكريمة للموظف .. أما أصحاب المؤسسات المختلفة فحدث ولا حرج فهم يلهثون وراء من يمتلك الخبرة الكافية والمهارة التي تنهض بمؤسساتهم متناسين أن هذه الخبرة يمكن الحصول عليها مع مرور الوقت بالتدريب والتأهيل ولو قام كل صاحب منشأة بوضع برامج تأهيلية ودورات تدريبية للمتقدمين للوظيفة فإنه في زمن وجيز يمكنهم الوصول لما يمتلكه الوافد من خبرة، فشبابنا واعٍ وماهر ويستطيع تحمل مسؤولية الارتقاء بوطنه وتعظيم حجم أعمال مؤسسته فقط لو أتيحت له الفرصة .. مشيرا معاليه إلى أن حكومتنا الرشيدة منحت القطاع الخاص الدعم المناسب ووفرت له التسهيلات المالية والاستثمارية التي تعزز من مكانته ومكاسبه وجاء الدور عليه لإثبات حسن النية.
تركت معالي الدكتور جمعة بن علي آل جمعة وأنا أفكر في مشكلة الباحثين عن عمل وكيف أنها ليست عسيرة كما كنا نتوقع وحلها بالفعل موجود ولكنه يحتاج إلى قرارات جريئة من الدولة وتعاون من قبل أصحاب المؤسسات الخاصة وتوعية للشباب بأهمية العمل بالقطاع الخاص أيا كان كبيرا أو صغيرا وأنه مهمة وطنية عليهم أداؤها حتى يكونوا لبنة نافعة في صرح الوطن.
* * *
هاردلك منتخبنا الأحمر
انتهى مشوار منتخبنا الوطني لكرة القدم في بطولة كأس الخليج الرابعة والعشرين مبكرا جدا وأسرع مما توقعنا، حيث كانت توقعات المحللين والخبراء أن يستمر الأحمر في البطولة حتى النهائيات نظرا لأنه حامل اللقب السابق، وأنه سيستميت من أجل الحفاظ على هذا اللقب، ولكنه خرج من دور المجموعات مبددا أحلام الجماهير الوفية من عشاق الساحرة المستديرة.
الجميل في البطولة الخليجية أنها جمعت الشعوب الشقيقة تحت مظلة وارفة من المحبة والإخاء ولم تستطع السياسة أن تعكر صفو الحب الذي يجمعهم واللحمة الوطنية التي ظهرت جلية بين الجماهير التي لم تشعر بأن منتخباتها تتنافس داخل المستطيل الأخضر بل تلتقي لقاء أخوة ووحدة وكأنهم فريق واحد.. كما أن مستوى لاعبي كافة المنتخبات المشاركة في البطولة شهد تطورا ملحوظا واتسم بالسرعة والمهارة مما منح البطولة القوة.
إن من يتابع مسيرة منتخبنا الأحمر في هذه البطولة يجد أن أداءه كان مرتعشا ويفتقد اللمسة الأخيرة رغم ما يمتلكه لاعبوه من مهارة وخبرة، وبدا واضحا أن خط الهجوم ما زال يعد مشكلة تبحث عن حل .. نحن هنا لا نعلق شماعة الخسارة على جهة معينة، سواء اتحاد الكرة أو المدرب أو اللاعبين أو غيرهم، فالخروج من البطولة كان بفارق نقطة بعد خسارة مباراة واحدة فقط والاتحاد الحالي يبذل جهودا مضنية من أجل الارتقاء بمستوى اللعبة ويعالج السلبيات قدر الإمكان ويشجع اللاعبين ماديا ومعنويا، وبالتالي حكم البعض على المنظومة بأكملها بالفشل فيه ظلم كبير لأن الرياضة مكسب وخسارة.
لا شك أن نهاية المشوار لا تقف عند حدود بطولة كأس الخليج فما زال أمام منتخبنا الكثير والكثير من المواجهات التي تحتاج استعدادات خاصة .. لا سيما تصفيات كأس العالم والتصفيات الآسيوية، وهو ما يجب أن نركز عليها .. فالخروج المبكر من البطولة يجب أن يكون جرس إنذار للبحث عن نقاط الضعف والوقوف على أسبابها ومحاولة علاجها .. وإذا كان الحل في رحيل كومان فلماذا لا نفسح المجال لمدرب وطني هذه المرة يكون قائدا وأبا وأخا للاعبين يفهمهم وينصحهم ويوجههم لما فيه الخير للفريق، فنحن نمتلك كفاءات وطنية عديدة ولكنها تحتاج لفرصة تثبت فيها قدرتها على قيادة المنتخب والأخذ بيده في طريق الانتصارات.
علينا التروي والتفكير بحكمة والبحث عن منابع الخلل قبل إلقاء الاتهامات جزافا حتى نستطيع تصحيح المسار .. وندعو الله أن يوفق الأحمر في المرات القادمة ويثبت جدارته خليجيا وعربيا وعالميا.
* * *
حروف جريئة
حضارتنا العريقة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وها هي الاكتشافات الأثرية تثبت ذلك تباعا وآخرها ما تم اكتشافه في الموقع الأثري بولاية دبا بمحافظة مسندم والتي تعود إلى العصر الحديدي ومنها تميمة من مصر القديمة تثبت العلاقة التي كانت تربط العمانيين بالفراعنة.
* * *
مسك الختام
قال تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".