[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]الرابع والعشرون: نماذج من التاريخ العماني، مواقف وشخصيات. سوف نخصص هذا العنوان، لانتقاء واختيار بعض الأمثلة والشواهد والنماذج من التاريخ العماني وكتب الأدب والسير، لأحداث ومواقف وقصص وصور تعبر عن حياة العمانيين: شغفهم بالعلم، نظمهم وولعهم بالشعر وحبهم للأدب، تحملهم للصعاب، أسلوب تربيتهم، قيم ومبادئ المجتمع، الزهد، الثقافة العامة، الأخلاق، نظام الحكم، وذكاء الشخصية ... تدليلا وتعضيدا واستكمالا لما عرضته المقالات المنشورة وما تضمنته من عناوين ومحاور ومضامين ترتبط بتلك الحياة, وإلا فإن ما أوردته كتب التراث وما تحكيه الألسن أكبر من أن يحصر في مقال :• يوجد في كتب الأثر، أن ثلاثة من العلماء في عصر واحد كان يضرب بهم المثل في عُمان بل جاء أن عُمان في ذلك الزمان رجعت إلى أصم وأعرج وأعمى، فالأصم أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي صاحب كتاب الجامع، والأعرج أبو عبدالله نبهان بن عثمـان النزوي، والأعمى أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي البهلوي النزوي، فهؤلاء الثلاثة كانوا يديرون أمر عُمان في زمانهم .• قال الفقيه أحمد بن محمد بن صالح، إن الشيخ أبا سعيد الكدمي لم يكن له إلا نخلة واحدة وخمرة أي كرمة شجرة عنب، كان يقسم ثمرة النخلة على السنة، والخمرة للكسوة، فذلك حيث يذكر الإمام نور الدين السالمي في جوهر النظام :أبو سعيـد كرمـة ونخلة يملك كان شاكـرا للنعمةكان له الزوجات معها المال يعف عنـه وهـو الحلال• مدح شيخ البيان محمد بن شيخان السالمي السلطان فيصل بن تركي بجملة قصائد منها قصيدته الميمية التي مطلعها :هذه الشمس أين ذاك الملام ليس يبقى مع النهار ظلامفانتقد عليه شعراء عصره من البيت قوله (مع النهار ظلام) قالوا إن المناسب أن يقول مع (الضياء ظلام) لأن النهار يقابله الليل والظلام يقابله النهار فكل شيء يجعل مع مقابله ومناسبه ويمكنه أن يقول ذلك.• أول من نظم المقصورة نصر بن نصير الحلواني إذ قال :قفا خليلي على تلك الربـا وسائلاها أين هاتيك الدمـاأين اللواتي ربعت ربوعها عليك باستنجادها كي تشتفىوعلى غـرارها نظـم الإمـام اللغوي محمد بن الحسين بن دريد الأزدي العماني .يـا ظبية أشبه شيء بالمها ترعى الخزامى عند بانات النـقاأمـا ترى رأسي حاكى لونه طـرة صبح تحت أذيال الدجـاواشتعل المبيض في مسوده مثل اشتعال النار في جزل الغضافكان كالليل البهيم حـل في أرجـاءه ضـوء صباح فانجلى• يروى أن العلامة محمد بن مداد دخل يوما على الإمام الرضي ناصر بن مرشد اليعربي فرآه متغير الوجه فسأله عن حاله، فلم يخبره، فألح عليه فأخبره أنه لم يكن له ما ينفقه على عياله لسنة العيد .• في عام 1059م /1649م, أرسل الإمام ناصر بن مرشد قائده مسعود بن رمضان إلى مسقط لتحرير مسقط ومطرح, وفي وقعة (طوي الرولة) حلت الهزيمة بالبرتغاليين الذين طلبوا الصلح فصالحهم على أن يعيدوا صحار وأموال الشيعة في الباطنة ودفع جزية سنوية للإمام .• الشيخ العلامة ناصر بن أبي نبهان الخروصي: من علماء القـرن (الثالث عشر/ التاسع الهجري)، درس على يد والده أبي نبهان ورحل إلى نزوى بعد حريق مكتبة والده، ثم إلى مسقط، وسافر إلى زنجبار بمعية السلطان سعيد بن سلطان وقام هناك بالتدريس، من مؤلفاته: نظم السلوك، والكشف، وكتاب الإخلاص، وكتاب حق اليقين .• أحمد بن النعمان الكعبي: قبطان السفينة سلطانة في رحلتها إلى الولايات المتحدة وسفيرا وكاتبا خاصا للسيد ماجد بن سعيد بن سلطان .• كان الشيخ عبدالله بن حميد الحارثي بارعا في كل شيء، موهبة مـن الله له، ما عرضت عليه شكية، إلا وصف لها علاجا، وأكثر علاجه بالعقاقير، فانتفع به خلق كثير في زمانه. وكان يعرف العلة في الإنسان بالحدس حين يراه من قبل أن يشتكي لـه، يعرف علته وسببـها. فيصف له علاجها. وما خرج من عنده أحد إلا وقد انتفع، وله قضايا كثيرة من هذا النوع. وأعطاه الله علما امتاز به، وهو: معرفة الإنسان بعلامات يستدل بها أنه يموت خلال أيام. وإن كان في ظاهر الأمر صحيحا قويا. ومن ذلك أنه جاء إليه رجل من أهل الجبال بأخيه مريضا مدنفا، فوصف له دواء عن علته، وقال للمريض: لا تتكل على أخيك، احفظ دواءك بنفسك. فلما خرجا من عنده، قال لأصحابه: هذا المريض سيبرأ. ولكن الصحيح سيموت دون بلـده. ولذلك أوصيت المريض أن يحـافظ علـى دوائـه بنفسه, وهو ما حدث .• بني مسجد المضمار الذي هو بسفالة سمائل المتوسط بين محلتي الصفا وغيلة الدك من الجهة الجنوبية سنة ست من الهجرة النبوية, وهو مسجد مازن بن غضوبة الطائي أول من أسلم من أهل عمان. وقد جدّد بناءه جلالة السلطان قابوس بن سعيد على هيئة رائعـة. وبني مسجد الشواذنة بنزوى سنة ثمان من الهجرة. يوجد بمكان يسمى الشرجتين من علاية سمائل مسجد ذو قبلتين وآخر بمكان يسمى السّحاريةّ من العلاية أيضا وهو ذو قبلتين ولم تبق إلا آثاره .• قال أبو زياد لما غرق الإمام الوارث بن كعب رحمه الله وأرادوا نصب إمام بعده, قال سليمان بن عثمان لمسعدة بن تميم عند فلج ضوت في البطحاء نكتب لأهل السر يأتون, قال مسعدة إنما يريد ابن عثمان أن نؤخر هذا الأمر حتى يجتمع إلينا الناس أو قال غوغاء الناس فيختلفوا علينا, ولكنا نقطع الأمر, قال أبو الحسن فبايع المسلمون غسان بن عبدالله اليحمدي على ما بويع عليه الوارث بن كعب الخروصي فقام بالحق وعمل به وعزّ الحق في أيامه وظهرت دعوة المسلمين بعمان, وذلك حيث يقول الشيخ خلفان بن جميل في سيرته من سلك الدرر .قال سليمان فتى عثمان لعلنا نكتب للإخـــوانأن يصلونا من بلاد السر مساعدين في قيام الأمرقال له نجل تيم مسعـده رأيك ما أوهنه وأبعـدهفإنهم إن وصلونا اختلفوا والاختلاف فشل منكشفلكننا نقطع هذا الأمــرا قبل اختلاف الرأي حلا فورا• وفي كتب السير والتاريخ. أن الإمام الجلندى لما قتل جعفر وابناه النضر وزائدة فاضت عينا الجلندى بالدموع، فلما نظر إليه أصحابه قالوا أعصِبَّيةً يا جلندى فقال لا ولكن رحمة وكان هؤلاء المقتولين من أقاربه. وقيل لما دمعت عينه جزعا عليهم وقع في أنفس المسلمين عليه ما وقع من ذلك, فقالوا له اعتزل أمرنا، فاعتزل أمرهم وطرح إليهم السيف والقلنسوة، فلبث ما شاء الله يغدو غدوهم ويروح رواحهم، ثم رجعوا إليه فطلبوا إليه أن يرجع إلى ما كان فيه من أمرهم، فكره ذلك فلم يزالوا به حتى رجع إلى مكانه بعد اعتزاله .• ومن أئمة اليعاربة أبو العرب بلعرب بن سلطان بن سيف وهو الإمام الثالث منهم وهو باني حصن جبرين وانتقل فيه من نزوى وأقام مدرسة فيه وأتى بالعلماء ليعلموا وبالمتعلمين ليتعلموا ويتفقهوا فكان التدريس في هذه المدرسة، واجتمع فيها جملة من طلبة العلم ورواد الشريعة، ورغبهم الإمام يبذل المال وأكل الفواكه، فخرج من هذه المدرسة علماء جهابذة وشعراء متفوقون منهم الشيخ خلف بن سنان الغافري، والشيخ بن عبيدان, ومن الأدباء راشد بن خميس الحبسي الشاعر الأعمى.• من علماء عمان وقضاتها أبو عبدالله عثمان بن أبي عبدالله بن أحمد المعروف بالأصم, صاحب كتاب التاج والبصيرة وكتاب النور, ولم يكن بأصم وإنما لقب بذلك لأنه تصامم عن امرأة أحدثت في حضرته فخجلت, وقد جاءته تشكو واستعاد شكواها يوهمها أنه لم يسمع مقالها لصمم فيه فسري عن المرأة ما تجد من الحيا ظنا منها أنه أصم فلقب من يومئذ بالأصم وقد توفي سنه 631 من الهجرة رحمة الله تعالى عليه.• الخليل بن أحمد من أهل ودام من الباطنة وانتقل إلى البصرة. قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان كان إماما في علم النحو وهو الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود وحصر أقسامه في خمس دوائر, قال وكان الخليل رجلا صالحا عاقلا حليما وقورا. وأخبر تلميذه النضر بن شميل قائلا: أقام الخليل في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين وأصحابه يكسبون بعمله الأموال فأجرى له سليمان بن حبيب والي فارس والأهواز راتبا فكتب إليه يستدعيه فكتب الخليل جوابه :أبلغ سليمان أني عنه في سعـة وفي غير أني لست ذا مـالشحّا بنفسي لأني لا أرى أحـدا يموت هزلا ولا يبقى على حالالرزق عن قدر لا الضعف ينقصه ولا يزيدك فيه حول محتــالوالفقر في النفس لا في المال نعرفه ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال• من علماء العبريين من بلدة الحمراء الشيخ خميس بن راشد ذو الغبراء وكان معاصرا للشيخ المحقق سعيد بن خلفان الخليلي وأبي نبهان الرئيس الرباني جاعد بن خميس وابنه ناصر بن جاعد وكان ميالا إلى علم الفلك وكان زميله فيه الشيخ علي بن ناصر بن محمد بن حمير النبهاني وقد جمع من مختاراته في الفقه والنحو والصرف والطب والفلك والسلوك والقصص والنوادر والحكم ومن مختار الشعر والسير والتاريخ وغير ذلك كتابا واسعا مفيدا أسماه شفاء القلوب من داء الكروب على نمط الكشكول والمخلاة ولكنه أوسع وأنفع منها بكثير وقد رتّبه ترتيبا حسنا وجعل له فهارس مفيدة للمطالع جدا وقد استحسنه واستنسخه ثلاث مرات وكانت كل نسخة أوسع مما قبلها وصرف عليه دراهم كثيرة وقد أخذ منه نور الدين السالمي رحمه الله للجزء الثاني من تحفة الأعيان شيئا كثيرا .• في تحفه الأعيان: أن الإمام عزان بن قيس أخذ بعض آنية الصفر من بيت حمد بن سالم بن سلطان بعدما حكم بها لبيت المال فأرسل بها إلى بلده الرستاق ولم يكن ذلك عن مشورة من المسلمين فدخل في أنفسهم من ذلك شيء حتى قال الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي والشيخ صالح بن علي الحارثي قد حملنا ولايته على رقاب العباد وهذا صنيعه فنخشى أن يسألنا الله عن ذلك فاستحضر الإمامَ بواسطة الشيخ صالح فذكر له ما وقع في نفوس المسلمين من حمل الأواني من غير مشورة فدمعت عين الإمام وقال هذا كله في نفوسهم علي ولا تذكرونه لي لو لم يكن ديانة وجوب اتباعكم لكانت مروءتي توجب علي ذلك ما نزلت هذه المنزلة ولا نلتُ هذه الدرجة إلا بسببكم ما أخذت الأواني تملكا وإنما أخذتها لبيت المال بالرستاق نستعين بها على ما يجوز لنا من ذلك وظننتُ أن حملها لي جائز فتهلّل وجهُ الشيخ سرورا بما سمع من انقياد الإمام وحسن نيتّه وأتموا له ما صنع وعذروه بالتأويل .• يحكى عن الملك فلاح أنه وفد عليه رجل من الإحساء راكب على حصان فترجّل من حصانه فرأى في مجلسه العساكر واقفة ومصطفّة صفوفا فارتعدت فرائص ذلك الرجل من شدة تلك الهيبة فجعل يخترق الصفوف حتى قابل وجه الملك فلاح فسلّم عليه وحياه فرد الملك عليه السلام والتحية ورحّب به ولا طفه بالبشاشة حتى زال روعه .• العرب العمانيون هم أول من اكتشف أواسط إفريقيا، وجاسوا خلالها إلى حوض نهر الكونغو، وهم الذين أخبروا عن البحيرات وعن الجبال المعممة رؤوسها بالثلوج، رغم مشاق الأسفار يومئذ، ووحشة الأهالي الذين يأكل بعضهم بعضا. وتوغل العرب العمانيون في القارة المظلمة ما بين غابات الأسود ومواطن السباع المساورة، مخاطرين بأرواحهم وأموالهم. إن الهمة التي بذلها العرب العمانيون في أسفارهم والصعوبات الشديدة المراس التي ارتكبوها في ذلك الصقع الموحش مما يحفظه لهم التاريخ. *وثبت أن الأوروبيين اعتمدوا على عرب شرق إفريقيا في ارتياد مجاهل القارة الإفريقية ومدخلها. كتاب (جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار) .تم انتقاء هذه النماذج من عدة مراجع من بينها: اللؤلؤ الرطب، للشيخ سعيد بن حمد الحارثي, الزمرد الفائق، للشيخ محمد بن راشد الخصيبي, الرائع فـي التاريخ العماني، لسالـم البوسعيدي. والنمير، لمحمد بن عبدالله السيفي. والدر المتناثر، لأحمد التوبي .