[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2017/03/rajb.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. رجب بن علي العويسي[/author]


تشكل مرحلة الطفولة أهم مراحل إنتاج القوة في المجتمعات وبناء مسارات نهضتها وتقدمها وتطورها، والمرتكز الأساسي الذي تقوم عليه أي تنمية تنشد الاستدامة والتنوع، وبقدر ما تمنح الدول والمجتمعات الطفولة الاهتمام الكافي والإعداد الملائم والتطوير النوعي والتعليم الهادف، وتوفير كل الفرص والخيارات والاستراتيجيات والأدوات والتشريعات للتعبير عن ذاتها وإبداء رأيها والتحدث عن قدراتها واستعداداتها والمشاركة في صناعة التنمية الوطنية بكل سلاسة ومهنية؛ كلما انعكس ذلك على قوة المجتمع وقدرته على التعاطي الواعي مع الأحداث والمتغيرات التي يعايشها في عالم متغير؛ والحديث عن الطفولة في مجتمع السلطنة الذي يمثل فيه الشباب والأطفال (الأقل من 29 سنة) الشريحة الأكبر، بحوالي ثلثي السكان العمانيين وما نسبته (65%)، كما تمثل فئة الأطفال (الأقل من 5 سنوات) وحدها أكبر الفئات، حيث بلغت (15%)، وبلغ عدد الأطفال العمانيين (0-17) سنة في منتصف عام 2016 (1,006,651) طفلا بما نسبته ( 41.5%) من إجمالي العمانيين، كما بلغ حجم الطفولة العمانية في الفئة العمرية من (0-17) خمسي سكان السلطنة حتى منتصف عام 2016 وفق تقرير سلسلة الإحصاءات المجتمعية "الأطفال" الذي أصدره المركز الوطني للإحصاء والمعلومات عام 2018، وهي نسبة تعطي رقما صعبا في معادلة البناء الاجتماعي والفكري، وتستدعي المزيد من الجهود المخططة والمؤطرة على مختلف الأصعدة التعليمية والاجتماعية والرعاية الصحية والبرامج التوعوية والتثقيفية والإعلامية والأسرية وغيرها كثير عبر تبني استراتيجيات وسياسات تنموية أكثر نضجا ترعى حقوق الطفولة وتحافظ على كيانها، وتُعلي من سقف توقعاتها، وتبني أحلامها، وتصحّح المفاهيم المتداولة لديها، ويضمن تحقيق القوة في المنتج الطفولي بما يوفره من فرص ويصنعه من منجزات، بالشكل الذي يعزز من حضورها في واقع المجتمع ويؤسس لها كيانها في استراتيجيات التنمية الوطنية.
والحديث عن أحلام الطفولة وآمالها واحتياجاتها في عالم اليوم، المتسارع والمضطرب في كثير من مواقفه، يؤسس للبحث عن نهضة الطفولة وتوجيه بوصلة عملها، ورسم مسار بنائها، وإعادة هيكلة واقعها بطريقة تضمن حصولها على حقوقها في الحياة والعيش والأمن والاستقرار والأسرة والتعليم والصحة، وتقوية الممكنات النفسية والجسدية والعاطفية الإيجابية لديها، وتجنيبها مكامن القلق ومواقع الخطر، والتأثيرات السلبية الناتجة عن حالة اللااستقرار واللاأمن التي تعيشها بعض أقطار العالم عامة والمنطقة العربية والخليجية بشكل خاص، والأحداث الدموية والمأساوية التي تتعرض لها بعض المناطق الناتجة عن غوغائية السياسة وتسييس الإعلام وافتقاره للقواعد الأخلاقية والإنسانية التي توجه مساره وتحكم أدواته وتضبط رسالته، والتي انعكست على أحلام الطفولة وآمالها في وضع لم يكن له أي يد فيه، وواقع تدخلت فيه أيدي الكبار عنوة، واغتصبت من حق الطفولة في حياة الأمن والاستقرار والهدوء، وأثقلت كاهل الطفولة بترانيم الوجع والحرمان وكلمات الأسى والحزن وفقد الأوطان والأهل والخلان، وضاع أمام ذلك كله بوح الطفولة الموجه للحياة والحب والأمل والإيجابية والسعادة والفرح والبشر والسرور والتعايش والعيش المشترك والسلام والوئام. لقد وأد العالم في ظل ممارساته السلبية وحالة الارتجالية التي تعيشها سياساته في القرارات، والازدواجية في التعاطي مع الأيديولوجيات، والأفكار السطحية المتشددة التي يغرسها في ذهن الطفولة عبر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها نحو الآخر بما يسبغها عليها من سمات الفوقية والأنانيات والسلطوية؛ فوأدت من الطفولة مساحات الأمان التي يفترض أن تعيشها في جلباب الأبوة ورحابة صدر الأمومة وكنف الأخوة، والأسرة والمدرسة والمجتمع، لتقضي هذه الأحداث على قصة السلام التي تعيشها، ليعيش أكثر أطفال العالم اليوم حياة الجوع والمرض والأمية والفقر، حيث تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن العالم "يشهد في كل عام وفاة نحو 10 ملايين من صغار الأطفال في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل قبل بلوغهم سنّ الخامسة؛ وفي الإطار نفسه يشير تقرير المنظمة الصادر في سبتمبر 2018 في موقعها الإلكتروني إلى وفاة ما يُقدر بـ6.3 مليون طفل دون سن الخامسة عشرة في عام 2017، بواقع طفل واحد لكل خمس ثوانٍ، وقد نجمت غالبية هذه الوفيات عن أسباب يمكن منعها أو علاجها، مثل: المضاعفات في أثناء الولادة، والالتهاب الرئوي، والإسهال، والملاريا. وفي مقابل ذلك، باتت الإصابات بين الأطفال ما بين سن 5 و14 سنة سببا أكثر شيوعا للوفيات، وخصوصا من جراء الغرق وحوادث الطرق، وثمة فروقات بين الأقاليم في وفيات الأطفال من هذه الفئة العمرية، إذ يزيد خطر الوفاة للأطفال من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بـ15 ضعفا عنه في أوروبا.
وبالتالي ما يستدعيه وضع الطفولة اليوم في بعض بلدان العالم من إعادة هيكلة الواقع وخلق تحول في سلوك العالم وقواعده ومبادئه وقناعاته تجاه الطفولة، بالشكل الذي يؤسس لمرحلة عمل متقدمة وتفكير جمعي ناضج وواعٍ، يلتزم كل القواعد والاتفاقيات الدولية والأممية ومنها: الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة في نوفمبر 1989 والموجهة لحماية الطفولة والمحافظة على أمنها واستقرارها وعدم الزّج بها في أحداث الفتن والحروب والنزاعات التي باتت تعصف بكثير من دول العالم، لتصنع الرعب والخوف والقلق، وتؤسس لثقافة الإرهاب والتمرد على القوانين وعدم تقبل الآخر في حياة الطفولة، لتبدو على السطح أحداث كثيرة ومساوئ متعددة، كنتاج لهذا الانقسام العالمي المشين في توفير الحماية للطفولة، وعدم الزج بها في معمعة الخلافات السياسية والتشنجات الفكرية والأيديولوجيات المذهبية، والمظاهرات المعادية للأوطان والإنسانية والاستقرار، والتي تستهدف الترويج للأفكار الأحادية والانماط التقليدية والمذهبيات الحاقدة والمواقف المزاجية، بما انتجته من ممارسات باتت تتعرض لها الطفولة في العديد من بلدان العالم، وما انتشار الظواهر المتعلقة بالتحرش الجنس بالأطفال، وأطفال الشوارع الذي يعيشون بدون مأوى، وأطفال الملاجئ، وحالات الإعاقة بين الأطفال، والاتجار بهم في مناطق الحروب، وظاهرة جنوح الأحداث والتي تشير تقارير المركز الوطني للإحصاء إلى أن عدد الجناة الأحداث بالسلطنة في العمر (9-17) سنة 765 طفلا، 2016 م، وهو ما نسبته (3.7%) من مجموع الجناة، والعنف الأسري على الطفولة، والابتزاز الإلكتروني، والاستفزاز مع سبق التهديد لحياة الطفولة وغيرها من الممارسات التي باتت تضرب بالاتفاقيات الدولية عرض الحائط، وتعطي مساحة أوسع للتفكير السلبي في إيذاء الطفولة واستغلالها السلبي.
وعليه، فقد باتت هذه الممارسات تضع العالم اليوم وهو يحتفل باليوم العالمي للطفولة، الذي يصادف العشرين من نوفمبر من كل عام، لترتب عليه مسؤوليات أخلاقية وقانونية وإنسانية واجتماعية وفكرية في إعادة آليات تعامله مع الطفولة، والوقوف أمام كل الممارسات والتناقضات التي باتت تشوه هذه الصورة الإيجابية التي يفترض أن تقوم عليها رسالة المنظمة الدولية المعنية بالطفولة خاصة وبحقوق الإنسان بشكل عام، وتأكيد الالتزام العالمي بميثاق أخلاقي وقيمي يتفق عليه الجميع، ويلتزم تحقيقه بما يتناسب مع خصوصية وظروف كل دولة، ومعنى ذلك أن التأكيد على إعادة النظر في الممارسات العالمية الموجهة للطفولة، وتفعيل بنود ومواد ونصوص اتفاقية حقوق الطفل وغيرها، يستدعي التزاما أخلاقيا، بالوصول إلى سقف توقعات الطفولة من الأمن والأمان والاستقرار الذي يفترض أن تحصل عليه، ويتعدى هذا الاهتمام إلى سن التشريعات أو تفعيل القوانين القائمة منها في منح الطفولة حقوقها الفكرية وحقها في الرأي والتفكير والتعبير والحوار والمناقشة والمناظرة والمعارضة والنقد البناء، ناهيك عن حقها في توفير مساحات الأمان لها في ظل تعليم عالي الجودة محقق للهدف مؤسس للمهارة مؤطر للإيجابية، متناغم مع قناعات الطفولة وطموحاتها، ليتسع هذا الأمان فيشمل الرعاية الاجتماعية والصحية والتمكين الاقتصادي الأولي، وحقه في الحصول على الغذاء والطعام والماء وغيرها من أساسيات الحياة بدون أي عاق.
إن من بين الأمور التي يجب أن يتنبه لها العالم عامة هو دخول حقوق الطفولة وحضورها في الاستراتيجيات والخطط والبرامج التنموية بالشكل الذي يضمن استمرارية دورها لبناء مستقبل التنمية واستشراف طبيعة التحولات الحاصلة فيه، وبالشكل الذي يحفظ للطفولة هويتها ومواطنتها وولاءها وانتماءها، ويؤسس فيها القدرة على التحليل والتفكير والرصد والابتكار والبحث، ويؤسس فيهم المفاهيم الإيجابية حول أنفسهم والعالم من حولهم، وفي قراءة أحداثه ومواقفه، على أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن واقع الطفولة يستدعي اليوم عدسة مكبرة تقرأ واقع الطفولة وتستشرف مستقبلها بكل عمق ومهنية، فمع التأكيد على أهمية تفعيل القوانين والمعاهدات والبروتوكولات الدولية المعنية بحقوق الطفولة فيما أشرنا إليه في الجوانب الفكرية والنفسية والجسدية والصحية والعاطفية، فإنها بحاجة لأن تجد البيئة الإنسانية والأخلاقية الواعدة لنمو أفكارها وتنمية مواهبها واحتضان اهتماماتها، وهو ما لا يتم إلا إذا أدرك العالم أهمية التوازن في البناء الفكري والوجداني للطفولة عبر توفير البيئات الترويحية والتسويقية والجمالية والتعليمية والتثقيفية التي تستطيع من خلالها أن تمارس أدوارها بعمق، وتتميز في إنتاجيتها بمهنية، وتبدع في ممارساتها بفاعلية.
ويبقى أن نشير إلى أن الحديث عن الطفولة في عمان يؤسس لمرحلة متفردة في التعامل الواعي المسؤول مع حقوق الطفل، فقد أدركت القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم هذه القيمة المضافة التي يشكلها الشبيبة في حياة الأمم والمجتمعات، فكان الاحتفاء بعام الشبيبة العمانية في ثمانينيات القرن الماضي تأكيدا على الحضور الاستراتيجي للطفولة في واقع النهضة وعملياتها وتشريعاتها، لذلك كانت العناية بالطفولة إيذانا بمرحلة الإنتاجية وصناعة الرأسمالي البشري، ظهر ذلك جليا في انضمام السلطنة للاتفاقية الإطارية لحقوق الطفل عام 1989، وما تبعها من اتفاقيات وبروتوكولات دولية وإقليمية في هذا الشأن، وعززت السلطنة هذا النهج باحترام هذه الاتفاقيات، وجعلت له قوة السند التشريعي الوطني عبر ما أوجدته من بنى مؤسسية تعنى بالطفولة وتضع لها الأجندة التي تدرس واقعها وتوفر احتياجاتها وتسمو بخيالاتها وتضمن وصول البرامج والفرص لها عبر التعليم والتدريب والإعلام وتوفير المبادئ والأخلاقيات التي تنطلق من الشريعة الإسلامية، وأوجدت الاستراتيجيات والقوانين التي تترجم توجهات الدولة ورؤيتها في هذا الجانب، وتعكس التزامها ببنود هذه الاتفاقية وغيرها، ومنها: قانون الطفل الصادر بالمرسوم السلطاني (22/2014)، وقانون مساءلة الأحداث الصادر بالمرسوم السلطاني (30/2008)، بالإضافة إلى اللوائح التنظيمية والتنفيذية ومنها: اللائحة التنظيمية لدور الحضانة (212/2012)، واللائحة التنظيمية لدار توجيه الأحداث (259/2013) واللائحة التنفيذية لقانون الطفل (125/2019) وغيرها، والتي شكلت بمثابة موجهات وطنية ومرجعيات لتعزيز أحلام الطفولة والمحافظة على استمراريتها واستدامة حقوق الأجيال القادمة.
ومع أن المرجعية التشريعية للطفولة بالسلطنة في وزارة التنمية الاجتماعية؛ إلا أن التكامل القطاعي والمؤسسي عزز من تنوع الحزم التطويرية الموجهة للطفولة، وسعت المؤسسات ذات العلاقة إلى بناء هذه الرؤية الوطنية المتكاملة كل في اختصاصاته، واوجدت المحاكم الضبطية المتخصصة في رعاية الأحداث والتعامل مع قضايا الطفولة وخصوصيتها بكل مهنية، ومع ذلك لا ينبغي أن يُفهم من هذه التعددية والاتساع في الجهات المشرفة والمتابعة للطفولة؛ إلا تقوية جانب الشراكة العملية الموجهة للطفولة، والبحث عن إطار وطني شامل مرن يسع جميع الجهات الحكومية والخاصة ويؤسس فيما بينها فرص التنسيق والمتابعة في كل ما يتعلق بحقوق الطفولة ورعايتها ثقافيا واجتماعيا وأسريا وأمنيا وفكريا وأخلاقيا وتعليميا وغير ذلك.
ومع إيماننا بما يُبذل من جهود في سبيل توعية المجتمع بمسؤولياته نحو الطفولة، سواء كان في دور الوالدين والأسرة أو المجتمع بما يحويه من مؤسسات كالمسجد والنادي والمدرسة والشارع والمركز الشبابي والثقافي والاجتماعي والرياضي وغيرها؛ إلا أن التأكيد أيضا على أهمية حضور الطفولة في واقع المنجز المادي الطريق لإعادة التوازن في هذا المسار وتحقيق إنتاجيته، عبر التوسع في المرافق والمنشآت الاجتماعية والثقافية والتعليمية والتدريبية والترويحية الموجهة للطفولة، وتوفير البيئات الترويحية وألعاب الترفيه في المتنزهات السياحية والرياضات المختلفة التي تشغل وقت الطفولة وتستثمر فيه موهبها كالرياضة والسباحة والفروسية وغيرها كثير، فإن حالة الشح غير المبررة التي تبرز في هذا الجانب وضعف المتاح من بدائل للطفولة، تستدعي اليوم البحث عن استراتيجية وطنية إطارية لتقييم المنجز المادي الملموس للطفولة، ومدى توافر البيئات الجاذبة والحاضنة للطفولة في مختلف ولايات السلطنة، ومستوى التنوع فيها ومساحة الاستفادة منها، وقدرتها على توفير ضمانات الأمن والسلامة لحياة الطفولة وهم يمارسون هذه الألعاب، وتوفير اشتراطات الأمن والسلامة للطفولة في العمليات الإنشائية والهندسية للمدارس الحكومية ومراكز التعليم والمباني السكنية والتجارية والفنادق والمدارس الخاصة، والمرافق العامة والمتنزهات والشواطئ عبر اشتراطات واضحة تتسم بالمرونة والتيسير والشيوع، بالشكل الذي يؤسس لحضور نوعي للطفولة فيها، بحيث تستشعر بما يقدم لها من فرص وكيفية توظيفها في صناعة لحن الطفولة القادم.
لقد أظهرت إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن عدد ساعات الإرسال التلفزيوني والإذاعي لبرامج الأطفال بلغ 2,468 ساعة عام 2016 م شكل ما نسبت منها (86%) للبرامج التلفزيونية (الحكومية والخاصة)، وهي مؤشر يظهر تدنيا في أعداد هذه البرامج في سد الفجوة والفراغ الوطني الحاصل، بما يؤكد الحاجة إلى مزيد من التطوير والتحسين والتوسع فيها، عبر إيجاد فنوات إعلامية وطنية متخصصة للأطفال تراعي في محتواها وعملياتها الإدارية والتنظيمية حضور الطفولة الواسع، لتكون منصة إعلامية اجتماعية تسويقية وطنية لمواهب الطفولة واستعداداتها وملكاتها والتعبير عن رأيها في الكثير من القضايا اليومية والاستهلاكية والاجتماعية والأسرية التي تهم الطفولة، بالإضافة إلى ضمان توجيه ونقل اهتمام الطفولة العمانية إلى القنوات والفضائيات الإعلامية المحلية الذي يحمي الطفولة من كل المشوهات الإعلامية والفكرية التي باتت توجه في قنوات الأطفال الأخرى، وتؤسس فيها المفاهيم والأفكار التي تتجانب مع هوية المواطن العماني والقيم الاجتماعية الأصيلة التي تحتاجها الطفولة العمانية اليوم؛ وتبقى الثقة في المنتج الإعلامي المقدم للطفولة والكفاءة في إدارته واقترابه من طموحاتها وتناغمه مع تفكيرها واستفادته من أدواتها، الطريق السليم لحفظ هوية الطفولة العمانية وكيانها وإعادة تصحيح الممارسات والأفكار والمفاهيم التي باتت تتلقاها الطفولة من بعض الفضائيات الإعلامية المسيّسة ومنصات التواصل الاجتماعي والواتس اب وغيرها.
ومعنى ذلك أن البحث في عالم الطفولة في عمان يجب أن يتجه إلى تحقيق هذه التوازنات عبر تجسيد رؤية عمان في بناء الإنسان والذي انتهجته السلطنة كأولوية وطنية وخيار استراتيجي، نابع من إدراكها العميق بموقع الطفولة في السلم الاجتماعي، والقيمة النوعية في الاستثمار في الطفولة لمستقبل الوطن والمواطن، وما التزمته في سبيل تحقيق هذا الشأن من الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الطفل أو عبر البنية التشريعية والتنظيمية المتكاملة التي أسستها لرعاية الطفولة، وتبقى عملية تجسيد هذا الالتزام والتشريعات لواقع عملي من خلال التوسع في المؤسسات المعنية بالطفولة التحدي الأكبر الذي ينبغي أن تتجه له الجهود، وأن تتفاعل معه أجندة العمل الوطنية، وأن يتخذ فيه القرار الحاسم والسريع عبر ترجمة فعلية لها على الأرض، تستجيب لطموحات الطفولة وترانيمها لبناء عالم النقاء والسلام.