بإعلان الفائز بجائزة اليونسكو ـ السلطان قابوس لصون البيئة لهذا العام، تواصل هذه الجائزة نشر رسالتها السامية في هذا العالم، واضعة الجميع (حكومات وشعوبًا وقطاعات العمل والإنتاج) أمام مسؤولياتهم الأخلاقية تجاه ركن مهم وأساس من أركان الحياة والصحة في جميع جوانبها، ومبينة قيمة البيئة في حياة الإنسان والحيوان والنبات، وارتباط سلامة هؤلاء وصحتهم بسلامتها وصحتها، وحاثة على إيلائها الاهتمام الذي يليق بها، والبعد عن كل أسباب المساس بها، والامتناع عن الاعتداء عليها.فقد أعلنت معالي أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ـ اليونسكو ـ أمس منح جائزة اليونسكو ـ السلطان قابوس لصون البيئة لعام 2019 إلى صندوق أشوكا للأبحاث في مجال الإيكولوجيا والبيئة (ATREE) بجمهورية الهند بناءً على توصية لجنة التحكيم الخاصة بالجائزة. وكما جرت العادة أن لجنة التحكيم لا تمنح الجائزة إلا لمن يستحقها بموجب الشروط والاعتبارات الخاصة بالبيئة ومجالات صونها والحفاظ عليها، والتي وفقها يتم منح الجائزة، فمن المؤكد أن صندوق أشوكا للأبحاث توافرت لديه الشروط والاعتبارات لينال شرف الفوز بهذه الجائزة، حيث جاء منح الجائزة لهذه المؤسسة نظير جهودها المجيدة في صون البيئة على المستوى الاجتماعي، وتنوع أنشطتها المتعلقة بالتنمية المستدامة، وتعزيز سبل العيش المستدامة عبر إنجاز مجموعة واسعة من الأعمال البيئية تشمل النظم الإيكولوجية في جبال الهيمالايا، وغابات جاتس الغربية المسجلة ضمن محميات المحيط الحيوي ومواقع التراث العالمي لليونسكو، والأراضي العشبية في كوتش والأراضي الرطبة في تاميل نادو وكيرالا، والمناظر الطبيعية الحضرية في ولاية كارناتاكا وتاميل نادو، بالإضافة إلى العديد من أنشطة صندوق أشوكا للأبحاث في مجال الإيكولوجيا والبيئة للتوعية والتدريب في مجال صون البيئة.وبالنظر إلى طبيعة الجهود لصندوق أشوكا للأبحاث التي بموجبها استحق الفوز بالجائزة، نقف على القيم والمبادئ والأخلاق والجوانب الإنسانية والتنموية والحضارية والتاريخية والتراثية التي تحملها جائزة اليونسكو ـ السلطان قابوس لصون البيئة، وكذلك الحرص على تنظيم العلاقة بين البيئة والإنسان، وذلك من خلال التشجيع الخلاق والبناء على كل ما من شأنه أن يحفظ البيئة ويحميها، سواء كان ذلك عند ممارسة الأنشطة الإنتاجية والعملية والحياتية، أو عند العزم على إقامة المصانع والمنشآت، أو ما يتعلق بجانب التدريب والتعليم البيئي، والأبحاث الخاصة بالسلامة البيئية والصحية، وكذلك التشجيع على إنشاء محميات المحيط الحيوي وإدارتها، ومواقع التراث العالمي الطبيعي والحدائق الجيولوجية العالمية.لا أحد ينكر اليوم أن ما أصاب البيئة من خلل كبير جراء الاعتداء السافر عليها، ما أدى إلى نشوء ظواهر وتغيرات مناخية، واحترار كوكب الأرض، والجفاف والتصحر، وكذلك حدوث البراكين والأعاصير وانصهار الجليد وغيرها من الظواهر الطبيعية الصعبة، كل ذلك لم يحدث مصادفة وإنما بفعل فاعل، فردًا كان أو مؤسسة أو مصنعًا أو دولة وحكومة، حيث طغيان الأنانية، والرغبة المفرطة في الاقتصاد والحصاد غير المراعي للسلامة البيئية، وسوء استخدام مقوماتها ومكوناتها ومرافقها.إن جائزة اليونسكو ـ السلطان قابوس لصون البيئة تمثل الجانب المشرق والحضاري للسلطنة، وتعكس حرصها على السلام الشامل ليس بين بني البشر فقط، وإنما بينهم وبين بيئتهم التي يعيشون عليها وأهمية التسامح معها وحفظ حقوقها بعدم الاعتداء عليها، والحفاظ على صحتها وسلامتها وديمومتها.