[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
دعا لهم رسول البشرية (رحم الله أهل الغبيراء ـ أي أهل عُمان ـ آمنوا بي ولم يروني)، ذكرهم أبو بكر الصديق في خطبة (معاشر أهل عُمان، إنكم أسلمتم طوعا، لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف، ولا عصيتموه كما عصاه غيركم من العرب، ولا ترموا بفرقة ولا تشتت شمل، يجمع الله على الخير شملكم). ويشهد التاريخ أن مفهوم الدولة بمقوماتها لم يعرفه من العرب سوى مصر واليمن وعُمان والمغرب، والبقية أسست وسميت ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.
كان لمرجعية أهل عُمان الإسلامية وتمسكهم بالدين الأثر الطيب في حسن ضيافة الغرباء، وكان لبشاشة الوجوه وحفاوة اللقاء وصفاء النفس، أن جاءت السلطنة ضمن البلدان الخمسة الأكثر ترحيبا بالغرباء في العالم، وفقا لاستطلاع رأي أجرته شبكة إنترنيشنز العالمية.
ما عليك إلا أن تترجل في شوارعها أو تشق دروبها لتجد أكثر من 175 جنسية بمختلف أطيافها وتقاليدها وعقائدها ودياناتها، وبمطلق الحرية في أزيائهم إلا ما يخدش الحياء العام، الجميع يمارس طقوسه وعباداته، حيث يوجد المسجد كما توجد الكنيسة كما يوجد المعبد، تتمتع الجاليات الأجنبية بكافة أنشطتها الاجتماعية والترفيهية في نواديها، وتتعلم في مدارسها الخاصة المنتشرة في كافة ربوع السلطنة طبقا لأعدادها.
لك أن تقترب من شواطئها الممتدة على كافة حدودها، ستجد المئات من أسر الجاليات وأفرادها يستمتعون بتجمعاتهم ونقاء الشواطئ وصفاء البيئة، باتت السلطنة أرضا ثرية بعمق المودة والتراحم والتآخي، مكنت الكثير من الغرباء من سهولة الاندماج في المجتمع وإقامة علاقات مستديمة.
ستتعجب عندما تعرف أن عدد المطاعم والمقاهي في سلطنة عمان تعد أكثر من أي مدينة أخرى طبقا لعدد السكان، ورغم ارتفاع تكاليف المعيشة تعد السلطنة من البلدان ذات تكاليف معيشة منخفضة في الشرق الأوسط، مع توافر جميع الخدمات والسلع بكافة مستويات أسعارها.. الغريب أن الاكتشافات الحديثة أكدت وجود الإنسان العماني على حدوده منذ القدم، وتعد المدن العمانية من أوائل المدن المأهولة بالسكان منذ العصر الحجري؛ أي منذ أكثر من 10 آلاف سنة، واستوطنها البابليون والآشوريون فترات من التاريخ، ومع ذلك تعد السلطنة من الدول قليلة السكان، إذ يعيش على تلك الأرض حوالي 4.8 مليون نسمة، يبلغ الوافدون منهم 43.7%، ولم أجد إجابة عن قلة عدد العمانيين رغم زيادة معدل الخصوبة لديهم.
اللون الأبيض هو الغالب على أزياء الرجال العمانيين، كذلك على قلوبهم، اللون الأبيض وحَّد بين الجميع من وزيرهم حتى خفيرهم، كما اعتلى اللونين الأحمر والأخضر في علم السلطنة، معلنا النقاء والمحبة والحياد والتعامل المحترم مع كافة بشر العالم، ومن ألوان المحبة والتحدي والنماء، إلى اللون الأسود رمز الحشمة والوقار والعفة لماجدات عُمان، يشعرك عندما تتنقل العيون بين الأبيض والأسود أن النقاء يحتوي العفة في نسق ينساب بين تناغم اللحن ونسائم البحر.
مع كل هذا المناخ المفعم بالإنسانية والمودة والرحمة، ومع كل أعداد الغرباء على أرض السلطنة، والمستميتون في البقاء للعيش فيها، ما زالت "هيومن رايتس ووتش" ـ كما تفعل مع أغلب الدول لابتزازها ـ تصدر تقاريرها بإصلاح نظام الكفالة، والإتجار في البشر والحماية القانونية لعاملات المنازل، رغم أن القوانين العمانية رادعة ومطبقة بكل حسم في حالة أي تجاوز في حق الوافد قبل المواطن.
لم تكن إشادات آلاف المقالات ومئات الكتب، ولم تكن ساعات البث التي تشيد بالإنجازات المعجزة على أرض السلطنة هي التي توقر المكانة الراقية لشعب عمان وقائدها الفذ وأرضها الندية، لكن عندما تدير محركات البحث، وتذكر سلطنة عمان تجدها المرادف للطيبة وحسن الخلق والتسامح، أرضا نظيفة وشعبا أنظف.. وعند أي حوار أو معترك سياسي لا تجد سوى الذكر الطيب لشعب طيب، لا تجد سوى الاحترام الراقي لمقام جلالة السلطان قابوس السامي.. نعم تلك الدولة لا تحتاج إلى دعاية أو شراء مساحات في وسائل الإعلام كي تتحدث عن نفسها، بكل صدق لك أن تعرفها في عيون قاطنيها وزائريها وسائحيها وكل من عاش فيها.
أهل عُمان.. كفاكم من الورى دعاء سيد الخلق، وكفاكم من التاريخ حضارتكم ومجدكم، وكفاكم من الحاضر شاهق بنيانكم وطيب إنسانكم، كفاكم قائدا لم يجُد الزمان بمثله، وكفاكم أن تحصدوا للمستقبل ما زرعتموه من طيبة وسماحة وخلق ومثل وعمل.. رحم الله أهل عُمان ودام عزها وأفراحها.