تحتفل السلطنة بيوم النهضة المباركة التاسع والأربعين المجيد الذي يصادف 23 يوليو ذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم مقاليد الحكم في عمان في عام 1970م، ونحن على أعتاب اليوبيل الذهبي في العام القادم بإذن الله، نرفع أكف الضراعة إلى العلي القدير أن يكلأ جلالته بعين رعايته وحفظه ويسبغ عليه نعماءه ويمده بالعمر المديد إنه تعالى سميع مجيب، وعندما نتحدث عن هذه الذكرى المجيدة فنحن لا نتحدث عن واجب وطني يحتم علينا الاحتفاء بها فحسب بل تجديدا للعهد والوفاء بين هذا الشعب وهذا الوطن وقائده المفدى، ومن هذا المنبر الوطني نعاهد الله والوطن والسلطان أن نكون أوفياء لهذا الوطن وقائده ونجدد العهد والولاء.
مطلع 23 يوليو من عام 1970م شاءت إرادة المولى عز وجل أن يهب لهذا الوطن قائدا تاريخيا بصبغة عمانية خالصة امتزجت بالحكمة والفكر المستنير والارتباط الوجداني مع شعبه الذي أحبه واستبشر بقدومه بالافراح فكانت تلك البداية عنوانا للمستقبل، ولقد وعد جلالته شعبه بحياة كريمة فكان الوفاء وكان الوعد الصادق بين جلالته وأبناء شعبه، ورغم غياب عمان الطويل عن العصر الحديث والتطور إلا أن التحول الحضاري جاء سريعا بعناية إلهيه شكلتها عناصر الطبيعة العمانية فهناك قائد كريم يحمل معاني القيادة الحكيمة والتصميم على جعل هذا الشعب ينعم بحياة سعيدة والاصرار على قيام نهضة عملاقة انتشرت في ربوع عمان، وهناك شعب عظيم استلم الرسالة وتصدى لهذه المرحلة التاريخية فتشكلت تلك المنظومة الوطنية وناضل العمانيون من أجل الوطن في ركب النهضة.
في هذه الذكرى المجيدة يحتفل أبناء عمان عرفانا بما قدم هذا القائد لوطنه بعد غربة طويلة لهذا الوطن وهذا الشعب، غربة تجسدت في وطنه وغربة خارج وطنه، فجاء يوم 23 يوليو عام 1970م لينهي عهدا غابرا وينشر عهدا من الرخاء والامان والاطمئنان، لذا فالاحتفاء هنا لا يأتي بما تحقق من منجزات على مختلف الأصعدة بل يأتي وفاء” لهذا التحول التاريخي الذي رسمه جلالته وعمان كانت تعيش في وضع شاق وصعب لعقود من الزمن، فاقتضت الحكمة السلطانية أن تحتوي هذا الشعب في وطن واحد بعيدا عن التحزبات المناطقية والقبلية وبعيدا عن الاختلافات الفكرية التي جسدت واقعا مريرا قبل النهضة المباركة دفع فيه أبناء عمان ضريبته من دماء أبنائها، فجاء فجر قابوس لينهي كل تلك الاختلافات والتجزئة المناطقية وقاد شعبا واحدا لا خلاف ولا شقاق ولا فتن، فانتهت بعون الله مظاهر المواجهات الداخلية واحتوت حكمة جلالته تلك الحالة الشعبية المتشظية فانطلق الجميع في ركب هذه النهضة العظيمة في حياة عصرية كريمة.
إن 23 يوليو المجيد ليس يوما لاستذكار المنجزات المادية فهذا من صلب الحركة الوطنية في كل مكان وزمان ولكن هذا اليوم يمثل مناسبة مهمة لتجديد العهد والولاء والوفاء لهذا الوطن وقائده المفدى الذي رسم بقيادته الحكيمة معالم النهضة وكرس مبادئ عمانية خالصة، فهذه عمان اليوم بعيدة عن الصراعات الدولية تقدم نموذجا فريدا بنشر رسالة السلام والامن في ربوع المنطقة ليقدم الانسان العماني النموذج الاستثنائي في الحكمة والهدوء والاتزان، وهذا لا يتأتى إلا بصبغة عمانية خالصة رسمها الفكر السامي فكانت عمان في صدارة الدول المطمئنة بالامن والسلام وكان العماني نموذجا لهذا التوجه السديد، وبالتالي فقد شكلت علاقات السلطنة الخارجية صورة مشرقة وحظيت بالاحترام والتقدير أينما وجد اسم عمان والعمانيين وهذا لا يأتي من فراغ، لذا فقد أصبحنا اليوم نباهي ونفاخر بهذا النهج السديد والقيادة المستنيرة التي تعمل من اجل السلام والاستقرار. بلا شك ان الهموم الوطنية ماثلة في كل بلد وهذه المعوقات لا يخلو منها وطن على وجه الأرض، وهذه حقيقة ماثلة أمام العالم ولكن الوازع الوطني يحتم على الجميع الايجابية والتفاؤل والعمل فيما يمكن تقديمه ولو بالكلمة الطيبة والابتعاد عن السلبية التي لا تقدم للأوطان إلا مزيدا من السلبية، بالمقابل نمعن النظر في هذا الوطن كيف كان وكيف أصبح بعد النهضة في مختلف مجالات العمل الوطني، والتميز العماني في اطار العلاقات الدولية ورسالة السلام والامن التي حققتها السلطنة، والأهم من هذا كله البناء المعنوي والفكري للانسان العماني وما وصل إليه، والعلاقات الابوية التي رسخها هذا القائد مع شعبه، وجهوده العظيمة في البناء فرسم معالم الطريق لمستقبل عمان والذي سيمتد لمستقبل قادم بعون الله، فبوصلة جلالته التي وجهها منذ 23 يوليو 1970م لعمان وما زالت مستمرة قادرة بعون الله على الاستمرار بنفس الاتحاه لعقود قادمة، حفظ الله عمان وحفظ هذا القائد العظيم، فكان صوتا للنهضة نادى ليهب العمانيون جمعا وفرادى، وما زال ركب النهضة ماضيا في ظل جلالته أعزه الله .


خميس بن عبيد القطيطي
[email protected]