مرحلة الطفولة بما تحمله من ذكريات ودروس هي بمثابة اللبنة الأساسية التي يستند عليها بناء شخصية الفرد في كافة النواحي العلمية والعملية، ويجب غرس القيم الحميدة وإكساب الطفل المعرفة والعلوم، بحيث ينمو فكريا وثقافيا، هذه القضية واحدة من القضايا التي تشغل المهتمين بمجال التربية، سواء على النطاق الأسري أو المجتمعي، المتمثلة في جهود مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة، والجهود التي تبذل من أجل تعزيز هذه الفئة وتمكينها في المجتمع دليل على أهمية هذه المرحلة وتأثيرها البالغ في مسار المراحل الأخرى لدى الأفراد.التنشئة الاجتماعية هي العملية التي يتم فيها غرس القيم والمبادئ والتوجهات لدى الطفل، بحيث يتم تحويله إلى كائن اجتماعي محمل بمنظومة فكرية وأخلاقية، هذه العملية التي يجب أن تقوم بها الأسرة في المقام الأول ومؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى كالمدرسة والنادي والمسجد وجماعات الأقران وغيرها من المؤسسات الثقافية والتعليمية، وتعد عملية هامة بحيث هي فرصة لينطلق الطفل لمحيطه المصغر ثم الأوسع، ويخرج طاقاته الكامنة ويتعلم كذلك مما لدى الآخرين.إن عملية تزويد الطفل بأعلى مستويات المعرفة والعلوم عملية مشتركة ومسؤولية ضخمة على الجميع الإسهام فيها، ففي أدوار الوالدين في هذا الصدد فإنها تنصب حول الدعم والتشجيع والمساندة والتوجيه برفق حول مصادر المعرفة، التي على الطفل التزود منها، أولى هذه المصادر المخزون الثقافي المادي وغير المادي للمجتمع، الذي ينتمي إليه بحيث يكون مطلعا عليه واعيا ومفتخرا بالإنجازات، ثم يخوض بعدها في رحلة تزود من العلوم الأخرى، هنا يحفز الوالدان أبناءهم في قراءة الكتب والاستماع إلى البرامج التعليمية والتثقيفية التي تبث خصيصا لهم، ويصطحبونهم في زيارات للمكتبات والمتاحف والأماكن والفعاليات الثقافية للتعلم والاستكشاف مع وجود التوجيه والارشاد القائم على المحبة منهما، أما عن أدوار مؤسسات المجتمع الأخرى فيكمن في القيام ببرامج توعوية وتثقيفية وترفيهية محملة بكم هائل من المعارف خصصت للطفل دون غيره من الفئات.فبعد عملية تثقيف الطفل في مختلف المجالات ومساعدته في تكوين محتوى راقي يتناسب مع ميوله وتوجهاته، يأتي دور ذلك الطفل في التأثير والعطاء في المجتمع، الذي قدم له الكثير، تأتي مرحلة عكس المحتوى الفكري والمهاري الذي تزود به سواء بتأثيره الإيجابي على أقرانه المحيطين به أو آخرين على بعد مسافات شاسعة منه ، لا يقتصر التأثير فقط على من هم في نفس مرحلته العمرية فقد يكون التأثير على آخرين يكبرونه عمرا، كل ذلك يعتمد على ما يقدمه ذلك الطفل من محتوى، ليظل بناء الطفل وصقله وسيلة لرقي المجتمع، فنحن بهذه الجهود ننشئ جيلا مثقفا، قادرا في الغد على قيادة زمام الأمور بوعي وإدراك، ويصبح هذا الجيل المثقف الواعي من أهم العناصر التي يراهن عليها المجتمع ومن أهم الأسلحة التي يستطيع بها المجتمع مقارعة الشعوب والمجتمعات الأخرى.خالد بن خليفة السيابي