محمود عدلي الشريفنسكمل معك ـ عزيزي القارئ ـ ما تبقى من سلسلة وفود رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. واليوم مع (وفد بني أسد)، حيث قدم عشرة رهط من بني أسد بن خزيمة على رسول الله )صلى الله عليه وسلم( في أول سنة تسع (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 6/ 266)، وقيل: وفد بني أسد (محرّم 9هـ)، (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار، ص: 525)، وجاء في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 21/ 608)، وقيل: وقدم وفد بني أسد وهم عشرة رهط فيهم وابصة بن معبد، وطليحة بن خويلد، وذكره وزاد (زاد المعاد في هدي خير العباد 3/ 572): وَرَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ مُتَكَلِّمُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا شَهِدْنَا أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَجِئْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَمْ تَبْعَثْ إِلَيْنَا بَعْثًا، وَنَحْنُ لِمَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات ـ 17)، وَكَانَ مِمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ:(الْعِيَافَةُ وَالْكَهَانَةُ وَضَرْبُ الْحَصَى، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ كُنَّا نَفْعَلُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَرَأَيْتَ خَصْلَةً بَقِيَتْ؟ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالُوا: الْخَطُّ، قَالَ: عُلِّمَهُ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَمَنْ صَادَفَ مِثْلَ عِلْمِهِ عَلِمَ)، وفي كتاب (التحرير والتنوير 26/ 263)، وَكَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ سَنَةَ جَدْبٍ بِبِلَادِهِمْ فَأَسْلَمُوا وَكَانُوا يَقُولُونَ للنبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَتَتْكَ الْعَرَبُ بِأَنْفُسِهَا عَلَى ظُهُورِ رَوَاحِلِهَا وَجِئْنَاكَ بِالْأَثْقَالِ وَالْعِيَالِ وَالذَّرَارِيِّ وَلَمْ نُقَاتِلْكَ كَمَا قَاتَلَكَ مُحَارِبُ خَصَفَةَ وَهَوَازِنَ وَغَطَفَانَ، يَفِدُونَ عَلَى رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَيَرُوحُونَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ وَيَمُنُّونَ عَلَيْهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَصْرِفَ إِلَيْهِمُ الصَّدَقَاتِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَاتِ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ، وذكر السيوطي في (الدرر المنثور 6/ 38): وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي وَائِل: أَن وَفد بني أَسد أَتَوا النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَالَ: من أَنْتُم فَقَالُوا: نَحن بَنو الزِّينَة أحلاس الْخَيل، فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم): أَنْتُم بَنو رشدة فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ بن عَامر: وَالله لَا نَكُون كبني المحوسلة وهم بَنو عبدالله بن غطفان كَانَ يُقَال لَهُم بَنو عبدالْعُزَّى بن غطفان، فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) للحضرمي: هَل تقْرَأ من الْقُرْآن شَيْئا قَالَ: نعم فَقَالَ: اقرأه فَقَرَأَ من (عبس وَتَوَلَّى) مَا شَاءَ الله أَن يقْرَأ ثمَّ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي منَّ على الحبلى فَأخْرج مِنْهَا نسمَة تسْعَى بَين شراسيف وحشا .. فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا تزد فِيهَا فَإِنَّهَا كَافِيَة أو إنته فقد انْتَهَت السُّورَة وَالله أعلم، (الدر المنثور في التفسير بالمأثور 8/ 415)، وفي (مسند أبي يعلى الموصلي 4/ 250): عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفْدُ بَنِي أَسَدٍ فَتَكَلَّمُوا فَأَبَانُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَاتَلَتْكَ مُضَرُ كُلُّهَا وَلَمْ نُقَاتِلْكَ، وَلَسْنَا بِأَقَلِّهِمْ عَدَدًا وَلَا أَكَلِّهِمْ شَوْكَةً. وَصَلْنَا رَحِمَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَيْثُ سَمِعَ كَلَامَهُمْ: أَيَتَكَلَّمُونَ هَكَذَا؟، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِقْهَهُمْ لَقَلِيلٌ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِمْ) (حكم حسين سليم أسد: رجاله رجال الصحيح)، وكذا في (السيرة الحلبية: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون 3/ 329): وكأنه (صلى الله عليه وسلم) قال:(لو علمتم موافقته، لكن لا علم لكم بها، وأقاموا أياماً يتعلمون الفرائض، ثم جاؤوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فودعوه وأمر لهم بجوائز ثم انصرفوا إلى أهليهم)، وجمعه صاحب (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 5/ 211) فقال:(وقدم عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفد بني أسد ـ بفتح الهمزة والسين ـ ابن خزيمة, في سنة تسع ـ عشرة رهط فيهم وابصة بن معبد بن عتبة بن الحارث بن مالك بن الحارث بن مالك بن قيس بن كعب بن سعد بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي. وقال أبو حاتم: هو وابصة بن عبيدة, ومعبد لقب أبو سالم، ويقال: أبو الشعثاء، ويقال: أبو سعد، في وفود سنة تسع) (البداية والنهاية، ط إحياء التراث 5/ 102)، وروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وابن مسعود وأم قيس .. وغيرهم، وعنه ابناه سالم وعمرو، وغيرهما, نزل الجزيرة فروى أبو علي الحراني عن أبي عبد الله الرقي، وكان من أعوان عمر بن عبد العزيز، أنه بعث معه بمال، وكتب إلى وابصة أن يبعث معه من يكف الناس عنه، وقال لي: لا تفرقه إلّا على نهر جار، فإني أخاف أن يعطشوا، قال أبو علي: وما أظن هذا إلا وهمًا؛ لأن وابصة ما عاش إلى خلافة عمر بن عبدالعزيز، وهو كما ظنَّ، ولعلَّه كان في الأصل إلى ابن وابصة, قاله في الإصابة، وفي تقريبه وابصة ـ بكسر الموحدة ثم مهملة ـ ابن عتبة الأسدي، صحابي, نزل الجزيرة، وعاش إلى قرب سنة تسعين. وَكَانَ فيهم قَبيلَة يُقَال لَهُم بَنو الرثية، فَغَيَّرَ اسْمَهُمْ فَقَالَ: أَنْتُمْ بَنُو الرِّشْدَةِ. وَقَدِ اسْتَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَنْ نفادة بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ خَلَفٍ نَاقَةً تَكُونُ جَيِّدَة للرُّكُوب والحلب مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ مَعَهَا، فَطَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا إِلَّا عِنْدَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ فَجَاءَ بِهَا، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِحَلْبِهَا، فَشَرِبَ مِنْهَا وَسَقَاهُ سُؤْرَهُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهَا وَفِيمَنْ مَنَحَهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا. فَقَالَ: وَفِيمَنْ جَاءَ بِهَا) (انظر السيرة النبوية لابن كثير 4/ 170)، في طبقات ابن سعد: نقادة بالقاف، وله ترجمة في الاصابة، وذكره بالقاف وبالفاء، وكان فيهم طليحة بن خويلد الأسدي، كان من أشجع العرب، قدم على النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في وفد بني أسد سنة 9هـ، وبعد رجوعهم ارتد طليحة في حياة النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وادّعى النبوة، فأرسل إليه أبو بكر جيشاً بقيادة خالد وهزموا جيش طليحة الذي فرّ مع زوجته إلى الشام ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وبايع عمر بن الخطاب، ثم لحق بجيش المسلمين وأبلى في الجهاد بلاء حسناً حتى استشهد بنهاوند سنة 21هـ (البداية 6/318، الكامل 2/343 ـ 348، الأعلام 3/230). والمحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة (2/ 928)، مصنف ابن أبي شيبة (6/ 414).. وغيرها. *[email protected]