[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
كان أول إحصاء رسمي للمناطق الشمالية أجرته حكومة الاحتلال عام 1920 وظهر في الموصل 7635 يهوديًّا وفي أربيل 4800 يهودي، وكركوك 1400 يهودي والسليمانية 1000 يهودي. (أنظر يوسف رزق الله غنيمة، مصدر سابق ص184)، أما في إحصاء عام 1947، فكان هذا الإحصاء معتمدًا وتم الإعداد له بصورة جيدة من قبل الحكم الملكي، وما زال يعد من الإحصاءات المهمة، والذي تعود إليه الدوائر الرسمية حتى الوقت الحالي، كان عدد اليهود في المناطق الشمالية على الوجه الآتي: الموصل (10345) وكركوك (4042) أربيل (3109) والسليمانية (2271) ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه لا يمكن الجزم بدقة تلك الأرقام وبالأخص في المناطق الشمالية، بسبب صعوبة الوصول إلى جميع المناطق، إضافة إلى تعمد الكثير من العوائل والعشائر هناك على عدم إعطاء معلومات دقيقة، بسبب الخلافات المعروفة بين الأكراد والحكومة.
أما بالنسبة للنشاط الصهيوني في المناطق الشمالية فأشرنا إلى أنه بدأ مبكرًا، وكانت المنظمات الصهيونية تهدف إلى تهجير أكبر عدد ممكن من اليهود الأكراد لاستخدامهم في الزراعة، التي اتجهت إليها أنظار قادة الحركة الصهيونية على اعتبارها أهم مصدر اقتصادي في ذلك الوقت، وازدهار الزراعة يمثل عامل جذب لليهود الآخرين من أماكن أخرى، ومع بداية الحركة الصهيونية في العراق عام 1921 كان هناك التحرك الذي شمل المناطق الشمالية ويذكر حاييم كوهين في كتابه (النشاط الصهيوني في العراق ص77) أن النشاط الصهيوني خارج بغداد والبصرة كان ضئيلًا ومحدودًا، إلا أنه برغم ذلك لم تعدم الحركة الصهيونية وجود شخصيات يهودية، تمكنت أن تفعل الكثير من الأعمال لصالح الصهيونية سواء بجمع الأموال والتبرعات أو الحث على الهجرة، وقد حصل مثل ذلك في خانقين وكركوك وأربيل، ويذكر أنه في أواخر عام 1921 نصب إبراهيم ساسون نسيم الملقب بابراهام الكاتب نفسه وكيلًا لـ(الكيرن كيمث) في خانقين وكان مهووسًا بالصهيونية وبرغم خلافه مع رئيس الطائفة في خانقين، فقد تمكن من إرسال كمية من المال تعد كبيرة بالنسبة لأقلية يهودية ضئيلة العدد كالتي في خانقين، ويشير د. صادق حسن السوداني إلى أنه يبدو أن عددًا لا بأس به من يهود خانقين لم يتعاونوا، معه فوصفهم أكثر من مرة بأنهم يعارضون الصهيونية وأنهم (أميون) ونجح برغم ذلك في أرسال بعض المهاجرين إلى فلسطين، وظل نشاطه مستمرًا حتى عام 1935.(أنظر صادق السوداني، مصدر سابق ص62).
أما في أربيل فقد كان نوريئيل رئيس الطائفة هو مسؤول النشاط الصهيوني فيها، وأرسل مبالغ كبيرة إلى (الكيرن كيمث) وبسبب نشاطاته دعي لحضور المؤتمر الصهيوني الخامس عشر (المنعقد 1927م) إلا أن معرفة السلطات بذلك وبتحريض من المناوئين للصهيونية من الذين أدركوا حجم خطورتها مبكرًا، منعه من السفر لحضور المؤتمر الصهيوني المذكور.
وكان نوريئيل نشطًا في تحركاته، وكان يقول إن غالبية يهود أربيل ليسوا صهاينة، وكان لتحركاته أثر كبير في تنشيط الصهيونية هناك، ولو لم يكن هو رئيس الطائفة لكان النشاط الصهيوني هناك شبه معدوم، مثلما كان واقع الحال في العديد من المناطق الكردية لطابعها الزراعي، وضعف الاتصال بينها ومراكز اليهود التي تحرص على بث الوعي الديني، وخلق صلات مع الجماعات والطوائف اليهودية الأخرى، وقبل ذلك وفي عام 1935م أصيب النشاط الصهيوني بالشلل في أربيل، مثلما حصل ذلك في أنحاء العراق وفي عام 1925م جمعت التبرعات من يهود كركوك لـ(الكيرن كيمث) ومن نشيطي الصهاينة في كركوك إسحاق دانييل الذي كان نائبًا في بغداد منذ عام 1924م وكانت هناك اتصالات بين يهود بغداد ومجموعات صغيرة في (الخالص) لدرجة أن بعض يهود بعقوبة اشتروا أراضي في فلسطين عن طريق الجمعية الصهيونية في بغداد قبل حظر نشاطها (كوهين المصدر السابق ص71).