عن أطروحته حول ( النشاط التجاري للبانيان في عمان من عام 1744 وحتى عام 1970م )مسقط ـ "الوطن" :حصل الباحث إسماعيل بن أحمد بن هارون الزدجالي على شهادة الدكتوراه في التاريخ الحديث من كلية الآداب والعلوم الإجتماعية بجامعة السلطان قابوس حول أطروحة الدكتوراه التي تم إجازتها الخميس الماضي والتي حملت عنوان ” النشاط التجاري للبانيان في عمان من عام 1744 وحتى عام 1970م" حيث ترأس لجنة المناقشة الدكتور مجد محمد مصطفى عبدربه وضمت اللجنة الدكتورة ناهد عبدالكريم والدكتور سعيد بن محمد الهاشمي والأستاذ الدكتور محمد سالم غثيان الطراونة والأستاذ الدكتور زكريا أحمد محمد سعد ، وهدفت الدراسة التي نال عليها الباحث درجة الدكتوراه إلى التعرف على النشاط التجاري للبانيان في عمان خلال الفترة منذ قيام الدولة البوسعيدية في عام 1744م وحتى عام 1970م، وذلك كنموذج على استيعاب السوق العمانية للتجار من مختلف الأديان والأعراق منذ عصور تاريخية مبكرة، وتوضيح مدى استفادة هؤلاء التجار من البيئة التجارية المحفزة التي وفرتها لهم السوق العمانية في تنمية تجارتهم، مع إبراز الدور الذي قام به حكام الأسرة البوسعيدية في جعل الموانيء العمانية مركزا تجاريا مفتوحا جذب إليه التجار من مختلف الأجناس، فأصبحت الموانئ العمانية مراكز رئيسية في شبكة الملاحة العالمية زخرت بالسلع المتنوعة، إضافة إلى كونها معبراً للتواصل الحضاري بين الشعوب مما جعلها نموذجا حيا لما يطلق عليه حاليا بمصطلح العولمة بشقيها التجاري والثقافي ، استهلت الدراسة بتمهيد أبرز الأهمية التي أضفاها موقع عمان الجغرافي على طرق التجارة العالمية، في جعلها مركز جذب للتجار من مختلف شعوب وحضارات العالم لممارسة النشاط التجاري في موانئها منذ عصور تاريخية مبكرة، وكان من بين هؤلاء التجار الهنود البانيان الذين مارسوا التجارة في عمان منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد بفضل الصلاحيات التي منحتها لهم ديانتهم الهندوسية لممارسة التجارة وفقا لنظام الطبقات الذي قسمت عليه أتباعها، واستمرار نشاطهم التجاري منذ تلك الفترة وحتى قيام الدولة البوسعيدية على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي في عام 1744م .استعرض الفصل الأول من الدراسة العوامل التي أسهمت في ازدهار النشاط التجاري للبانيان وازدياد توافدهم على عمان خلال عهد الدولة البوسعيدية كما بين الفصل الأول مدى اندماج التجار البانيان في السوق العمانية بفضل ما استحدثوه من أنظمة، وما اتسموا به من مهارات في مجال التجارة والصناعات الحرفية، أسهمت في تقوية صلتهم بالتجار العمانيين، إضافة إلى ارتباطهم بعلاقات صداقة وتجارة مع حكام الأسرة البوسعيدية أتاحت لهم الفرصة للحصول على العديد من التسهيلات التجارية، وتمتعهم بالرعاية البريطانية التي أسهمت في رواج نشاطهم التجاري، وذلك نظرا لحرص السلطات البريطانية على منح رعاياها العديد من الحقوق والامتيازات في جميع المعاهدات التي وقعتها مع حكام الأسرة البوسعيدية، واستغلال التجار البانيان لافتتاح قناة السويس عام 1869م وظهور السفن البخارية في ميناء مسقط اعتبارا من عام 1874م ، في تعزيز دورهم في مجال النقل البحري وتكثيف نشاطهم في مجال التبادل التجاري بين عمان ودول العالم .وتطرق الفصل الثاني من الدراسة إلى الأسر التجارية المستقرة بعمان في ظل الدولة البوسعيدية، وأنشطتها التجارية التي ظلت مستمرة ومتوارثة عبر الأجيال منذ فترات تاريخية مبكرة حيث يعود وجود بعض تلك المؤسسات إلى مطلع القرن السابع عشر الميلادي، مؤسسة لما عرف بمصطلح الشركات العائلية التي تزايدت أعدادها في عمان حتى وصلت إلى ست وثمانين مؤسسة تجارية في عام 1964م ما زال أغلبها يمارس نشاطه التجاري حتى وقتنا الحالي، واستعرضت الدراسة بالتفصيل لتاريخ وجود حوالي اثنتي عشر أسرة منها، تم ترتيبها وقفا لأقدمية استقرارها في عمان وذلك حسب ما توفر من معلومات عنها، نظرا لعدم احتفاظ أغلبية التجار البانيان بالوثائق الخاصة بأنشطتهم التجارية.وتناول الفصل الثالث من الدراسة الأنشطة التجارية التي مارسها التجار البانيان في عمان خلال الفترة من عام 1744 وحتى عام 1970م، والتي تنوعت مجالاتها لتستحوذ تجارة السلع على النصيب الأكبر منها، فتولى التجار البانيان تصدير المنتجات العمانية إلى العديد من الأسواق العالمية كتمور الفرض التي تزايد الطلب عليها في الأسواق الأميركية ـ كما زود التجار البانيان السوق العمانية وأسواق الخليج والجزيرة العربية بأغلب احتياجاتها من السلع التي استوردوها من مختلف البلدان، إضافة إلى إدارة التجار البانيان للجمارك العمانية عن طريق استئجارها سنوياً مقابل مبالغ معينة، واستحداثهم بعضا من الأنشطة التجارية التي لم تعرفها السوق العمانية من قبلهم مثل : نشاط الصرافة، ونشاط الوكالات التجارية فمثلوا العديد من الشركات العالمية التي راجت معداتها وبضائعها في المواني العمانية، كما اهتموا بالاستثمار العقاري مستغلين الامتياز الذي منحته لهم اتفاقية التجارة والصداقة الموقعة بين السلطان فيصل بن تركي وبريطانيا عام 1891م وسماحها لهم بتملك الأراضي والعقارات في عمان، كما أسندت اليهم الحكومة العمانية مناقصات إنشاء العديد من المشاريع الحكومية اعتبارا من عام 1939م مثل : إنشاء القواعد التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في رأس الحد ومصيرة، ومد أنابيب شبكات المياه في العديد من الولايات العمانية، بالإضافة إلى تكليفهم باستثمار وإدارة الخدمات البريدية في عمان خلال الفترة من عام 1943 وحتى عام 1966م .وقد توصل الباحث إسماعيل بن أحمد بن هارون الزدجالي إلى مجموعة من النتائج التي كان لها آثارها على الاقتصاد العماني وضمنتها دراسته التي تناولت النشاط التجاري للبانيان في عمان من عام 1744 وحتى عام 1970م.