دعنا الله سبحانه وتعالى إلى صلة الارحام فقال عزوجل:(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) ومما يدل على قوى الإيمان صلة ذي القربي، يَقُولُ ـ عليهِ الصلاةُ والسلام:)من كانَ يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليصِلْ رحِمَهُ(، وقال سيدنا علي ـ رضي الله عنه: (عشيرتك هم جناحك الذي بهم تحلق، وأصلك الذي به تتعلق، ويدك التي بها تصول، ولسانك الذي به تقول، هم العدة عند الشدة، أكرم كريمهم، وعُد سقيمهم، ويسر على معسرهم ، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك).ولقد حافظ أصحاب رسول الله على منزلة الرحم في كل أحوالهم وظروفهم، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:(أوصيكم بصلة الرحم، فإنها مثراة في المال منسأة في الأجل محبّة في الأهل)، وقال أيضاً:(ألا وقولوا الحق تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، أدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم، وصلوا رحم من قطعكم، وعودوا بالفضل على من حرمكم).ورغم كل الظروف التي واجهت الصحابة ظلوا محافظين على هذه الوشائج التي تربط بين الأقربين، قال أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويُسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال:(لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) (أخرجه مسلم).وقد أعدَّ الله سبحانه وتعالى الأجر والثواب العظيم للواصل رحمه في الدنيا والآخرة، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:(من سرَّه أن يُبسَطَ له في رِزقِه، وأن يُنسَأَ له في أثَره فليصِلْ رَحِمَه) (رواه البخاري والترمذي)، ولفظُه قال:(تعلَّموا من أنسابِكم ما تصِلُون به أرحامَكم؛ فإن صِلَة الرَّحِم محبَّةٌ في الأهل، مثْرَاةٌ في المال، منسَأةٌ في الأثَر)، وعن عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(من سرَّه أن يُمدَّ له في عُمرِه، ويُوسَّع له في رِزقِه، ويُدفَع عنه ميتةُ السوء، فليتَّقِ اللهَ وليصِلْ رَحِمَه) (رواه الحاكم والبزار)، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم):(إن اللهَ ليُعمِّر بالقوم الديارَ، ويُثمِّرُ لهم الأموال، وما نظرَ إليهم منذ خلقَهم بُغضًا لهم، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: بصِلَتهم أرحامهم) (رواه الحاكم والطبراني)، وعن أبي بَكْرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم):(ما من ذنبٍ أجدرَ أن يُعجِّل الله لصاحبِه العقوبةَ في الدنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرة من البَغي وقطيعة الرَّحِم) (رواه ابن ماجه والترمذي والحاكم). وقطع صلة الرحم من أكبر الكبائر والمعاصي قال تعالى:(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)، فيا قطع والديك .. إخوانك .. أخواتك .. جميع أرحامك إلى متى القطيعة؟ فسارع إلى التواصل مع الارحام قبل حلول الاجل، عن أبي هريرةَ ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبيُ (صلى الله عليه وسلم):(إن اللهَ خلقَ الخلقَ، حتى إذا فرغَ من خلقِهِ، قامتْ الرحمُ فقالتْ: هذا مقامُ العائذِ بك من القطيعةِ، قال: نعم، أما ترضينَ أن أصلَ من وصلَكِ وأقطعَ من قطعَكِ؟ قالت: بلى يا ربِّ، قال: فذاك لكِ، ثم قال رسولُ الله: اقرأوا إن شئتُم فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ). وبعض الأقارب يقطع ارحامه لأسباب منها: البعض من الناس يجهل صلة الرحم، وقلة الوازع الدين، حيث يتكاسل المسلم عن هذه, ولا يأبه للعقاب على قطيعتها، وكذلك للذي عنده صفة الكِبر أو جاه أو مال نجده يقصر ويتكاسل بصلة رحمه، وللاسف بعض الأولاد والبنات يقلد الوالدين إذا الوالدين لم يزور أرحامه، بالاضافة الى وجود مشاغل الحياة وتكاسل بعض العباد تجعلهم ينقطع عن أرحامه فترة طويلة، وبعض الارحام عندما يزوره رحمه يبدأ في العتاب ويحس الزائر بضيق ويتدخل الشيطان فتنقطع الزيارة بينهم، كما أن بعض الارحام بينهم ميراث وعندما يحصل التأخيرُ في قسمةِ الميراث تحمل القلوب بعضها على بعض الحقد والعداوة، وأيضاً عدم الاهتمام بفريضة الرحم والانشغال بالدنيا تنقطع صلة الرحم، وهناك التكاسل عن زيارة الارحام إذا المسافة بعيدة بين الارحام برغم وجود وسائل الاتصال في الوقت الحالي، وبعض من الارحام ما يتحمل من رحمه أدنى كلمة ولا يصبر عليه ويقطعه، وبعض الارحام الذي أعطاه الله مالاً أو بيت كبير أو وظيفة كبيرة فيحسده بعض أفراد أرحامه على ما آتاه الله من الفضل العظيم، وعدم الثقة وقلة الاحترام المتبادل وعدم الصبر فيما بينهم يؤدي إلى قطيعة الرحم، وبعض الارحام لا يراعي رحمه في أدنى موقف ويسيء به الظن فعليه دائما يحسن الظن بأرحامهم، وقد تقع بعض الأحوال والمشاكل بين الأطفال والزوجات وتنفر الزوجة من ارحام الزوج مما يؤثر على قطع الارحام فاحذر من زوجتك إن كانت تزهدك في صلةِ أقاربك.فعليك ـ أخي المسلم الصائم ـ بصلةِ أرحامِك فإن صلةَ الرحمِ فريضة، وقطيعتَها معصية، وكبيرة من كبائرِ الذنوبِ. يقولُ اللهُ عز وجل:(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) .. هذه الهدية العظيمة التي جعلها الله سبحانه وتعالى لتواصل الأقارب بزيارتهم وسؤال عنهم وزيارة مريضهم ومشاركتهم في الأفراح والاحزان هذه الرابطة التي تجمعهم على الحب والود، وتحذر من وعد الله وسخطه على قاطع الرحم.