[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/aa1.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سالم الفليتي[/author]يستكمل مقالنا هذا موضوع الأمن القانوني من خلال مبدأ عدم رجعية القوانين.يعد مبدأ عدم رجعية القوانين عامل حماية واستقرار وبالتالي عامل رئيسي في توفير الأمن القانوني . إلا أنه في المقابل ـ يرى البعض ـ أن التعديل المباغت للقواعد القانونية من دون تقرير أحكام انتقالية يهدد الأمن القانوني من خلال عدم الاستقرار في المراكز القانونية خاصة وأن التعديلات كثيرة ومتزايدة خاصة في الفترة الأخيرة وجميعها تفرضها الحياة المتجددة.ويمكننا الرد عليهم من خلال الآتي:الملاحظة الأولى: أن التعديلات في التشريعات أمر صحي وضرورة لا حياد عنها، فكما هو معلوم أن القانون لا يشرع في فراغ مكاني ولا تطبيق لأحكام نظرية بحتة مجردة وانما يأتي في ضوء ظروف وأوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية معينة.الملاحظة الثانية: أن المشرع وهو يشرع القانون يحاول ـ قدر الامكان ـ أن يكون هذا القانون في حينه قادرا على ضبط السلوك الاجتماعي من جانب وضبط توازن المصالح المختلفة من جانب آخر، من خلال رصد وقائع الحاضر واستشراق المستقبل قدر الامكان.الملاحظة الثالثة: من خلال تطبيق القانون من المؤكد ان المستقبل سيكشف ثمة خلل وقصور في القانون عاجز عن مجاراة الحدث، كما سيتولد عن ذلك القصور فراغ قانوني يتوجب سده، مما يجعل المشرع أمام خيارين:إما تعديل القانون حماية للمراكز القانونية التي يعززها واقع الحال أو التضحية بتلك المراكز والوقوف أمامها موقف المحايد ... وهذا الأخير بالطبع لا يمكن أن يتقبله عقل سديد ومنطق قانون سليم.الملاحظة الرابعة: عادة ما تقرر مختلف التشريعات الوطنية عند التعديل المباغت في أنها تقرر للمخاطبين أحكاما انتقالية محددة بفترة زمنية معينة لتعديل أوضعهم بما يتفق وأحكام القانون الجديد هذا من جانب أول.ومن جانب ثان. فإن مختلف التشريعات عادة ما تشرك ممثلين من مختلف القطاعات المعنية وهؤلاء يضعون ـ نصب أعينهم ـ مصلحة المخاطبين بالقانون الجديد في نطاق ومضمون المصلحة العامة على اعتبار ـ أنه في حالة التعارض ـ تغلب هذه الأخيرة عن المصلحة الخاصة.والمشرع العماني ـ في ضوء الأمن القانوني ـ يقرر كافة القواعد الناظمة لتحقيقه وبالتالي يبتعد كل البعد عن عامل المباغتة عند سن القوانين ابتداء من:1ـ إيمانه التام بأهمية المشاركة عند سن القوانين من خلال اتباع دورة قانونية تشترك فيها غرفتان "مجلس الشورى ومجلس الدولة" خذ على ذلك مثال ما تقرره المادة (8 مكررا "37") "تحال مشروعات القوانين من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى الذي يجب عليه البت فى المشروع بإقراره أو تعديله خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ الاحالة إليه، ثم إحالته إلى مجلس الدولة الذي يجب عليه البت فيه بإقراره أو تعديله خلال خمسة وأربعين يوما علي الأكثر من تاريخ الإحالة إليه .... ".2ـ المشرع العماني ـ في معظم الأحوال ـ وعند إصدار القوانين يمنح المخاطبين ـ فترة زمنية لتعديل وتوفيق اوضاعهم بما يتفق وأحكام القانون الجديد ... خذ على ذلك مثالا. نص المادة (3) من المرسوم السلطاني رقم (18/2019) بإصدار قانون الشركات التجارية الجديد، حيث يجري نصها بالآتي: "على الشركات التجارية القائمة فى تاريخ العمل بهذا القانون، توفيق أوضعها خلال سنة واحدة من تاريخ العمل به".وفوق ذلك مد نطاق الحماية القانونية لكل أجنبي يقيم في السلطنة بصفة قانونية بدلالة المادة (35) من النظام الأساسي للدولة التي يجري نصها بالآتي: "يتمتع كل اجنبي موجود فى السلطنة بصفة قانونية لحماية شخصه واملاكه طبقا للقانون وعليه مراعاة قيم المجتمع واحترام تقاليده ومشاعره".صفوة القول ان المشرع العماني ـ لا نبالغ ـ ان قلنا اوجد كافة الوسائل القانونية لضمان تحقيق ما يسمي حديثا "مفهوم الأمن القانوني بمعناه الواسع".* نائب العميد للشؤون الأكاديميةكلية الزهراء للبنات[email protected]