إعداد ـ موسى بن قسور العامري ✽

إنّ أذية الرسول، ليست كأذية غيره، لأنه (صلى الله عليه وسلم) لا يؤمن العبد باللّه، حتى يؤمن برسوله (صلى الله عليه وسلم)، وله من التعظيم، الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك، أن لا يكون مثل غيره، لذلك توعد الله تعالى من يؤذي الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعذاب أليم، في قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) (الأحزاب ـ 57)، وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى، وكان جزاؤهم أن أبعدهم الله من رحمته في الدنيا والآخرة وأعد لهم في الآخرة عذابًا يهينهم فيه بالخلود فيه.
ثم ذكر الله تعالى من يؤذي غيره بلسانه في قوله تعالى:(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) (الأحزاب ـ 58)، تشير الآية الكريمة إلى أن أذية المؤمنين عظيمة وإثمها عظيم، وجاء فيها الوعيد الشديد لمن آذى المؤمنين والمؤمنات وبفعلهم هذه الأذية يكونون قد ارتكبوا إثماً شنيعاً، وفعلاً قبيحاً، وذنباً ظاهراً بيّناً تجلب لهم غضب الله تعالى وجمع سبحانه في ذمهم بين البهتان والإثم المبين، للدلالة على فظاعة ما ارتكبوه في حق المؤمنين والمؤمنات إذ البهتان هو الكذب الصريح الذي لا تقبله العقول، بل يحيرها ويدهشها لشدته وبعده عن الحقيقة، والإثم المبين: هو الذنب العظيم الظاهر البين الذي لا يخفى قبحه على أحد.
عن أبي هريرة ، أنه قيل:(يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)، والبهت المبين ما ينسب إلى المسلم ما ليس فيه وما هو بريء منه ولم يفعله وأن يحكي أو ينقل على المسلم ما لم يقله على سبيل العيب والتنقيص، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قيل يا رسول الله إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال:(لا خير فيها هي في النار).