أجد نفسي عاجزاً عن التعبير، فالفاجعة كبيرة والمصابُ جلل، استقبلت خبر وفاة ابنتي الأستاذة/ لمى محمد واصل المستشارة القانونية بالمكتب ـ التي وافتها المنية بمسقط في الثاني من شهر رمضان المبارك لعام 1440هـ ـ كطعنة خنجرٍ في صدري، ولا يزال الألم يسكن في قلبي، كيف لا تذرف العين دمعاً ودماً عليها، وهي التي عرفتها منذ عام 2004 طفلة بين أحضان أبيها أستاذي وصديقي وقدوتي/ الدكتور محمد محمد واصل ـ قاضي في المكتب الفني بالمحكمة العليا، لتمر الأيام والسنين وأراها أمامي ضمن طاقم مكتبي شامخة بعلمها وأدبها وكفاءتها كشموخ أبيها، لم أكن أنظر إليها ـ طيلة السنوات الخمس التي عملنا فيها سوية ـ كمستشارة قانونية متميزة وذراعي الأيمن فحسب، بل كأمانة شرفني بها والدها وصديقي العزيز، فكانت نِعْم الإبنة ونِعم الأخلاق ونِعم المحامية ونعِم السند والعون.
عرفناها جميعاً ابنة الـ (29) ربيعاً، كبيرة في أخلاقها، إنسانة محبة للخير، بارة بوالديها، مخلصة في عملها، عوناً لزملائها، كانت معينة لي في أداء واجبي كرئيس لجمعية المحامين، تعمل بلا كلل ولا ملل، تنظر للعمل كرسالة وعبادة، كانت قدوتنا جميعاً، وستظل كذلك، فبصماتها الواضحة في سبيل الارتقاء بمهنة المحاماة ستظل في الذاكرة، والجميع يشهد على دورها المحوري في مبادرة فك كربة الإنسانية، وما تحملته من أعباء في سبيل إنجاح ملتقى المحامين العمانيين الرابع (الأخير)، هي ليست فقيدتنا نحن فقط، هي فقيدة المحامين في عُمان جميعاً، فلها منهم المحبة والدعاء.
كلما حاولت النسيان واستيعاب الصدمة، يرتد أمام ناظري مشهد وجهها المشرق وقد فاضت روحها الطاهرة إلى خالقها، وكأنها طفلة نائمة تنتظر الصباح لتبدأ رحلتها اليومية مع العمل والجد والمثابرة، لم أكن لأتخيل يوماً أن يكتب لي القدر لأنزلها بيدي إلى مثواها قبل الأخير، ولكنّ عزاءنا الوحيد يا أبا (لمى) أن الأمانة عادت إلى خالقها.
وما زالت كلماتك يا أبا (لمى) تسكن في قلبي حزناً ودهشةً وإعجاباً، عندما سُئلت عن البلد الذي ترغب فيه بدفن ابنتك، فأجبت دون تردد:(سنزرع هذه الوردة في بلدكم)، يا لعظمة هذا الرد، وما أروع هذا الوفاء في مثل تلك اللحظات المؤلمة، فهنئياً لعمان بك، وهنئياً لترابها بوردتك الجميلة الطاهرة، التي ستبعث منها إلى جنات الخلد بإذن الله تعالى.

د.محمد بن ابراهيم الزدجالي
محام وعضو بمجلس الشورى