.. ولكن، ماذا لو اختل شرط من شروط صياغة فعل التعجب؟ وللجواب أقول:إذا اختل شرط من هذه الشروط ترتب على ذلك وجود ثلاثة أقسام، نعرضها باختصار: الأول: إذا كان الفعل جامدا أو غير قابل للتفاضل فلا يصاغ منه فعل التعجب، نحو:(عسى، ليس، بئس، نعم، تبارك، فني، هلك، مات) فهذه الأفعال لا يصاغ منها فعل تعجب مطلقًا، بسبب جمودها، أو غير قابليتها للتفاضل والتفاوت، والثاني: إذا كان الفعل منفيًّا أو مبنيًّا للمجهول جئنا بأفعل من عندنا، مناسب مستوفٍ للشروط، ثم نأتي بالمصدر المؤول للفعل الذي لم يستوفِ أحد الشروط،ومثال ذلك الفعل: يُكافَأ(المبني للمجهول)، والفعل:(لا يكذب) (المنفي)، فعند التعجب منهما يكون الأسلوب كالآتي وفق كل صيغة من الصيغتين السابقتين: ما أجمل أن يكافأ الملتزم! وأجْمِلْ بأن يكافأ الملتزم!، وما أحسن ألا يكذب المسلم! وأحسن بألا يكذبَ المسلمُ، والثالث: إذا كان الفعل ناقصاً، أو كان الوصف منه على أفعل فعلاء، أو كان غير ثلاثي، جئنا بأفعل من عندنا مناسب، مستوفٍ للشروط، ثم صغنا المصدر المؤول أو الصريح من الفعل الذي لم يستوفِ أحد تلك الشروط السابق بيانها وتوضيحها، ومثال ذلك الأفعال الآتية:(امتاز ـ اشترك ـ كان ـ حمِر ـ سوِد) فنقول فيها :ما أحسنَ أن يشترك المؤمنون في الخير!، وأحسِنْ بأن يشترك المؤمنون في الخير!، وما أحسنَ اشتراكَ المؤمنين في الخير!، وأحسِنْ باشتراك المؤمنين في الخير!، وما أجمل كونَ محمدٍ محسنًا!، وأجمل بكَوْنِ محمدٍ محسنًا!، وما أجمل أن يكون محمدٌ محسنًا!، وأجمل بأن يكونَ محمدٌ محسنًا!، وما أرقّ أن يحمر الوردُ!، وأجمل بأن يحمر الوردُ!، وما أرقّ احمرار (أو حُمْرةَ) الوردِ!، وأجمل بحمرة الوردِ!، وثمة ملاحظة مهمة هنا، خلاصتها أنه إذا كان الفعل مستوفيًا لشروط صياغة التعجب منه، جاز فيه الأوجه الثلاثة السابقة، أما إذا لم يستوف الشروط طُبِّقَتْ عليه الأحكام السابقة، ومثال ذلك الفعل: صَدَقَ، هو (ثلاثي مستوف للشروط)، نقول عند التعجب منه: ما أصدقَ محمدًا!، وأصدقْ بمحمدٍ!،وما أجمل صدقَ الناس! (أي باستعمال المصدر الصريح)، وما أجملَ أن يصدق الناس! (باستعمال المصدر المؤول بالصرح)، فالمصدران صحيحان، ومستعملان.ومثال ثان من الفعل جمُل، حيث نقول عند التعجب منه: أجمِلْ بأن يصدق محمد!، (باستعمال المصدر المؤول، وأجمل بصدق محمدٍ! (باستعمال المصدر الصريح).وجملة القول فيما اختلت فيه بعض الشروط أنه إذا لم يستوف الفعلُ الشروط السابقة فإما أن يكون جامدًا، وإما أن يكون غير قابل للتفاوت، وعندئذ لا يتعجب منه، وإما أن يكون ناقصًا، وإما أن يكون غير ثلاثي، وإما أن يكون الوصف منه على وزن أفعل فعلاء، فنصوغ منه التعجب بأفعل مناسب من عندنا، ثم بمصدر الفعل مؤولاً، وإما أن يكون المصدر صريحاً، فأنت حر في أن تأتي بأيهما: مصدراً مؤولاً، أو تأتي به مصدراً صريحاً، وأما إن كان الفعل منفيَّا، أو مبنيَّا للمجهول فعندئذ تأتي بـأفعل مناسب من عندك، ثم تأتي بعده بالمصدر المؤول فقط، ولا تستعمل المصدر الصريح، أما الحكم الثاني لأسلوب التعجب فهو إعرابُ صيغتي التعجب الاثنتين فإعراب الصيغة الأولى:(صيغة ما أفعله!)، مثل: ما أجمل الدين! فيكون كالآتي: ما: نكرة تامة بمعنى شيء فهي عظيم تعجبية اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، وأجمل: فعل ماض، مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا، تقديره هو، والدينَ: مفعول به منصوب بالفتحة.د.جمال عبد العزيز أحمدجامعة القاهرة بكلية دار العلوم بجمهورية مصر العربية