الدوحة ـ من خميس السلطي:
شهدت العاصمة القطرية الدوحة أمس تدشين "متحف قطر الوطني"، الذي يحكي تاريخها وتطورها في شكل قصة تتكشف ملامحها عبر سلسلة من الكنوز الثمينة والمخطوطات والوثائق والمقتنيات الأثرية والتراثية والمجوهرات والأفلام والوسائط المتعددة، وذلك ضمن حضور رسمي دولي وإعلامي. وعلى طول مسار المتحف، يتم سرد القصة في أجواء سينمائية مبهرة من خلال سلسلة من ثمانية أفلام أنتجت خصيصا للمتحف من قبل صانعي أفلام عالميين مشهورين بالتعاون مع مؤسسة الدوحة للأفلام، حيث تمتد هذه العروض السينمائية على الجدران المنحنية والممتدة لصالات العرض، فتغمر زوار المتحف بأجواء تاريخية مميزة.
في حديث لوسائل الإعلام قالت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر: قطر بلد عريق، وثري بتقاليده المرتبطة بالبر والبحر، وقد أثر اكتشاف النفط على تاريخه الحديث وأحدث به تغييرًا كبيرًا، واستطعنا ونحن على مشارف حقبة جديدة، أن نواكب الأحداث الجارية على المسرح العالمي، على الرغم من سرعة وتيرتها، فأصبحنا في طليعة التقدم التكنولوجي. وأضافت في سياق حديثها: ولأن المستقبل لابد أن يكون نابعا من استيعابنا المتكامل لماضينا، فإننا نتقدم للأمام، مع التركيز الشديد على الثقافة بأشكالها المتنوعة، متعمقين في تراثنا العربي ومستكشفين لمختلف الفنون وتطوراتها المعاصرة داخل دولة قطر وخارجها.
في الإطار ذاته علقت الشيخة آمنة بنت عبد العزيز بن جاسم آل ثاني، مدير متحف قطر الوطني بقولها: بدأنا مسيرة التخطيط والتنظيم لهذا المتحف التي دامت على مدار عقد من الزمن، وفي سبيل التوصل لفكرة الشكل الذي تريد أن تأخذه صالات العرض، زرنا مؤسسات مختلفة حول العالم، واستكشفنا أفضل أساليب عرض التاريخ والتاريخ الطبيعي والفنون تطورا وجذبا للجمهور. ولإنشاء محتوى المتحف، بدأنا في تنظيم اجتماعات مع الجمهور، ودعونا القطريين ليشاركونا قصصهم وما لديهم من مقتنيات يمكن عرضها في المتحف. وأشارت بحديثها: ثمة موضوعات تتناولها صالات العرض في المتحف في شكل قصة تُروى عبر مزيج خاص من الوسائل التي تعتمد على الإحساس بالمكان ويشكل فيها الصوت والصورة عنصرين رئيسيين، فضلاً عن الأعمال الفنية والأفلام، فالمتحف يروي قصة من ثلاثة فصول رئيسية هي البدايات والحياة في قطر وتاريخ قطر الحديث، وهي قصة تتكشف ملامحها عبر 11 صالة عرض. وكل صالة تتميز بشخصيتها المستقلة وطريقة العرض البانورامية التي تجعلك تنغمس في الموضوع الذي تتناوله. ففي هذه الصالات تقترب من الحياة البرية في قطر وبيئاتها الطبيعية من خلال تجربة بصرية مليئة بالألوان.

وردة الصحراء
جان نوفيل مصمم متحف قطر الوطني، وصف المتحف بوردة الصحراء وقد أشار في حديث خاص لوسائل الاعلام أن متحف قطر الوطني يخرج من قلب صحراء واسعة تمتد على طول المسافة إلى البحر، ومن الناحية الرمزية، فإن هندسته المعمارية مستوحاة من الصحراء وبعدها الصامت الأزلي، وكذلك من روح الحداثة والجرأة، في سياق متصل يعلق فان نوفيل: يتعلق تاريخ دولة قطر أيضا بقصة الشعوب التي استقرت على طول الساحل، وأقامت هذه المدن الساحلية التي أصبحت موانئ يلجأ إليها البدو الرحل بقدر ما يستعملها الصيادون المحليون والغواصون الباحثون عن اللؤلؤ. مضيفا أيضا: كان لابد أن يعكس المبني الذي صممته قصص ثلاث، الأولى، وتمتد على فترة طويلة، هي قصة شبه الجزيرة القطرية وسكانها. والثانية هي قصة استكشاف أنماط الحياة الساحلية والصحراوية، وكذلك حرفة صيد اللؤلؤ في حين تتناول الثالثة التسارع المذهل الذي منح قطر، في غضون عقود قليلة، ما عُرفت به اليوم من قوة وازدهار، أما وردة الصحراء، فهي تجمع للبلورات المعدنية شبيه بالزهرة لا يحدث غالبا إلا في المناطق الساحلية القاحلة، وهي أول بنية معمارية تصنعها الطبيعة نفسها من خلال الرياح ورذاذ البحر والرمل على مدى آلاف السنين. إنها معقدة وشاعرية بشكل يثير الاندهاش.