مسقط ـ (الوطن):على سبيل التقديملقد أولت ليبيا اهتماما كبيرا بالجانب الاجتماعي والاقتصادي منذ قيامها، محاولة التغلب على التخلف الذي أصاب جوانب الحياة المتعددة فيها، إبان الحقبة الاستعمارية والحقبة التي تلتها، ولقد تركز الاهتمام على قطاع الزراعة، كأحد مصادر الأمن الغذائي، كما تركز على الصناعة كقوة رافدة للقطاع الأول، ووسيلة تجديدية ممكن أن تمد جميع القطاعات بمصادر للتجديد والتحديث على كافة المستويات، وتشير الإحصاءات المتوافرة إلى تقدم نوعي وكمي ملموس في القطاعات المختلفة المكونة للاقتصاد.دراسةكانت الدول النامية ومنها ليبيا، تواجه العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها العهود البالية والتي تقف حائلا أمام عملية التنمية والتقدم، وجاءت مشاكل إضافية جديدة أفرزتها عملية التنمية نفسها.ويعتبر قطاع الصناعة من أهم القطاعات التي أخذت قسطا من الاهتمام، بالإضافة إلى القطاعات الأخرى، لأن الإنتاج الصناعي هو أحد السبل المهمة لزيادة الإنتاج وتحقيق التنمية الاقتصادية والتي تساهم بدورها في تحقيق التنمية الاجتماعية والرفاهية للمواطن العربي الليبي، وبذلك ازدادت أعداد المصانع وبالتالي عدد العمال من المواطنين الليبيين.ولكي تحقق التنمية الصناعية أهدافها في مجال التنمية الشاملة من الاهتمام بالعناصر الأساسية المرتبطة بالإنتاج الصناعي والمتمثلة في العمال والآلات والمواد الخام وغيرها، وذلك من خلال الدراسات العلمية الدقيقة للتعرف على المشكلات والصعوبات التي يمكن أن تعوق الكفاية الإنتاجية للعامل. فغالبا ما تكون الإنتاجية منخفضة في القطاع الصناعي واالسبب في ذلك يرجع إلى عدة عوامل تعيق قطاع العمل والإنتاج وتؤدي في النهاية إلى خفض الإنتاجية.وإذا كان العامل هو عصب العملية الإنتاجية، فلابد من توفير المناخ المناسب الذي يساعده على زيادة الإنتاج، ولعل العوامل الاجتماعية والشخصية للعمال تعتبر من أهم العوامل التي قد تساعد على زيادة الإنتاجية من عدمها (فالمسألة ليست اقتصادية فحسب، بل أظهرت بعض البحوث التي أجريت في العديد من الدول النامية أن طبيعة العلاقات الاجتماعية بين العاملين بالمصنع بأقسامه المختلفة وإدارة المصنع، ومدى تفاعل المصنع مع البيئة، كلها عوامل ذات فاعلية على إنتاجية المصنع، ومن ثم تبرز أهمية المشكلات الناجمة عن تأثيرات العلاقات الاجتماعية داخل المصنع في عرقلة الإنتاج.ولعل من أهم الدراسات ما أظهرته نتائج الدراسة التي قام بها عبدالله جاسم أبو رغيف بعنوان (المشكلات النفسية والاجتماعية لدى عمال الصناعة وأثرها في الإنتاج في العراق) عام 1981، بهدف التعرف على المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه عمال الصناعة، وأثر المشكلات في إنتاجية العمال، وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة وجود علاقة بين المشكلات النفسية والاجتماعية، كذلك وجد بأن تلك المشكلات تنتشر بين العمال والعاملات ذوي الإنتاجية المنخفضة بشكل ملحوظ.وفي دراسة للعوامل الاجتماعية والنفسية المؤثرة في إنتاج العمل بأحد المصانع، تبين أن هناك أسبابا متعددة تدعو العمال إلى الرضا عن أعمالهم، منها العلاقات الإنسانية بينهم وبين رؤسائهم وزملائهم، كما أن التفهم بالعمل واستمرارهم فيه لمدة طويلة تخلق بينهم وبين هذا العمل نوعا من العاطفة والألفة، التي تزيد الإنتاج من جهة، وترقى بالعمل نفسه مرة أخرى.ونظرا للمشكلات الاجتماعية التي تواجه العمال سواء داخل المصنع أو خارجه، بالإضافة إلى عدم وجود أخصائيين اجتماعيين في القطاع الصناعي يستطيعون المواجهة العلمية المتخصصة لهذه المشكلات، وقد اتضح ذلك من الدراسة التي قام بها المختار محمد إبراهيم عن (الآثار الاجتماعية والاقتصادية لحركة التصنيع) دراسة ميدانية لأحوال العمال بالصناعة بمدينة بنغازي الليبية، حيث أوضحت الدراسة أنه من ضمن المعوقات التي تواجه حركة التصنيع، هو عدم وجود أخصائيين اجتماعيين بالمنشآت الصناعية.سعيلذا تسعى هذه الدراسة إلى التعرف على أهم المشكلات الاجتماعية التي تواجه العمال، والتي يمكن الاستفادة منها في وضع البرامج المناسبة لحل هذه المشكلات، من خلال رسم وتحديد كيفية ممارسة الأخصائي الاجتماعي لدوره في المنشآت الصناعية بليبيا.تساؤلفي ضوء ما سبق، يمكن صياغة مشكلة الدراسة والبحث في ضوء التساؤلين التاليين، ما هي المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تواجه العمال داخل المصنع وخارجه، والتي قد تساهم في خفض إنتاجيتهم ؟، وما هي الجوانب التي يمكن أن يتعامل معها الأخصائي الاجتماعي، فيما يتعلق بالمشكلات الاجتماعية التي تواجه العمال بالمصنع، والتي تتحدد في ضوئها الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها أدواره المختلفة؟.أهميةوتتحدد أهمية كتاب "المشكلات الاجتماعية للعمال" .. كمجالات عمل لممارسة الأخصائي الاجتماعي لدوره في المجال الصناعي، للدكتور يونس سالم العجيلي،والصادر عن (مكتبة الضامري للنشر والتوزيع) بالسلطنة، حيث إن الإنتاج الصناعي يعتبر عصب التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العصر الحديث، ويقاس مدى تقدم الأمم وتحضر المجتمعات، بمقدار ما تقدمه من إنتاج صناعي متقدم ومتطور، وتعتبر ليبيا من المجتمعات التي تسعى جاهدة إلى الدخول في ركب التقدم وتحقيق التنمية، ولذلك اتجهت إلى النشاط الصناعي كأحد الأنشطة المهمة في تحقيق هذا التقدم، وإذا كان العامل هو الذي يقع على كاهله عبء تطوير وزيادة الإنتاج فلابد أن تقدم إليه كافة أنواع الرعاية الاجتماعية والصحية وغيرها حتى تحسن من أحواله وتجعله يتفرغ لعمله؛ فلابد إذن من تذليل العقبات والصعاب التي تعترض طريقه.ولعل المشكلات الاجتماعية التي يواجهها العامل في المصنع وخارجه، تمثل أحد هذه المعوقات المهمة التي يجب اكتشافها بدقة وتحديدها؛ حتى يمكن التعرف عليها ومواجهتها.وإذا افتراضنا أن العامل يواجه العديد من المشكلات الاجتماعية التي يمكن أن تؤثر على مدى كفايته الإنتاجية، فلابد إذن من وجود مهنة متخصصة تعمل على مواجهة هذه المشكلات والصعوبات وتذليلها، ألا وهي مهنة الخدمة الاجتماعية، بحيث يتطلب الأمر تواجد أخصائي اجتماعي مهني ومدرب داخل مجتمع المصنع، يتعامل مع العمال الذين يعانون من بعض هذه المشكلات.ولعل أهمية هذا الكتاب تكمن أيضا في أهمية تحديد هذا الدور، خاصة وأن المصانع بليبيا تفتقد لوجود أخصائيين اجتماعيين معدين إعدادا جيدا لممارسة هذه المهنة.أهدافويؤكد الدكتور يونس سالم العجيلي مؤلف كتاب "المشكلات الاجتماعية للعمال" .. كمجالات عمل لممارسة الأخصائي الاجتماعي لدوره في المجال الصناعي، على جملة من الأهداف يريد تحقيقها ومنها: الوقوف على طبيعة المشكلات الاجتماعية والذاتية التي تواجه العمال داخل وخارج مجتمع المصنع، والتي يمكن أن تؤثر في كفايتهم الإنتاجية. بالإضافة إلى المساهمة في إعداد مقترحات لدور الأخصائي الاجتماعي في المجال الصناعي، يتناسب مع نوعية المشكلات الاجتماعية التي قد يواجهها العمال داخل وخارج المصنع في ليبيا.المحتوياتويشتمل كتاب "المشكلات الاجتماعية للعمال" .. كمجالات عمل لممارسة الأخصائي الاجتماعي لدوره في المجال الصناعي، للدكتور يونس سالم العجيلي، على ستة فصول، الفصل الأول (التعريف بمشكلة الدراسة) ويشتمل على المقدمة، ومشكلة الدراسة، وأهمية الدراسة، وأهداف الدراسة، والمفاهيم المستخدمة في الدراسة، والفصل الثاني (المشكلات الاجتماعية التي تواجه العمال في مجتمع المصنع) ويضم: المصنع كنسق اجتماعي، والعامل كعنصر أساسي في العملية الإنتاجية، والمشكلات الاجتماعية التي تواجه العمال في مجتمع المصنع، ومراحل تطور المشكلة الاجتماعية، وتصنيف المشكلات الاجتماعية. والفصل الثالث (الخدمة الاجتماعية في المجال الصناعي) ويشتمل على، مفهوم الخدمة الاجتماعية في المجال الصناعي، تطور ظهور الخدمة الاجتماعية في المجال الصناعي، ونماذج لممارسة الخدمة الاجتماعية في المجال الصناعي في بعض المجتمعات، في إنجلترا، في الهند، في مصر، وممارسة طرق الخدمة الاجتماعية في المجال الصناعي، وخدمة الفرد، وطريقة العمل مع الجماعات، وتنظيم المجتمع. والفصل الرابع (الدراسات السابقة) ويضم: الدراسات المتعلقة بالعوامل النفسية والاجتماعية للعمال والخدمات التي تقدم لهم، والدراسات المتعلقة بممارسة الخدمة الاجتماعية بالمجال الصناعي، والتعليق على الدراسات السابقة. والفصل الخامس (الإجراءات المنهجية) ويشتمل على، نوع الدراسة والمنهج المستخدم، وتساؤلات الدراسة، وأدرات الدراسة، ومجالات الدراسة. والفصل السادس (نتائج الدراسة ومناقشتها) وفيها، النتائج المتعلقة بتساؤلات الدراسة، التوصيات، وملخص الدراسة، والمراجع.