[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/07/ssaf.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"] ناصر اليحمدي [/author] في العالم المتطور الذي نعيش فيه والذي يسير في تطوره بسرعة الصاروخ تتجلى الحاجة الملحة لتطوير التعليم كي يواكب التدفق المعلوماتي الكبير الذي أصبح يشكل تحديا لكل من يريد أن يلحق بركب التقدم .. فما من شك أن التعليم هو الركيزة الأساسية لنهضة أي أمة وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة على كافة مستوياتها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية .. لذلك نرى أن قائدنا المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ قد أولى التعليم أهمية كبرى وحرصا على النهوض بالمستوى التعليمي لكل مواطن وتطوير قدراته وخبراته العلمية والعملية.كما حرصت حكومة السلطنة على أن تمتد الخدمات التعليمية لكل شبر بالبلاد فوضعت استراتيجية شاملة ومكثفة تضم كافة مفردات العملية التربوية والتعليمية، واستعانت بالتقنيات الحديثة لإفهام الطلاب وربطهم بتكنولوجيا عصرهم، ولكي تصل المعلومة للطالب بسهولة وأقل جهد من المعلم مثل استخدام وسائل الإيضاح المتقدمة والحاسوب ومختبرات العلوم وغرف مصادر التعلم واستخدام السبورات الضوئية والإلكترونية وأجهزة العرض وغيرها، وهو ما يساعد في بناء جيل واعٍ مواكبا للعالم من حوله وقادرا على النهوض بمجتمعه.ومؤخرا قامت وزارة التربية والتعليم بتطبيق مشروع تصنيف المدارس الخاصة وبدأت بثلاثين مدرسة في الفترة من 10 فبراير حتى 4 مايو المقبل بحيث يقوم التصنيف على معايير وطنية ودولية معتمدة وفقا للوزارة.لا شك أن التصنيف الجديد سيسهم في تطوير المدارس الخاصة التي أصبحت تضم شريحة كبيرة من أبنائنا وبناتنا الطلاب، فقد أعلنت الوزارة أنها تهدف من وراء هذا التصنيف إلى الارتقاء بجودة التعليم بالمدارس الخاصة وتحقيق التنافس الإيجابي بينها وتشجيعها على تحسين نفسها باستمرار .. وهذا بالطبع جهد رائع ومشكور من الوزارة التي تحرص على حصول الطلاب في أي مكان على أفضل خدمة تعليمية ممكنة، وخير دليل على سير دولتنا للأخذ بركب التقدم والحضارة والتكنولوجيا الحديثة.لقد أطلقها جلالة السلطان المعظم صيحة قوية حول النهوض بالمستوى التعليمي، وأن تعليم الشعب وتدريبه يجب أن يبدأ بأسرع وقت ممكن، فكانت الجملة السامية الأولى في أوائل السبعينيات التي تعد شعار التعليم في السلطنة "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر" .. وعلى امتداد المسافة بين هذا الشعار بدءا من أجهزة الحاسوب في المدارس ومرورا بجامعة السلطان قابوس والكليات المختلفة، وأخيرا بالدراسات العليا التخصصية وزيادة عدد البعثات الخارجية والكليات التقنية ومراكز التدريب التأهيلية، فإن المبدأ الذي حكم كل الجهود في مجال التعليم هو بناء الإنسان العماني وتطوير قدراته الذاتية وخبراته العلمية والعملية باعتباره قطب الرحى الذي تدور حوله كل الأهداف.إن سياستنا الحكيمة حرصت على جعل التعليم وسيلة للنهوض بالمجتمع وتحقيق النمو الاقتصادي فراعت ارتباط مخرجات التعليم بمتطلبات السوق، وهو ما منح العملية التعليمية المرونة والتنوع الكيفي والنوعي وليس الكمي فقط ليتمكن الطالب من الحصول على فرصة عمل في أسرع وقت فور تخرجه.. فربط الكفاءة التعليمية بالإنتاجية فكر صائب لأنه يوفر قوى عاملة ماهرة تمتلك الإمكانات التي تؤهلها للإبداع والتطوير.لا شك أن مراجعة التعليم بين الفترة والأخرى ليواكب الحياة المعاصرة، واتباع أحدث أساليب الإدارة والمنهجية التعليمية سيعمل على الوصول للمستقبل المشرق وتحقيق النماء المطلوب بصورة أسرع .. فالثورة التكنولوجية تسير بسرعة الضوء، وبالتالي فإن جميع مجالات حياتنا تحتاج لتطوير مستمر حتى تلحق بها .. وهذا لا ينطبق على المدارس فقط بل كل مناحي الحياة ويجب أن يسهم فيها كل فرد بالمجتمع .. وإذا كنا هنا بصدد التحدث عن المدارس فإن تطوير المنظومة التعليمية تحتاج أيضا لتضافر مؤسسات أخرى في المجتمع وليس تطوير الأجهزة التعليمية فقط يأتي على رأسها الأسرة التي تغرس البذرة الطيبة في نفوس الأبناء وتحثهم على تطوير مهاراتهم والالتزام بما يلقى عليهم في المدرسة واستيعاب الدروس قدر الإمكان .. كما أن عملية التطوير كي تتم بصورة صحيحة يجب أن ترتكز على عدة عوامل لعل أهمها تطوير المعلم الذي يعتبر المحور الأساسي في هذه العملية، مع ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة محليا وعربيا ودوليا في هذا المجال.وفي رأيي أنه يمكن تعيين خبير تربوي في كل مدرسة تكون مهمته الأساسية تحليل قدرات وميول كل طالب ومساعدته على اختيار المسار المناسب له بحيث يتمكن من استغلال وتوظيف قدراته ومهاراته، وهو ما يعود على المجتمع بالخير والنفع ويساعد على إعداد جيل مثقف يرقى بالوطن ويطوره ويقلل من فرص الفشل التي تصيب بعض الخريجين نتيجة عدم وعيهم بقدراتهم وميولهم بصورة صحيحة.إن العالم يمر بمتغيرات تكنولوجية لا حدود لها وفي جميع المجالات .. وهذه المتغيرات تستدعي بالضرورة اتباع أسلوب جديد مستحدث في تربية الأبناء وتعليمهم بكافة مراحله بطريقة مرنة قابلة للتجديد تتسع مستجدات الحياة وما يطرأ عليها من تقدم حتى ننشئ أجيالا قادرة على تحمل أعباء البناء.. لذلك نتمنى لكل المسؤولين التوفيق في العمل على تطوير التعليم بما يعود على الشعب الوفي بالخير والنفع، كما نتمنى للطلاب النجاح في حياتهم العلمية والعملية، وفقهم الله للسمو بأوطانهم ورفع راياتها خفاقة عالية.حفظ الله الوطن ووفق عاهل البلاد المفدى لما فيه خير البلاد والعباد.* * *اليمين المتطرف وداعش وجهان لعملة إرهابية واحدةالهجوم الإرهابي البشع الذي استهدف مسجدين في مدينة "كرايست تشيرش" بنيوزيلندا أثناء أداء صلاة الجمعة الماضية وأسفر عن استشهاد وإصابة العشرات فتح من جديد ملف التمييز العنصري الذي يعاني منه المسلمون في بلاد الغرب، كما أنه أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الإرهاب لا دين له ولا يمت للإنسانية بصلة؛ لأن من أبسط المبادئ الإنسانية التي تقرها كافة الشرائع والأديان تحريم الاعتداء على الأبرياء وترويعهم في دور العبادة التي يذكر فيها اسم الله تعالى.صدق الله العظيم حين قال "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" ففي الوقت الذي يسعى فيه الحادث الإرهابي المروع إلى نشر الفتنة والكراهية في الغرب نجد أنه تحول إلى النقيض ونال المسلمون تعاطف وتآلف العالم خاصة في نيوزيلندا، فقد شارك الآلاف من الشعب النيوزيلندي في صلاة الجمعة الماضية احتفالا بمرور أسبوع على الحادث، كما تم بث الأذان وصلاة الجمعة عبر التليفزيون والإذاعة الوطنية، وأكدت الحكومة على الوقوف بجانب المسلمين، ناهيك عن اعتناق بعضهم الإسلام بعد التعرف عليه لينقلب السحر على الساحر.لقد كان الإسلام دائما في مرمى هدف المغرضين من أعداء الدين يلصقون به زورا وبهتانا صفة الإرهاب والتطرف .. ولكن ها هم المسلمون صاروا في موقع الضحية بينما اليمين المتطرف هو الجاني، فهل سيتم التعامل مع القضية كما يتم التعامل مع التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة وغيرها باعتبارها محسوبة على الدين الإسلامي أم أن ازدواجية المعايير ستعتبرها حالة فردية ولا علاقة لها بالإرهاب؟لا شك أن هذا العمل الإرهابي الجبان لا يقل دناءة وإرهابا وخطورة عما تمارسه التنظيمات المتطرفة من داعش والقاعدة .. والأدهى والأمر أن الدماء التي تسيل في كل الحالات مسلمة.. فالمسلمون وحدهم يدفعون ثمن التطرف اليميني في الغرب وكذلك التطرف الذي ينسب زورا للإسلام حيث لا تقوم التنظيمات بعملياتها الإرهابية إلا في البلاد الإسلامية.إن مثل هذه العمليات الإرهابية تمنح التنظيمات المتطرفة حول العالم فرصة على طبق من ذهب كي تروج لأفكارها السوداوية والتغرير بالشباب للوقوع في فخ الانتقام والتحريض ضد الغرب، وبالتالي استمرارها وانتشارها واستقطاب المزيد من عملائها في الوقت الذي يجاهد فيه العالم لمحوها واندثارها .. فها هو تنظيم داعش الإرهابي استغل الحادث الخسيس وحالة الغضب التي يشعر بها المسلمون حول العالم، وقام بالتحريض على القتل والدعوة للانضمام للتنظيم تحت مسمى "الجهاد" وحماية المسلمين من الكفار والانتقام منهم .. لتكون بذلك هذه المذبحة البشعة طوق نجاة له ليمنحه العودة للحياة مرة أخرى وجذب المزيد من المتعاطفين والمناصرين، وهذا بالتأكيد يضرب استقرار دول الغرب في مقتل لأنه يقوض جهود الحفاظ على التعددية والتنوع بين أفرادها فقبول الآخر هو الطريق الأمثل لتحقيق الأمن.لا شك أن العنف لا يجلب سوى العنف المضاد .. ومثل هذه الجرائم الإرهابية تهدد تجانس المجتمعات الغربية وتغذي موجات الكراهية بين طوائف الشعب .. فما يعانيه المسلمون من اضطهاد وتمييز عنصري وعدم حصولهم على حقوقهم المشروعة يدل على عدم تطبيق دول الغرب للشعارات الجوفاء الزائفة التي تطالبنا بها من الحفاظ على حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة وغيرها ويتنافى مع كل القوانين الدولية التي تطالب الدول الإسلامية بتفعيلها رغم أنها تطبقها أكثر من غيرها نظرا لأن ديننا الحنيف يحثنا على احترام الآخر والإحسان إليه والتعايش معه بسلام ومنحه الأمن وحرم علينا دماءه وماله وأمرنا بمعاملته معاملة المسلمين.إن داعش وأمثاله واليمين المتطرف في الغرب وجهان لعملة إرهابية واحدة فهما يسيران في ذات الاتجاه الذي يؤجج الصراع بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة بدليل أن منفذ الهجوم نشر بيانا قال فيه إن المهاجرين في الدول الغربية يشكلون خطرا أشبه "بالإبادة الجماعية للبيض" لذلك يرى ضرورة إبعاد "الغزاة" لأنها قضية بقاء ومصير، وأنه ارتكب جريمته انتقاما للأوروبيين الذين قتلهم الأجانب عبر التاريخ في هجمات إرهابية .. وهذه التصريحات بلا شك تدل على عملية غسيل المخ التي يتعرض لها أمثال هذا المجرم من أحزاب اليمين المتطرف التي لا تفتأ تروج لخطورة المهاجرين على بلادهم لتحقيق مكاسب سياسية وعنصرية فساهمت في انتشار وتوحش التطرف.الإرهاب مرفوض بكافة أشكاله وصوره ومصادره والمذبحة البشعة أثبتت أكذوبة إلصاق الإرهاب بالإسلام، ولكننا بدورنا لن نلصقها بدين بعينه لأن حساباتها تابعة لتجار السياسة والسلاح، لذلك نطالب بوصف الحادث بأنه "إرهاب" وليس "جريمة" وبتجريم العداء للأجانب والمهاجرين. فقد آن الأوان ليتكاتف المجتمع الدولي لمكافحة خطاب الكراهية الموجه ضد المسلمين والتصدي للتطرف بكافة أشكاله والذي ينتشر بشدة في الغرب وسن التشريعات الصارمة التي تردع كافة الإرهابيين والمروجين للعنف وسفك الدماء للحفاظ على أمن البشرية.رحم الله شهداء المسجدين وألهم ذويهم الصبر والسلوان وأنعم على المصابين بتمام الشفاء والعافية.* * *حروف جريئةمطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المجتمع الدولي للاعتراف بسيادة إسرائيل على منطقة الجولان السورية المحتلة يمنح العدو الصهيوني غطاء شرعيا للعربدة واحتلال الأراضي العربية كيفما يشاء .. على ترامب أن يراجع القرارات الأممية التي تقر جميعها بعروبة الجولان وتبعيتها لسوريا ولا تكون مجاملاته للوبي الصهيوني على حساب غيره.اليمنيون يتضورون جوعا وعطشا ويتجرعون الفقر الشديد وتضرب سوء التغذية والمياه الملوثة أبناءهم في مقتل .. فمتى يتحرك المسلمون لنجدة إخوانهم في اليمن؟.. يجب ألا ننسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا".* * *مسك الختامقال تعالى: "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا".