د. سالم الفليتي:
2– أعمال الناقل الخالية من الخطأ

تندرج تحت عنوان مقالنا هذا حالتان نص عليهما القانون البحري العماني هما:
الحالة الأولى: إنقاذ أو محاولة إنقاذ الأرواح أو الأموال في البحر.
تنص المادة (252) من القانون البحري العماني على أنه: "لا يسأل الناقل عن هلاك البضائع أو تلفها الناشئ عن واحد أو أكثر من الأسباب الآتية: ..... ل: أعمال الإنقاذ أو محاولة إنقاذ الأرواح أو الأموال في البحر .....".
وجاءت المادة (310) من القانون ذاته لتؤكد على قاعدة آمرة مضمونها أنه يتوجب على كل ربان متى كان ذلك في مقدوره ودون تعريض سفينته أو بحارتها أو ركابها لخطر جسيم ـ أن يقدم كل ما في وسعه من المساعدة لكل شخص يوجد في البحر معرضا لخطر الهلاك حتى ولو كان هذا الشخص من الأعداء ـ.
وعلى هذا فإن من لم يقدم تلك المساعدة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تجاوز خمسمائة ريال ـ أو ما يعادلها من عملات أجنبية أو بإحدى هاتين العقوبتين ـ.
وعلى هذا فطالما القاعدة القانونية توجب على الربان تقديم المساعدة فإنه فى المقابل يعتبر ما يقدمه الربان من مساعدة وإنقاذ سببا لإبرائه من المسؤولية فى حالة وقوع هلاك أو تلف للبضائع نتيجة تقديمه للمساعدة طالما لم يعرض السفينة ولا بحارتها وركابها إلى خطر جسيم.
كما أن المشرع البحري العماني لم يفرق في هذه الحالة بين الإنقاذ الذي تم وبين محاولة الإنقاذ التي فشلت ويعتبر ـ بلا شك ـ هذا السبب من اقدم الأسباب التي تعفى الناقل من المسؤولية على اعتبار أنه يقوم على التضامن التقليدي بين البحارة وتعاونهم على مواجهة مخاطر البحر وهو في حد ذاته يعتبر التزاما أدبيا قبل أن يكون التزاما قانونيا.
كما أنه من المفيد أن نبين أنه لا يقدح في أعفاء الناقل من المسؤولية وخلو ذمته المالية من المسؤولية تجاه الشاحنين أن يتقاضى مكافأة مالية نتيجة ما قدمه من مساعدة وإنقاذ في الأرواح والأموال استنادا ونص المادة (310) سابق الإشارة إليها.
الحالة الثانية: أي انحراف في السير لإنقاذ أو محاولة إنقاذ الأرواح أو الأموال
وهذا ما أكده البند (1/3) من المادة (252) من القانون ذاته "لا يسأل الناقل البحري عن هلاك البضائع أو تلفها الناشئ عن واحد أو أكثر من الأسباب الآتية: ..... م: أي إنحراف في السير لإنقاذ الأرواح أو لأموال ....".
ويعرف الإنحراف بأنه: تغيير مسار السفينة المعتاد أو المتفق عليه دونما ضرورة أو سبب مشروع مع بقائها متجهة إلى ميناء الوصول المحدد.
وتجدر الاشارة ان الإعفاء المنصوص عليه في هذا الصدد يتضمن أمرين: الإنحراف بغرض إنقاذ أو محاولة إنقاذ الأرواح أو الأموال في البحر أو أي انحراف بشرط ـ كما ورد في النص ـ أن يكون معقولا، فكما هو واضح أن نطاق النص لا يقتصر على نوع معين من الإنحراف بشرط المعقولية.
ويبقى تقدير معقولية الانحراف من عدم معقوليته إلى قاضي الموضوع فهو مرهون بما يقدمه الناقل من أدلة ووقائع تعضد ما يدعيه كأن يكون سبب انحرافه إضراب في ميناء التفريغ المتفق عليه. أو وجود مناورات عسكرية في الطريق المتفق عليه. أما إذا كان سبب الإنحراف غير معقول كما لو تم بقصد زيادة حمولة السفينة من ميناء يقع فى خط سير السفينة، فهنا تظل مسؤوليته قائمة في حالة هلاك البضاعة أو تلفها أو حتى التأخير في وصولها.

* نائب العميد للشؤون الأكاديمية
كلية الزهراء للبنات
[email protected]