د. سالم الفليتي:

رتب المشرع بمقتضى المادة (40) من قانون العمل العماني على انقطاع العامل عن عمله دون عذر مقبول جزاء، بأنه اجاز لصاحب العمل الحق في فصله دون سبق اخطاره ودون مكافأة نهاية الخدمة، حيث يجرى نص هذه المادة على النحو الآتي: “لصاحب العمل فصل العامل دون سبق اخطاره وبدون مكافأة نهاية الخدمة في أي من الحالات الآتية ..... 4 – إذا تغيب دون عذر مقبول عن عمله اكثر من عشرة أيام خلال السنة الواحدة أو أكثر من سبعة أيام متصلة، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل بعد غيابه خمسة أيام في الحالة الاولى ....”.

ولا نميل الى ما ذهب إليه المشرع من اعتبار غياب العامل دون عذر مقبول سببا يسوغ لصاحب العمل فصل العامل وأية فصل هذا .... فصل دون سبق الاخطار ودون مكافأة نهاية الخدمة ـ للأسباب التالية:
1 – بقراءة الحالات الثماني الواردة بنص المادة (40) وبغض النظر ما اذا كانت هذه الحالات وردت حصرا أو على سبيل التعداد جميعها تتحدث عن إخلال جسيم يأتيه العامل ينتج عنه ضرر جسيم لصاحب العمل عدا الحالة الرابعة ـ موضوع مقالنا هذا . فليس من العدل والمساواة إدخال هذه الحالة ضمن الحالات التي اذا ما وقعت يجيز لصاحب العمل فصل العامل.
2 – على اعتبار الاستقالة عمل إرادي قانوني، وان كانت من جانب واحد فانه يمكن اعتبار غياب العامل عن عمله بمثابة استقالة ضمنية منه طالما هذا التصرف خاليا من أي عيب من عيوب الارادة بكافة أنواعه واشكاله ـ ولذا نرى ـ على الاقل من وجهة نظرنا ـ أن يضمن غياب العامل دون عذر مقبول بمثابة استقالة ضمنية تدخل في نطاق البند (4) من المادة (43) من القانون ذاته ـ أخذا بالمفهوم الموسع للاستقالة الا اذا دلت ظروف الحال وملابسات الانقطاع وما صاحبه من أمور الانقطاع كان لسبب آخر غير الاستقالة.
3 - وفوق ذلك يتوجب على صاحب العمل إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل بهدف أن يستبين مدى إصراره على ترك العمل وعزوفه عنه . وفوق ذلك يجب ان يتضمن الانذار اعلان العامل بما تؤول إليه نتيجة انقطاعه عن عمله أي يكون في حكم المستقيل إضافة إلى أن هذا الانذار وما يترتب عليه تمكن العامل فى الوقت ذاته من إبداء عذره قبل اتخاذ الاجراءات القانونية ضده حتى لا يفاجئ بأعمال قرينة الاستقالة (الاستقالة الضمنية).
ونقترح هنا ان يتم الإنذار بعد خمسة أيام في الحالتين أي سواء أكانت أيام الغياب متصلة أم منفصلة طالما وقعت خلال السنة الواحدة.
وإن كان لنا رأي نوصي المشرع العماني أن يعدل عن موقفه هذا في قانون العمل الجديد بحيث يخرج غياب العامل عن عمله من دائرة الفصل وادخالها في نطاق الاستقالة بمفهومها القانوني الواسع ،،،