(نظرية الاستصحاب فى المذاهب الإسلامية وإمكانيات التجديد) (1) عبدالحي عزب: معرفة الاستصحاب كدليل من أدلة التشريع أو كنظرية من النظريات الفقهية له قيمة عظيمة فى النهوض بقضايا العصر ومستجدات الزمان جاءت ندوة تطور العلوم الفقهية في عُمان من خلال عنوانها:(فقه العصر .. مناهج التجديد الديني والفقهي) والتي عقدت خلال الفترة من 15 إلى 18 جمادى الأولى 1436هـ، الموافق 5 إلى 8 ابريل 2015م في نسختها الحادية عشرة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بتوجيهات سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.ومن ضمن ما قدم خلال الندوة من بحوث وأوراق عمل كانت لنا هذه القراءة في بحث بعنوان:(نظرية الاستصحاب فى المذاهب الإسلامية وإمكانيات التجديد( للاستاذ الدكتور عبدالحي عزب عبدالعال ـ رئيس جامعة الأزهر الشريف.يقول الباحث في مستهل بحثه: ان موضوع الاستصحاب كدليل أو كنظرية حسبما يراه البعض هو قناة من قنوات علم عظيم وهو علم أصول الفقه، هذا العلم الذى تخصص فى بسط الأدلة وطرق الاستنباط فى التشريع الإسلامى مما كان له بالغ الأثر فى تيسير السبل أمام، وما دمنا قد أدركنا ما لعلم أصول الفقه من أهمية فى إدراك الأحكام وفهم الألفاظ وتربية الملكة والقدرة على الاستنباط فإن قيمة ما كلفت من الكتابة فيه تحت عنوان: (نظرية الاستصحاب فى المذاهب الإسلامية وإمكانيات التجديد) قد اتضحت أهدافها تماماً، حيث إن معرفة الاستصحاب كدليل من أدلة التشريع كما قال البعض، أو كنظرية من النظريات الفقهية كما أطلق عليه البعض له قيمة عظيمة فى النهوض بقضايا العصر ومستجدات الزمان، وكيف لا وهو طريق لاستصحاب الأحكام والبناء على ما يصلح منها لتيسير حياة الناس فى دينهم ومعاشهم.موضحاً بأنه ومن هنا انطلقت للكتابة فى هذا الموضوع من محاور ثلاثة، المحور الأول: معنى الاستصحاب وهل هو دليل أم نظرية، والمحور الثانى: أنواع الاستصحاب ونهج المذاهب الإسلامية فيه، والمحور الثالث: أثر الاستصحاب فى بناء الأحكام الفقهية ودوره فى التجديد، فالمحور الأول:(معنى الاستصحاب وهل هو دليل أم نظرية)، حيث إن معنى الاستصحاب لغة: الاستصحاب مصدر من الفعل استصحب، فهو طلب المصاحبة أى الملازمة، فيقال اصطحب الرجلان، وتصاحبا أى صحب بعضهم بعضاً، واستصحب الرجل الرجل أى دعاه إلى الصحبة، وكل ما لازم شيئاً فقد استصحبه، ومن هنا فإنه حينما يقال: استصحب الحال أى تمسك بالحال التى كانت والتزمها.وقال: إن اقرب ما ورد من عبارات لأهل الأصول، ومعنى الاستصحاب اصطلاحاً: إن الاستصحاب هو بقاء الحال على ما كان عليه ما لم يوجد ما يغيره، وقيل: هو الحكم بثبوت أمر فى الزمان الثانى بناء على ثبوته فى الزمان الأول حتى يقوم الدليل على التغيير، وقيل: لعدم وجود ما يصلح للتغيير، وهذه المعانى وغيرها تؤدى إلى مراد واحد وهو أن حقيقة الاستصحاب عبارة عن أن حكما ما قد ثبت فى الزمن الماضى وظل هذا الحكم على أصله من الثبوت، حيث لم يوجد ما يدل على نفيه أو يؤكد نفيه فإنه يمكن استصحاب هذا الحكم الذى ثبت فى ذلك الزمان على الحال الموجودة فى الحاضر ما دام حال الحكم فى الماضى قائمة كذلك فى الحاضر، فإنه يمكن ثبوت هذا الحكم واستصحابه إلى الحاضر، هذا فى جانب الإثبات، وكذلك فى جانب النفى إذا انتفى حكم فى الماضى ولم يوجد ما يصلح للتغيير فإنه يمكن استصحاب حكم النفى إلى الحاضر، فالمجتهد هنا يقوم بإبقاء الأمر على ما كان فى الماضى، أى يبقى الحال القائمة فى الحاضر على ما كان فى الماضى ما دام لم يقم دليل على التغيير أو يتأكد التغيير، وهذا الأمر يعد استصحابا لحكم الماضى إلى الحاضر، حيث جُعلت الحال مصاحبة للحكم، ومن هنا سمى استصحاباً وليس صحبه أو مصاحبه لأن الهمزة والسين والتاء يفهم ما يدل على الطب وهو طلب المجتهد للحكم واستصحابه له... وللموضوع بقية في الاسبوع القادم. اعداد ـ علي بن صالح السليمي: