عرض ـ محمد عبدالصادق :
مع انطلاقة معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الرابعة والعشرين، دشن الكاتب الصحفي والأديب العماني خلفان الزيدي كتابه الجديد القيم"عشر سماوات فاتنات" والذي ينتمي لأدب الرحلات ويقع الكتاب في 270 صفحة من القطع المتوسط ويتكون من إهداء وعشرة فصول؛ حيث يطوف بنا الكاتب من خلال صفحات الكتاب بين عشرة أقطار عربية وإسلامية وأوروبية وآسيوية؛ يصور بقلمه الرشيق أحوال البشر والزمان والمكان بطريقة سرد شيقة وصياغة لغوية سهلة ومحكمة؛ تؤسر وجدان القارئ بمجرد تصفحه وتجعله يشعر عقب الانتهاء من القراءة أنه كان مشاركا في هذه الرحلات و زار مع الكاتب تلك البلدان وبات يعرف ناسها :عاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم و أهم معالمها ومزاراتها.
اختار خلفان الزيدي دمشق ليبدأ رحلته الممتعة ونعتها بالفيحاء وهو الاسم الذي اشتهرت به هذه المدينة الخالدة، واختار بيتا شعريا لنزار قباني يقول فيه : "لو يعرش الياسمين على أصابعي "عنوانا لفصله الأول ليعبر عن عشقه لدمشق، ويحكي لنا الزيدي عن رفقاء الرحلة إلى دمشق الأستاذ محمد بن سليمان الطائي رئيس تحرير جريدة الوطن والمصور الصحفي سعيد البحري ويتحدث عن المواقف الإنسانية الرائعة لمحمد بن سليمان الطائي الذي شارك المؤلف حبه لدمشق وحرصه على زيارتها أكثر من مرة منذ زارها أول مرة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي.
يصف الزيدي أحياء دمشق قائلا: " كانت المباني والدور السكنية العالية تتقارب من بعضها البعض وكانت كينونة المدينة تماثل الصورة المحفورة في ذاكرتي لمدن وعواصم تاريخية أخرى...كانت روح الشرق متناسخة بين هذه المدن إلى حد كبير".
يصحبنا الزيدي في جولة بساحة الأمويين وطرقات دمشق القديمة والحديثة وشوارع المزة الغربية والشيخ سعد ومدينة المعارض ومقام السيدة زينب والأنوار الخضراء التي تزينه والمسجد الأموي وسوق الحميدية وقصر العظم وجبل قاسيون ويصف لنا الطرز المعمارية الفريدة التي تميز هذه الأماكن التاريخية والمتاجر الصغيرة والباعة الجائلين الذين يعرضون الجلاليب الشامية والتحف الفنية والسبح والأحجار الكريمة والحلويات الشامية والمكسرات والسكاكر.
ويصحبنا الكاتب في زيارة لضريح صلاح الدين الأيوبي الذي يقول عنه الكاتب:" لابد للمرء أن يدخل شامخا رافع الرأس معتزا بتاريخه وتاريخ أولئك القادة والرجال الذين سطروا ملاحم خالدة في التاريخ الإسلامي والعربي وصنعوا مجد أمة".
الرحلة الثانية كانت إلى مصر الذي عنونها الكاتب بـ "إنها مصر فانطلق يا لساني" والتي يقول عنها الزيدي:" أي قدر قذفك في هذه المدينة الضاجة بالتفاصيل المزدحمة بالأحداث الممتلئة بالحكايات ؟!.... أكداس من البشر تغدو وتروح تحمل على أكتافها حكايات مثقلة بالوجع ومثخنة بالحياة، لاتدري أي خاتمة ستسدل الستار على مشوارها", وحين يصف نهر النيل يقول:" والنيل يمضي كما الحياة هادئا وادعا فوحده الشاهد على حكاية طويلة، ليس لها بداية وليس لها نهاية، يسامر العشاق وهو لا يعرف أين مبتدأ حكايتهم ولا أين خاتمتها".
يتحدث عن دار الأوبرا وشوارع وسط البلد وميدان طلعت حرب.. مكتبة مدبولي.. دار الشروق.. بنك مصر، خان الخليلي حي الأزهر والحسين، شارع جامعة القاهرة.. ميدان الجيزة.. شارع الهرم.. قلعة صلاح الدين، النادي الأهلي والمراكب النيلية وصوت أم كلثوم ويقول :" لا يمكن أن تشعر بالغربة في القاهرة حتى وأنت تأتيها تائها وهائما في زيارتك الأولى، ثمة أمكنة تعرفك وتعرفها قبل أن تدخل بوابتها".
الرحلة الثالثة للكاتب إلى البحرين، وعنونها الزيدي بـ" الغراب لاينعب في دلمون" ويصف فيها انطباعه عن زيارته لمتحف البحرين الوطني الذي يراه الكاتب بوابة العبور إلى حضارات دلمون وتلمون وتايلوس، وهي أسماء لأرض واحدة حوت عجائب الدنيا، وقرية عراد بجزيرة المحرق وقلعة عراد التي تشير إلى الوجود العماني في البحرين، والعادات والتقاليد والموروثات الشعبية والعمارة والبناء والنسيج الاجتماعي والتواصل الحضاري ودور العمانيين في صنع تاريخ البحرين والصلات الوثيقة بين البلدين في المجال البحري والتشابه الحضاري بين الشعبين الشقيقين والحلوى البحرينية التي تشبه الحلوى العمانية بنكهة مغايرة.
الرحلة الرابعة كانت إلى المغرب, والذي يقول عنها الكاتب:" إن تسافر إلى بلاد مثقلا بالحنين ومتدثرا بالشوق فلا مناص أن تكون رحلتك هذه واحدة من أجمل الرحلات".
ويتحدث عن زيارته للدار البيضاء والرباط وفاس وطنجة ومراكش التي استمرت ثلاثة أسابيع متنقلا بين مدنها وقراها والذي رافقه خلالها صديقه وزميل المهنة فيصل العلوي وكوكبة من الإعلاميين والمثقفين العمانيين.
يصف منظر الدار البيضاء من نافذة الطائرة قائلا :" كانت الدار البيضاء تبدو من الأفق لوحة سريالية غير مكتملة المعالم مبان متداخلة كأنها مكعبات لعب الأطفال وتداخلات بين اليابسة والماء هنا يفتح ميناء المدينة ساعديه ليستقبل البواخر المحملة بالبشر والحجر"، ورغم أنها زيارته الأولى للمغرب إلا أنه يقول: إنه يعرفها كما يعرف نفسه من خلال الأشعار والروايات والكتب والمؤلفات، وقصص محمد شكري والطاهر بن جالون وأشعار سعدي يوسف وجان جنيه وعبدالله الريامي ومحمد الحارثي وزاهر الغافري.
يتحدث عن الرباط التي اتخذ فيها مسكنا، هذه المدينة العتيقة المطلة على المحيط الأطلسي ونهر أبي رقراق وصومعة حسان وأحياء أكدال والصاغة وبرج حسن وقصبة الأوادية.
يصف لنا مناخ المغرب وطقسه البارد شتاء، ويقول وجدت المغرب التي أعرفها، التي تجمل الصورة الأنيقة لبلاد عربية وفكر مستنير لشباب يشق طريقه وينشد الغد الزاهي، وجدت الترابط والتلاحم بين الشعب وقيادته..."، ويتحدث عن الحركة المسرحية والسينمائية في المغرب..
ويحدثنا عن رحلة البحث عن سكن مناسب في مدينة الرباط وعن الطعام المغربي الشهي والثقافة المغربية وعن العلاقة بين رفقاء الرحلة و طيبة أهل المغرب البسطاء وسائق الحافلة الذي تمنى زيارة السلطنة من فرط تأثره بالطيبة والصفات الحميدة للعمانيين وحديثهم عن طبيعة المدن والولايات العمانية، فأحبهم لدرجة بكائه حين فراقهم عند انتهاء الرحلة.
والرحلة الخامسة إلى جزر القمر وعنونها الزيدي بـ" أغنية على ضفاف المحيط" ويقول عنها:" نظرت إلى تذكرة السفر التي ستقودني إلى موروني عاصمة جمهورية القمر المتحدة وأكبر مدن الأرخبيل ومسارات الرحلة التي ستأخذني من مسقط إلى دبي ثم إلى نيروبي فجزيرة مايوت أو ماهوري قبل أن نحط الرحال في أقصى دولة جنوبية في الوطن العربي، لتغطية أحداث المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عمان بدول القرن الإفريقي" الذي نظمته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية القمر المتحدة خلال الفترة من 6إلى 8 ديسمبر 2016م بمقر البرلمان الاتحادي.
الرحلة السادسة كانت إلى قبرص ووضع لها الكاتب عنوان :"أول العشق أفروديت" والتي يقول عنها:" لم أعرف عن قبرص غير أنها جزيرة وما عدا ذلك مرهون باكتشاف ما سيأتي من أحداث.." ويحدثنا عن أفروديت.. ربة الحب والجمال وعن شوارع العاصمة ليماسول ومناخها المعتدل ؛ حيث تقع في جنوب أوروبا وعن الصراع بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين.
الرحلة السابعة كانت إلى باكستان وعنونها الكاتب بـ "الطريق إلى بيشاور" وكان بصحبته الكاتب عبد الحميد الطائي الذي سبق له زيارة باكستان منذ ربع قرن مضى والشاعر والصحفي حسن المطروشي, ويحكي لنا الكاتب عن خوفه من برد باكستان القارس شتاء والملابس الشتوية الثقيلة التي حملها معه للحماية من هذا الطقس، يقول الزيدي قبل الرحلة :" نظرت إلى الخارطة الممتدة من بلوشستان شرقا حتى جامو وكشمير غربا ومدن عدة تحتضن الخارطة... ثمة مدن نعرفها وأخرى نبحث عن مكان لها في الذاكرة، إسلام آباد، كراتشي، لاهور، حيدر آباد، بيشاور، فيصل آباد.
الرحلة الثامنة كانت إلى المملكة المتحدة لزيارة مصنع صناعة السيارات الرولز رويس واسماها الكاتب بـ "ليلة في قلعة أمبرلي" والتي لم تستغرق سوى 48 ساعة منها 32 ساعة طيران وثماني ساعات نوم ولم يتبق سوى ثماني ساعات يجوب فيها مدينة الضباب التي لم يزرها الكاتب من قبل ويقول عنها :" من نافذة الطائرة لاحت لي المدن الإنجليزية المشرقة من قلب الريف، حيث المراعي العشبية باتساع الصورة وثمة خطوط خضراء بارزة بين كل مساحة وأخرى, كنت أتأملها جيدا لأتبين ماهيتها".
الرحلة التاسعة كانت إلى ألمانيا, وحملت عنوان "غريب في بادربورن " وكانت برفقته أصدقاء يعملون في مجال السياحة وسافروا للترويج السياحي للسطنة في ألمانيا وكانت وجهتهم مدينة بادربورن.
الرحلة العشرة والأخيرة كانت إلى الصين, وحملت عنوان: "الصعود إلى قمة لاوشان" ويصطحبنا الكاتب في رحلة إلى مدن ومعالم الصين المتنوعة وأشهرها سور الصين العظيم والمدينة المحرمة وقصر الأمبراطور وزيارة لشركات التكنولوجيا والأجهزة الحديثة التي غزت المدن الصينية.