مدير عام تطوير المشاريع بـ(جلاس بوينت عمان):
ـ إنشاء"مرآة" يتم بشكل متسلسل ويمكن البدء في إنتاج البخار بالطاقة الشمسية بمجرد اكتمال البيت الزجاجي
ـ القطاع الخاص أصبح يدرك الآن بأن مستقبل الأعمال يعتمد بشكل كبير على الطاقة البديلة

حوار ـ يوسف الحبسي:
تتسارع وتيرة العمل في مشروع مرآة لتوليد البخار بالطاقة الشمسية الذي تنفذه شركة تنمية نفط عمان وجلاس بوينت سولار بحقل أمل النفطي، جنوب منطقة الامتياز، إذ تم تسليم أول أربعة بيوت زجاجية حسب الجدول الزمني والميزانية المحددة وتم دمجها في شبكة البخار في حقل أمل حيث تعمل وفقا لاحتياجاته التشغيلية اليومية، وتبلغ إجمالي السعة الإنتاجية للبيوت الزجاجية الأربعة 100 ميجاواط وبإمكانها توليد 660 طنا من البخار يومياً، وتمضي الشركة قدماً تجاه تسليم المزيد من البيوت الزجاجية في المشروع بالمستقبل القريب ودمجها في شبكة البخار حسب المتطلبات في شركة تنمية نفط عُمان.
"الوطن الاقتصادي" حاور بدر السريري، مدير عام تطوير المشاريع لدى جلاس بوينت عمان الذي أكد أن السلطنة تشهد تطوراً ملموساً في مجال الطاقة المتجددة في الأعوام الأخيرة وهو ما يتماشى مع الاتجاهات العالمية السائدة في هذا الشأن، وباتت الطاقة الشمسية تشكل الخيار الأمثل للسلطنة كبديل لتأمين احتياجاتها من الطاقة بالإضافة إلى طاقة الرياح التي يتم اعتبارها الآن مصدرا محتملا للطاقة في المناطق الجنوبية للسلطنة.
وفيما يلي نص الحوار:
ـ ما هو الجديد في جلاس بوينت لعام 2019؟
** بعد نجاح مشروع "مرآة" بالسلطنة والذي تم تنفيذه بالتعاون مع شركة تنمية نفط عُمان، قمنا من خلاله بتأكيد كفاءة وموثوقية تقنيتنا للطاقة الشمسية وتحقيق إنجاز جديد في مسيرتنا حيث وقعنا إتفاقية تعاون مع أوكسيدنتال عُمان لدراسة إنشاء محطة عملاقة لتوليد البخار بالطاقة الشمسية بسعة تتجاوز 2 جيجاواط.
من المتوقع أن يخفض المشروع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة بالبيئة بمعدل 800,000 طن سنوياً، وبالطبع سنواصل خلال العام الجديد جهودنا الرامية إلى تعزيز مكانتنا كرواد لتقنيات الطاقة الشمسية في مختلف أنحاء العالم فنحن على ثقة بأن تقنيتنا سيكون لها أثر ايجابي كبير في تغيير الوسائل المستخدمة في استخراج وإنتاج النفط، ولذا، نستمر بتطوير حلول مستدامة لقطاعات صناعية مختلفة تتميز بفعاليتها وانخفاض تكلفتها وأمانها وحفاظها على البيئة.

تخفيض التكاليف
ـ ما هي أهم ملامح جاهزية مشروع مرآة لتوليد البخار بالطاقة الشمسية في عام 2019؟
** نجحنا حتى الآن في التقدم في تنفيذ خطة مشروع مرآة حيث قمنا بإكمال وتسليم أول أربعة بيوت زجاجية حسب الجدول الزمني والميزانية المحددة وتم دمجها في شبكة البخار في حقل أمل حيث تعمل وفقاً لاحتياجاته التشغيلية اليومية، وتبلغ إجمالي السعة الإنتاجية للأربعة بيوت الزجاجية 100 ميجاواط حيث بإمكانها توليد 660 طنا من البخار يومياً، ونمضي قدماً تجاه تسليم المزيد من البيوت الزجاجية في المشروع بالمستقبل القريب ودمجها في شبكة البخار حسب متطلبات شركائنا في شركة تنمية نفط عُمان، والمميز أننا تمكنا خلال إنشاء هذه البيوت الأربعة من تخفيض التكاليف بنسبة 55% مقارنة بالمشروع التجريبي الأول ونواصل العمل على زيادة هذه النسبة في البيوت المقبلة.
وبشكل عام، يتم إنشاء"مرآة"بشكل متسلسل ومتتال، حيث يمكّن شركة تنمية نفط عُمان بالبدء في إنتاج البخار بالطاقة الشمسية بمجرد اكتمال كل بيت زجاجي، مما يعزز من معدل إنتاج النفط الثقيل ويفي بمتطلبات الحقل من البخار.

النفط الثقيل
ـ كم بلغت الطاقة الإنتاجية الإجمالية للمشروع؟ وماهي كمية البخار المنتجة يومياً؟
** ستبلغ السعة الإنتاجية لمشروع مرآة بمجرد اكتماله 1021 ميجاواط من الطاقة الحرارية مشكلاً بذلك إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم لإنتاج 6000 طن من البخار يومياً،وفي الوقت الراهن، تبلغ السعة الإنتاجية للأربعة بيوت التي تم إكمالها وتسليمها 100 ميجاواط من البخار يومياً على أن يتم توليد البخار يومياً حسب احتياجات استخراج النفط الثقيل في حقل أمل للنفط بجنوب السلطنة.
ـ ما هي أهم التحديات التي يواجهها مشروع مرآة للطاقة الشمسية؟ وكم تبلغ ساعات العمل دون حوادث معطلة للعمل بهذا المشروع؟
** لقد ساهمت تقنية البيوت الزجاجية المغلقة المبتكرة من قبل جلاس بوينت على مواجهة أبرز التحديات التي يواجهها مشروع مرآة، وتكمن هذه التحديات بالظروف الصحراوية الصعبة في حقول النفط البعيدة كالرياح المصحوبة بذرات الرمل على سبيل المثال، فتقنيتنا تعتمد على وضع كافة المكونات الحساسة كالمولدات والمرايا والأنابيب داخل بيوت زجاجية مغلقة لحمايتها من الظروف البيئية المحيطة مما ساهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية للمولدات وزيادة الإنتاجية وتخفيض تكاليف التشغيل والصيانة .. كما نواصل أيضاً الاستثمار والابتكار في عمليات البحث والتطوير، فقد استطعنا أثناء تنفيذ الأربعة بيوت الزجاجية الأولى تخفيض التكاليف بنسبة 55% مقارنة بالمشروع التجريبي الذي نفذناه في عام 2012، وجاء هذا النجاح في تخفيض التكاليف كثمار لتصاميمنا المطورة وأدواتنا المبتكرة وخبرة فريق عملنا التي اكتسبوها في مجال إنشاء مشاريع الطاقة الشمسية، وسنواصل خلال الفترة المقبلة تخفيض التكاليف مع تسليم بيوت زجاجية جديدة.
ومن ناحية ساعات العمل التي استطعنا تحقيقها بدون إصابات مضيعة للوقت، فقد احتفلنا مؤخراً بتحقيق 4 ملايين ساعة دون أي إصابات وذلك بفضل إجراءات ومعايير السلامة العالمية التي نتبعها في جميع الجوانب التشغيلية.

حقل أمل
ـ كيف تساهم تقنية جلاس بوينت في استخلاص النفط الثقيل؟
** على خلاف ألواح الطاقة الشمسية التي تولد الكهرباء، نستخدم في جلاس بوينت مرايا كبيرة ومنحنية لتركيز أشعة الشمس على انابيب تحتوي على مياه مما يؤدي لتحويل المياه إلى بخار دون أي انبعاثات ضارة بالبيئة، ويتم بعد ذلك حقن البخار في طبقات الأرض المحتوية على النفط لتسخينه وتسهيل عملية ضخه إلى السطح. ويتم وضع المرايا ومكونات النظام الأخرى في بيوت زجاجية مغلقة لحمايتها من الرياح والرمال وظروف الطقس الصعبة في حقول النفط مثل حقل أمل، وتساهم البيوت الزجاجية ذات عمليات الغسيل الآلية في تخفيض التكاليف وتعزيز الأداء مقارنة بتصاميم الطاقة الشمسية الأخرى المكشوفة، مما يخفض من كمية المواد والمياه المستخدمة.

الطاقة المتجددة
ـ كيف تنظرون لمستقبل مشاريع الطاقة البديلة في السلطنة خلال المرحلة القادمة؟
** تشهد السلطنة تطوراً ملموساً في مجال الطاقة المتجددة على مدار الأعوام الأخيرة وذلك بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية السائدة في هذا الشأن، ومن خلال الاستفادة من شمسها المشرقة على مدار العام، باتت الطاقة الشمسية تشكل الخيار الأمثل للسلطنة كبديل لتأمين احتياجاتها من الطاقة بالإضافة إلى طاقة الرياح التي يتم اعتبارها الآن مصدر محتمل للطاقة في المناطق الجنوبية للسلطنة، ومن هذا المنطلق تعاونا مع شركة تنمية نفط عُمان في إنشاء مشروع مرآة الذي يُعد ضمن أكبر محطات الطاقة الشمسية على مستوى العالم، ويتم في هذا المشروع استخدام طاقة الشمس النظيفة في عمليات الاستخلاص المعزز للنفط الثقيل في حقل أمل بجنوب السلطنة عوضًا عن الغاز الطبيعي مما يساهم في توفير الغاز القيّم لاستخدامه في صناعات وتطبيقات أكثر قيمة من شأنها دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
ومن جانبنا، وللوفاء بالطلب المتنامي على الطاقة المتجددة في السلطنة، وحرصنا على تنمية البحث العلمي والابتكار في مجال الطاقة، أطلقنا مؤخراً برنامج "شعلة جلاس بوينت للابتكار" وتم إعداد هذا البرنامج الهادف بالتعاون مع مجلس البحث العلمي، والهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة)، ومجمع الابتكار مسقط، وصندوق "شراكة" لتوفير منصة رائدة لتطوير حلول مبتكرة من شأنها تحقيق الاستدامة بالسلطنة.
ويستهدف هذا البرنامج الشباب العُماني الطامح لتحويل ابتكاراته إلى مشاريع قابلة للتنفيذ في مجال الطاقة المتجددة وإدارة المياه، وخلال مدته التي تستمر لعامين، يجمع شعلة جلاس بوينت للابتكار بين ثقافة الابتكار وثقافة ريادة الأعمال في برنامج متكامل لاحتضان المشاريع وتوجيهها، ويعمل البرنامج على توفير فرص تفاعل بين المشاركين والخبراء، بالإضافة للتواصل مع المستثمرين لتمويل أفكارهم للحصول على فرص تطويرها وتحويلها إلى مشاريع تجارية فعلية، كما يعمل البرنامج على تزويد رواد الأعمال العُمانيين بنظام متكامل يشمل الدعم العلمي والفني والعملي، وتدريبهم على وضع استراتيجيات تقييم المخاطر والحد منها، ومراجعة خطط العمل الخاصة بالمشاريع، وتوسيع النطاق التجاري لابتكاراتهم، إضافة إلى مراجعة التقارير المالية والتدفق النقدي الفعلي للمشروع وتحديد مجالات التحسين.

القطاع الخاص
ـ كيف تنظرون للدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في الاستثماربالطاقة البديلة؟ وما هي مجالات الاستثمار التي ترونها مناسبة في هذا المجال؟
** نؤمن بأن القطاع الخاص أصبح يدرك الآن بأن مستقبل الأعمال أصبح يعتمد بشكل كبير على الطاقة البديلة كونها أوفر من حيث التكلفة وأكبر من حيث القيمة وتحافظ على البيئة في الوقت ذاته، ويلزم مؤسسات وشركات القطاع الخاص الآن أخذ زمام المبادرة في مواكبة التطورات المتسارعة في العالم، فعلى سبيل المثال، تقوم شركات النفط بإنتاج النفط الثقيل بشكل متزايد نظراً لكونه أكثر من نصف احتياطي النفط العالمي وبالتالي تتجه الشركات إلى استخدام تقنية الاستخلاص المعزز للنفط حرارياً، ومع تحديات شح الغاز الطبيعي، جاءت تقنيتنا للاستخلاص المعزز للنفط بالطاقة الشمسية والتي نعتمد خلالها على أشعة الشمس لتسخين المياه وإنتاج البخار اللازم لاستخراج النفط الثقيل.
أما بالنسبة لمجالات الاستثمارات المناسبة في هذا المجال فحدث ولا حرج حيث يمكن استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية بدلاً من استخدام الوقود الأحفوري في ذلك.
ـ ما هي الجوانب التي يجب الاشتغال عليها لتأسيس مجالات الاستثمار في الطاقة البديلة؟ وهل أنتم مع إنشاء هيئة مستقلة في هذا المجال؟
** كما ذكرت سابقاً فإن الطاقة البديلة هي مستقبل العالم، وبات على جميع الدول الآن التركيز على الاستثمار بها من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية المختلفة، ولعل أبرز دليل على ذلك ما حدث خلال الأعوام الماضية عند انخفاض أسعار النفط. الأمر الذي جعل العالم يغير نظرته ويقلل من التركيز على عائدات النفط والغاز مع الاتجاه للاستثمار في مصادر الطاقة البديلة لتوليد الكهرباء واستخراج النفط وغيرها من المجالات المتعددة.
فعلى صعيد جلاس بوينت، قمنا، بالتعاون مع شركة تنمية نفط عُمان، بتدشين مركزنا التقني الجديد تحت اسم "سولارايز"، ويختص هذا المركز في أبحاث الطاقة الشمسية، والابتكار والاستدامة في الطاقة، ويُعد مبادرة مشتركة تهدف إلى تطوير واختبار الجيل الجديد من تقنيات الطاقة الشمسية .. وسيركز المركز على تخفيض التكاليف، بما في ذلك المفاهيم والتصاميم الجديدة التي من شأنها تخفيض تكاليف المواد، وتسهيل دمج تقنيات الطاقة الشمسية في حقول النفط وعملياتها المختلفة. وسيقوم المركز بتجربة وتقييم الحلول الخاصة باستخدام الطاقة الشمسية في حقول النفط وعمليات التصنيع الأخرى بالسلطنة وأنحاء العالم.
أما عن إنشاء هيئة مستقلة في هذا المجال، بالطبع من الجيد أن يكون هناك جهة مختصة بتعزيز نمو وانتشار هذا القطاع لما له من دور حيوي في الاقتصاد الوطني، فضلاً عن كونه من أهم العوامل للحفاظ على البيئة خاصة في ظل التحديات التي يشهدها العالم الآن بسبب تغير المناخ.