د. سالم الفليتي :على اعتبار الأجر عنصراً جوهرياً في عقد العمل وركناً من أركانه أحاطه المشرع العماني بجملة من الضمانات التي تحميه، وعلى هذا أوجبت المادة (23) من قانون العمل أن يتضمن عقد العمل ـ وعلى وجه الخصوص ـ عدة بيانات أهمها الأجر، حيث يجري نص هذه المادة بالآتي: "يجب أن يتضمن عقد العمل على وجه الخصوص البيانات الآتية: .... 4- الأجر الأساسي وأية علاوات أو مزايا أو مكافآت يستحقها العامل بموجب شروط الخدمة السارية، وطريقة وموعد الأجر المتفق عليه ...".وسبق ـ في مقالات سابقة ـ أن بينا أهم مظاهر هذه الضمانات والتي أهمها أن المشرع ألزم صاحب العمل تأدية الأجر في المواعيد المتفق عليها وأن يتم دفع هذا الأجر نقداً وبالعملة المتداولة قانوناً من منطلق تمكين العامل من معرفة مقدار مايحصل عليه استناداً ونص المادة (49) من القانون ذاته: "تؤدى الأجور وغيرها من المبالغ المستحقة للعامل بالعملة المتداولة قانوناً...".الأجر يعد مقابلاً للعمل الذي يؤديه العامل بموجب عقد العمل وبما يتوافق ونص المادة (27) من قانون العمل وبالتالي من المؤكد أن هذا الأخير لايستحق أجراً إذا لم يؤد العمل المكلف به والمتفق عليه.. كما هو الحال عندما ينقطع أو يتغيب العامل عن عمله دون وجود مبرر قانوني ودون عذر مقبول وخارج نطاق الإجازات والراحات المنصوص عليها في قانون العمل .. لكن هذه القاعدة لا يمكن ـ بحال من الأحوال ـ تطبيقها على الإطلاق فقد أورد المشرع عدة استثناءات يستحق فيها العامل أجره كاملاً رغم عدم قيامه بالعمل .. لعل أهم هذه الإستثناءات والتي تبحثها مقالتنا هذه تتمثل في:أولاً: إذا وضع العامل نفسه تحت تصرف صاحب العمل ولم يكلفه هذا الأخير بأي عمل، تنص المادة (664) من قانون المعاملات المدنية العماني على أنه: "على صاحب العمل أن يؤدي للعامل أجره المتفق عليه متى أدى عمله أو أعد نفسه وتفرغ له وإن لم يسند إليه عمل".يتضح للقارئ من نص هذه المادة أن العامل يتقاضى الأجر في كل مرة يتوقف فيها عن العمل لسبب لا يعود إليه شخصياً وإنما يعود لصاحب العمل حتى في الأحوال التى لا يتوافر فيها خطأ من جانب هذا الأخير... وبالتالي فإنه واستناداً للمادة المشار إليها سلفاً فإن صاحب العمل لاتبرأ ذمته من أجر العامل إلا إذا قام بالوفاء بالأجر مع مراعاة ماتقضي به المادة (53) من القانون ذاته.وبالتالي إذا رغب صاحب العمل أن يتحلل من التزامه بدفع الأجر فإنه وطبقاً للقواعد العامة في هذا الشأن عليه أن يثبت قيام السبب الأجنبي أو القوة القاهرة فإن لم يتمكن يكون عندها ملزماً بدفع الأجر طوال مدة توقفه عن العمل طالما أن العامل قد استوفى ما تقتضيه بنود المادة (27) من القانون، سابق الإشارة إليها. وما يجب ملاحظته في هذه الجزئية أن العامل يستحق أجره في هذه الحالة طالما لم يعمل عند صاحب عمل آخر، ولم يثبت انتهاء الرابطة بينه وبين صاحب العمل بأي صورة من الصور.ثانياً: الإجازات والراحة الأسبوعيةومثال ذلك الإجازات السنوية والإجازات المرضية والإجازات الخاصة والراحة الأسبوعية التي لا تقل عن يومين متتاليين بعد خمسة أيام عمل متصلة. ويعد ما يحصل عليه العامل خلال هذه الإجازات أجراً بالمفهوم الدقيق للأجر، وسندنا في هذه الحالة المواد من (61) وحتى المادة (77) من قانون العمل، خذ مثالاً ما تنص عليه المادة (61): "للعامل الحق في إجازة سنوية بأجر شامل لاتقل عن ثلاثين يوماً..." والمادة (65) للعامل الحق في أجره الشامل خلال العطلات في الأعياد والمناسبات التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير ...".والمادة (71): "على صاحب العمل أن يمنح العامل راحة أسبوعية لاتقل عن يومين متتاليين بعد خمسة أيام متصلة ...".ومع أن بعض الفقه يرى في هذا الجانب أن هذا المقابل ـ وخلال تمتع العامل بالإجازات المقررة ـ لايعد أجراً بمعناه الدقيق لعدم وجود عمل مقابل له، ولكنه بمثابة التعويض للعامل عن حرمانه من أجره.. إلا أننا لانتفق ولانميل مع هذا الرأي فطالما أن العامل وجه نفسه للعمل لدى صاحب العمل وبذل العناية اللازمة وأتمر بأوامر هذا الأخير بتنفيذ العمل المتفق عليه فإن صاحب العمل يكون ملزماً بدفع مايقابل هذه المفردات القانونية.. بل فوق ذلك فإن صاحب العمل متى تأخر ومتى ثبت مماطلة العامل في دفع الأجر يكون عندها ملزماً بدفع التعويض المناسب الذي تحكم به محكمة الموضوع متى رأت مقتضى فى ذلك.وما يجب ملاحظته في هذه الحالة أنه في المقابل أجاز المشرع العماني لصاحب العمل أن يحرم العامل من أجره عن مدة الإجازة أو أن يسترد ما أداه من أجر عنها إذا ثبت انشغاله خلالها لحساب صاحب عمل آخر، استناداً والمادة (63) من القانون ذاته.* نائب العميد للشؤون الأكاديميةكلية الزهراء للبنات[email protected]