مسقط ـ العمانية: لقد لعبت المنظومات التعليمية المصاغة في قالب شعري سهل ومبسط إحدى الوسائط التعليمية في تقريب وتبسيط المسائل العلمية المتعددة المجالات في الفلسفة والمنطق والمواريث والفقه والنحو والصرف والطب وغير ذلك من المعارف والعلوم.ولعل من أبرز المنظومات النحوية التي عني بها العمانيون منظومة (ملحة الإعراب) للعلامة القاسم بن علي الحريري البصري (ت 516هـ)، وقد تم اعتماد هذه المنظمومة ضمن المناهج التعليمية العمانية قديمًا.ولقيت هذه المنظومة عناية العمانيين من حيث الشرح والتبسيط وحتى تكون الحمولة المعرفية لهذه المنظومة قريبة من طلاب علوم العربية وخصوصًا في المراحل الأولى من دراسة اللغة العربية.ومن أمثلة تلك الشروحات كتاب " تلقين الأحباب معاني ملحة الإعراب" للشيخ القاضي سليمان بن راشد الجهضمي (ت 1298هـ). صدر هذا الكتاب عن مركز ذاكرة عمان في العام 2016م ويقع في 108 صفحات من القطع الصغير.و"شرح مُلحة الإعراب" للشيخ عبد الله بن سالم بن عبيد اللزامي (143هـ-2010م). وقد صدر هذا الكتاب في عام 2017م عن مكتبة السطور العالمية بولاية قريات.وقد حرص المؤلفان في كلا الشرحين على تبسيط المنظومة وشرح مفرداتها إلى دارسي اللغة العربية بحيث يكون القارئ غير محتاج للرجوع إلى القواميس للبحث عن المعاني الغامضة.ولد الشيخ القاضي سليمان بن راشد بن مسلم الجهضمي في بلدة سمد الشأن في سنة 1331هـ على التقريب، حفظ القرآن في سن مبكرة وبعد ذلك انتقل إلى مدينة نزوى ليدرس فيها التفسير والحديث والفقه وأصوله وعلم الكلام والأدب والتاريخ وغيرها من فنون العربية على أيدي كبار العلماء مثل الشيخ حامد بن ناصر الشكيلي والشيخ عبدالله بن عامر العزري واغترف من بعد ذلك من معين الإمام محمد بن عبدالله الخليلي الذي عينه مدرسا لأصول النحو والفقه بسمد الشأن ثم ولاية المضيبي ثم ولاية إبراء.وفي عهد السلطان سعيد بن تيمور والسلطان قابوس تولى القضاء في عدة ولايات عمانية.وقد واءم الشيخ خلال مسيرته بين وظيفته كقاض ودور المعلم والمربي في المناطق التي تولى فيها القضاء.وللشيخ جملة من المؤلفات والرسائل والجوابات الفقهية منها " إرشاد السالك إلى أقصد المسالك" و " المسالك القويمة على الدرة اليتيمة" و " دليل المبتدِئ في الإعراب" و " رسالة في بيغ الخيار" وغيرها من المؤلفات. انتقل إلى رحمة الله في التاسع من رجب عام 1398هـ ودفن بسمد الشأن.ولد الشيخ عبدالله بن سالم بن عبيد اللزامي في بلدة المزارع في ولاية قريات في شهر محرم 1344هـ الموافق 1925م ونشأ في ظل والدين صالحين تقيين مما وفر له بيئة مواتية لينشأ متحليًا بنبيل القيم وحميد الخصال والشغف بنافع العلوم والارتباط العفوي بكتاب الله.ارتحل الشيخ اللزامي إلى نزوى وبقي هناك فترة من الزمن في ظل مدرسة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي حيث نهل هناك من العلماء والفضلاء في نزوى.عني الشيخ اللزامي بالتدريس وتوجيه النشء إلى دراسة اللغة العربية وفهمها حيث انقطع إلى التدريس والخطابة.ويقول الشيخ اللزامي عن كتابه "فقد خطر بقلبي أن أكشف اللثام عما انغلق من أبيات وشروح ملحة الإعراب وطالما كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى، لأنني لست من فرسان ذلك الميدان لبلادتي وجمود قريحتي، ولكن جشمت نفسي عونا للطلبة وتقريبا لأذهانهم، لأني رأيت الناس قد أعرضوا عن لغة القرآن ومالوا إلى غيرها، إذ جهلوا فضلها، فشمرت عن ساعد الجد خدمة للعلم ورغبة فيما عندالله، ومنه أستمد العون والتوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل" انتقل الشيخ إلى جوار ربه يوم الخميس 12 من صفر لعام 1431هـ الموافق 28 يناير 2010م وهو في السابعة والثمانين من عمره.