نخلط كثيراً في حياتنا اليومية بين كلمتي (الرُّوح والنَّفْس) رغم أن البون شاسع بينهما، فالروح ما به تبقى الحياة ولايدرك حقيقته إلا الله سبحانه وتعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا). والروح كذلك جبريل عليه السلام كما في قوله تعالى: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)، وقوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)، وهو أيضاً القرآن الكريم كما في قوله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وسُمي القرآن روحاً لأن القلوب تحيا به، وقد قال العلماء: تَحايَوا بذكر الله وروحه.والروح الذي به تبقى الحياة مذكّر وقد يؤنّث على معنى النفس، و الروح دائما تنسب إلى الله، و هي دائماً في حركة من الله و إلى الله و لا تجري عليها الأحوال الإنسانية و لا الصفات البشرية.. ولا يمكن أن تكون محلا لشهوة أو هوى أو شوق أو عذاب. و لهذا توصف الروح بأوصاف عالية.أما النفس فهي دائما تنسب إلى صاحبها، ورد في القرآن الكريم (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا) النساء 79.(ومَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) الإسراء 15.(قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مّنْ أَثَرِ الرّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ طه 96.والنفس هي الروح، يقال: خَرجت نَفْسُه، قال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وقال الشاعر:نَجَا سالِمٌ والنَّفْسُ منه بِشِـدْقِـهِولم يَنْجُ إلاّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَراأي بجفن سيف ومئزر.والنفس العَيْن، يقال: أصابت فلان نَفْسٌ. والنفس: العِنْدُ، قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) أي تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك. والنفس الكِبْر، والعزَّة، والهمَّة، والأنَفَة.والنَّفَسُ أيضاً: الجُرْعة، يقال: اكْرَعْ في الإناءِ نَفَساً أو نَفَسَيْنِ ولا تَزِدْ عليه.قال ابن الأنباري وابن الأعرابي: الروح والنفس واحد غير أن العرب تذكّر الروح وتؤنّث النفس. وقال الأزهري: الروح مذكّر، وقال ابن سيده: الروح يذكّر ويؤنّث وكأن التأنيث على معنى النفس. د.أحمد بن عبدالرحمن بالخير استاذ الدراسات اللغوية بكلية العلوم التطبيقية بصلالة [email protected]