[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضانصحفي مصري[/author]” الإعلان عن الوباء شجاعة سياسية، هكذا واجه المسؤولون عن القطاع الصحى ، حالة الخوف وطمأنة الشارع الجزائرى، مؤكدين أن ماء حنفيات الشرب ليس مصدر الوباء وانه صالح للشرب، وان انتشار هذا المرض بالجزائر لم يسجل بها منذ 20عاما، ومؤخرا كشفت وزارة الصحة الجزائرية، ان مصدر تفشى الوباء في البلاد جاء من نبع سيدى الكبير المائى بولاية تيبازة،”ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفى رواية الأيام التى كتبها عميد الأدب العربى طه حسين، تحدث في فصول الرواية عن انتشار مرض الكوليرا اللعين بين أبناء قريته، وكيف كانت حالة الهلع والرعب في عيون الجميع، الموتى بالمئات والمصابين بالالاف، ولاعلاج سوى تناول بعض من فصوص نبات الثوم وانتظار حكم القدر، كان الموت محتما لامحالة عند الاصابة بالمرض، ولم يسلم الاخ الاوسط لطه حسين، ذو الثمانية عشر عاما طالب الطب الأكثر ذكاء والأوفر نبوغا، كان امل الاسرة ومحور حديثها، لكن اختطفه وباء الكوليرا في سلسلة من دوامات الموت والخوف، والتى رسخت في أذهان الجميع قسوة هذا الوباء وجبروته.50 مليون شخص ضحايا البشرية جراء هذا الوباء منذ القرن التاسع عشر، فى موجاته الثلاث الاولى ، حتى الموجه الرابعة، التى اودت بحياة 90 الف حاج وحصدت ارواح اكثر من 250 الفا في اوروبا واميركا، وقد ادى تفشى هذا المرض فى انهاء حياة الرئيس الاميركى الاسبق جيمس بوك الرئيس الحادى عشر للولايات المتحدة الاميركية، كل تلك الصفحات من التاريخ الاسود لسجل هذا الوباء، حفر في الذاكرة فوبيا الرعب والخوف.اذن ليس من المستغرب او مايدعو للاندهاش، من تفشى حالة الانهيار والقلق التى انتابت الشارع الجزائرى، والتى تزامنت مع الأنباء الأولى من تفشى وباء الكوليرا في حدود الدولة الجزائرية، الصدمة مع الخوف هى ما جعلت الجميع في الجزائر، يستنفر ويتفاعل مع انتشار المرض، وكان لتضارب تصريحات المسئولين الجزائريين عن القطاع الصحى ، الاثر السيئ في نفوس المواطنين الجزائريين منذ الاعلان، عن تسجيل حالة الوفاة الاولى بمستشفى بوفاربك في ضاحية البليدة.ومع شح المعلومات عن الوباء تضاربت الأقاويل، مابين دعوات شركات المياه المعبأة المرتفعة السعر، للتخلى عن مياه الحنفية ومابين الحديث عن ترويج شركات إنتاج الادوية لمنتجاتها من ادوية الكوليرا، ومع اعتماد غالبية الجزائريين على ماء الحنفية، كمصدر اساسى للشرب، كانت كافة المعلومات المتوفرة عن المرض تؤكد انه ينتقل عن طريق الماء.الاعلان عن الوباء شجاعة سياسية، هكذا واجه المسؤولون عن القطاع الصحى ، حالة الخوف وطمأنة الشارع الجزائرى، مؤكدين ان ماء حنفيات الشرب ليس مصدر الوباء وانه صالح للشرب، وان انتشار هذا المرض بالجزائر لم يسجل بها منذ 20عاما، ومؤخرا كشفت وزارة الصحة الجزائرية، ان مصدر تفشى الوباء في البلاد جاء من نبع سيدى الكبير المائى بولاية تيبازة، وان عدد الاصابات المشتبة فيها بلغ 139، بينهما حالتا وفاة وتم غلق النبع حيث مياهه تحوى جراثيم الكوليرا.الكوليرا….. هى عدوى معوية بكتيرية، تنشأ بسبب تناول طعام وخاصة الفواكه والخضراوات او الماء الملوث، وللكوليرا فترة حضانة بسيطة تتراوح بين اقل من يوم الى خمسة ايام، وتؤدى الى اسهال مائى غزير يفضى سريعا الى الجفاف الشديد، ويأتى التأثير المميت للمرض، من السم الذى تفرزه البكتيريا في الامعاء الدقيقة، حيث يلتصق هذا السم بجدار الامعاء، لتصفى الجسم من السوائل ومن ثم الموت اذ لم يعط العلاج، ومع كل هذا الهلع والخوف من مرض الكوليرا، فإن الأطباء يؤكدون سهولة العلاج غير المكلف، لكن الموت المرتبط به يكون بسبب الجفاف الحاد الذى يتعرض له الشخص،ويمكن تجنبه عن طريق العلاج بمحلول الجفاف المتوفر بسهولة، كما يمكن الوقاية منه عن طريق لقاحات الكوليرا الفموية، مع تحسينات خدمات المياه ،لكنها فوبيا الخوف من المرض سيء السمعة.لقد انتهى المرض تماما في اميركا الشمالية واوروبا، لكنه مازال متوطنا في اميركا اللاتينية واسيا ودول الشرق الاوسط، منذ انتشاره خلال القرن التاسع عشر في جميع انحاء العالم، من مستودعه الاصلى في دلتا نهر الجانج بالهند، ومازالت الكوليرا مجرد مرض بسيط ،حتى يتحول الى وباء، ويعلن وجوده عن الفقراء والحروب اوالكوارث الطبيعية، التى تجبر الافراد على الحياة في تكدس وازدحام، في ظل غياب الصرف الصحى، وعدم توفرمقومات النظافة والشروط الصحية الامنة لمياة الشرب.مازالت الكوليرا تستوطن بعضا من دول العالم، فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية عن وجود 4 ملايين حالة إصابة حول العالم، تم علاج 80% منها بينما حصد المرض أرواح أكثرمن 120ألف حالة، في ذات الوقت الذى تمكن فية الوباء من اليمن الشقيق لتتخطى الاصابة فيه اكثر من مليون شخص، حصد منهم 2200 حالة، وبينما تعلن منظمة الصحة العالمية عن اعتبار اليمن منطقة منكوبة بوباء الكوليرا، ومع انتشار المرض في الجزائر، تصبح منطقة الشرق الاوسط، اكثر مناطق العالم خصوبة لانتشار الوباء سيء السمعة.