احتفلت السلطنة مع عدد من الدول الإسلامية بعيد الأضحى المبارك، حيث خرجت جموع المصلين لتأدية صلاة العيد بجميع مصليات العيد والمساجد وسط تهليل وتكبير ودعاء بأن يتقبل الله سبحانه وتعالى من العباد طاعتهم وأعمالهم، وأن يحفظ الله هذا الوطن العزيز وقيادته الحكيمة، ويديم نعمة الأمن والأمان على البلاد وسائر بلاد المسلمين، وأن يهدي الله جميع المسلمين لما فيه خير الأمة وصلاحها وبما يعود بالخير على الأمة بالصلاح والسلام والوئام.وقد دعت خطبة العيد أمس في سائر المساجد ومصليات العيد بالسلطنة للتمسك بمكارم الأخلام لما لها من أبعاد إيجابية كبيرة، وأفضال لا تحصى في تحصين الفرد والمجتمع مما قد يتعرض له من انحراف يودي به إلى التهلكة، الأمر الذي بدوره سيؤثر على المجتمع بشكل عام .وعندما يتمسك الفرد بمكارم الأخلاق التي دعا إليها الدين الإسلامي الحنيف، فإنه بالتالي يواصل مسيرته الإنسانية لتقديم كل ما هو مفيد لوطنه ومجتمعه وأمته، فاليوم ومع تعدد وسائل الإغواء وسهولة انجراف الفرد إلى مهالك الدنيا ومطامعها فإن الأمة ممثلة بالفرد والمجتمع هي أحوج أكثر من ذي قبل بأن يتحلى الفرد منا بمكارم الأخلاق التي تسمو بالنفس إلى مراتب علياء، وتبعده عن الدنيويات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.إن مكارم الأخلاق هي أن تجتمع الأمة على الحق والهدى والتسامح والتفاهم، والتعايش بسلم واحترام وتقدير بين الناس بعضهم بعضًا؛ فالجميع أمام الله سواسية لا فرق بينهم، ولكن الأخلاق ومكارمها هي من تجعل من الإنسان نواة للإنسانية الحقة التي خلقنا الله سبحانه وتعالى عليها .إن الأخلاق ومكارمها عديدة وجميعها ترفع وتعز من شأن الشخص أمام نفسه وبيته ومجتمعه ووطنه وأمته، فلا تجتمع مكارم الأخلاق إلا وكان النبل والاحترام والتقدير مرافقًا لها دائمًا .والأمة الإسلامية حين اجتمعت أمس الأول على صعيد عرفات الطاهر، ووقفت بذلك المشهد المهيب أمام الله سبحانه وتعالى لم يكن أحد يميز بين شخص وآخر أو مذهب أو لغة أو فكر، إنما كان الناس جميعًا سواسية يرجون مرضاة الله في الدنيا والآخرة، فبهذه الشعائر المقدسة تكتمل في النفس مكارم الأخلاق، فلا رفث ولا فسوق في الحج، لذلك فإن اجتماع الأمة الإسلامية على مكارم الخلق وحسن التعامل ونبذ الفرقة بينها يجعلها في مصاف الأمم فتسمو بأخلاقها التي أوصى بها ديننا الإسلامي، وبالتالي تنال احترام وتقدير الشعوب، وتضع نفسها في المكانة التي أراد لها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.إن التاريخ بماضيه وحاضره له من الشواهد الشيء الكثير على ضياع أمم في غياهب النسيان والظلمات عندما تركت وتخلت عن فضائل الأخلاق ومكارمها، وغيبت عنها أهم ركن لرقيها وتقدمها، لذلك نجد الدين الإسلامي يدعو الأمة المحمدية إلى التمسك بمكارم الأخلاق حفاظًا عليها وعلى مكانتها ومكانة الأجيال القادمة لتكون قوية بين الأمم، وصامدة أمام رياح تغيير الفكر ومسخ الهوية، فعندما تغيب مكارم الأخلاق تغيب معها هوية الفرد والمجتمع والأمة فتضعف وتهون، ويسهل تشتتها وتشرذمها وضعفها، لذلك كانت ولا تزال الأمم بحاجة دائمًا إلى ما يذكرها بأهمية مكارم الأخلاق وضرورة التمسك بها .لقد كان جميع الرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى على الأمم والشعوب يدعون إلى مكارم الأخلاق؛ فخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دعا وأوصى أمته بمكارم الأخلاق وحث عليها فقال عليه الصلاة والسلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، لتكون الأمة قوية وشديدة ولها مكانتها بين الأمم والشعوب، فبدون الأخلاق والفضائل لا يمكن لأي أمة من الأمم أن تتقدم أو ترتقي أو يصبح لها شأن.إن المجتمع العماني كغيره من المجتمعات العربية والإسلامية لديه الكثير من العادات والتقاليد الحميدة المستمدة من مكارم أخلاق الدين الإسلامي الحنيف، لذلك فإن المجتمع العماني مدعو دائمًا إلى التمسك بهذه العادات الحميدة التي تجعل منه مجتمعًا قويًّا ونافعًا لأمته ووطنه، فبهذه الخصال والأخلاق ومكارمها يستطيع المجتمع أن يتغلب على كل الرياح العاتية الداعية إلى الانسلاخ من الأخلاق والتمسك بها، لذا فهذا المجتمع ـ ولله الحمد ـ وبفضل تمسكه بمكارم أخلاق دينه الإسلامي يدرك خطورة البعد عن الهوية أو الانزلاق إلى التقليد الأعمى البعيد عن مكارم الأخلاق.وبمناسبة عيد الأضحى المبارك نسأل الله جل في علاه أن يعيد هذه المناسبة وأمثالها على قائد مسيرة نهضتنا المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه ـ أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة ويكلأه بعين رعايته وعنايته ويمنَّ عليه بالصحة والعافية والسؤدد، وأن يديم نعمة الأمن والاستقرار لبلادنا وسائر بلاد المسلمين، إنه سميع مجيب.