عبري ـ من سعيد بن علي الغافري:
تزخر بلادنا المعطاءة بتراث وحضارة ماجدة امتدت جذورها في عمق التاريخ ولديها سجل غني بمفرداته الثرية وقد لعب الإنسان العماني دوراً مميزاً في الحفاظ على الأصالة والقيم والعادات والتقاليد وغرس مفهوم ذلك في نفوس الأجيال المتعاقبة.
واليوم يمارس العمانيون العديد من الفنون الشعبية المغناة التي تعبر عن الهوية الثقافية والفكرية والحضارية لكل شبر في أرض عمان بما حباها الله من ثراء وجمال فريد واكتسبت هذه الفنون اشعارها من كنوز البيئة ومعالمها الحضارية والتاريخية وتنوعت مجالاتها في الأداء واختيار الأشعار ذات الطابع الوطني والمدح والفخر والرثاء .. وغيرها من صنوف الشعر والأبيات الغنائية تؤدى في مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية والدينية.
وقد قام العمانيون قديماً وحديثاً بتشكيل فرق الفنون الشعبية والحماسية التي تعني بالفنون المختلفة والمتنوعه وتنظيمها لتشارك بدورها في تأدية فنونها ورقصاتها في مختلف المناسبات والمحافل وغرس، مفهوم وحب هذا الفلكلور الشعبي في نفوس الأجيال ومشاركتهم في تنظيم الفرق وتأدية الأهازيج والرقصات في المناسبات المختلفة .
"الوطن" من خلال هذا الموضوع تسلط الضوء على الدور الذي تقوم به فرق الفنون الشعبية والحماسية في إحياء الحضارة والحفاظ على هوية الفن الغنائي الأصيل وتراثه ومعطياته الحضارية.
قيم أصيلة
يقول المهندس والشاعر يحيى بن عوض الغافري أحد أعضاء فرقة الفنون الشعبية والحماسية ببلدة الدريز بعبري: تتميز الفنون الشعبية العمانية بعلاقتها الوطيدة بالانسان العماني والبيئة التي يعيش عليها حيث تجد فنون أهل البادية تختلف عن الفنون البحرية .. وغيرها الكثير كذلك لكل مجتمع فنونه الخاصة وهذا ما يزيد من ثراء الساحة العمانية بمخزونها العميق من هذه الفنون علاوة على اجتماع الرجال والنساء في بعض الفنون واقتصار الرجال عن النساء في فنون أخرى ومع تطور نمط الحياة نجد أن فرق الفنون الشعبية نالت نصيبها من التطوير في جميع مجالاتها مع المحافظة على التراث الحضاري والمادي والفكري وأصالته وقيمه وتمسك الأجيال بهذه الموروثات فنجد بعض التعديلات والتحسينات قد دخلت على بعض الفنون إلا أن أصالتها تحاكي،ذلك الزمان الذي سطرت فيه ومن بين الفنون الشعبية العمانية التي كانت ومازالت ترسم على مناسباتنا الدينية والوطنية .. وغيرها البهجة والسرور والجمال فن الميدان والرزحة والعيالة والتغرود وهمبل الخيل والبوش والطارق والعازي .. وغيرها من الفنون التراثية الأصيلة وقد سعى الحكومة الرشيدة لتوثيق هذه الفنون وتسجيلها وحفظها لتكون مرجعاً وسجلاً مهماً للأجيال القادمة ليحلّق باسم عمان جلياً في مختلف المحافل الدولية فالفنون الشعبية تتميز بالسجال والارتجال وتنافس الشعراء في إحياء الفن كالميدان والرزحة وهذا في حد ذاته يشكل جمالاً وبهاء آخر يضفي على هذه الفنون رونقاً وتفرداً.
تراث ثري
يقول سعيد بن سلام المنذري رئيس فرقة الشهباء للفنون الشعبية والحماسية بنزوى: الفنون الشعبية العمانية مرآة عاكسة للفنون التراثية والثقافة العمانية وأصالتها الحضارية ويمارس أفراد المجتمع فيها ألوانا مختلفة من الفنون التي تحكي تاريخ عمان وتتغنى بأمجادها وثراء طبيعة بيئتها ومفرداتها الغنية بالمعالم والمنجزات وأيضاً عن حياة الناس ففيها يؤدي المشاركون فنونا ورقصات حماسية ووطنية واجتماعية وغيرها وفرقة الشهباء للفنون الشعبية بولاية نزوى تعد من الفرق التي تسير وفق منهج ونسيج هادف بالمحافظة على الموروث التراثي العريق بفضل التشجيع والدعم المتواصل ومنتسبوها في جميع مشاركاتها المختلفة فهم يمثلون فريق عمل تتجسد فيه روح الإخاء والعمل والتكاتف وملحمة متميزة في تأدية العمل المناط بهم هدفهم الرقي بالأداء وتقديم الفنون الشعبية بإطارها المعروف مع التطور الذي يتناسب مع الأعراف التقليدية والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية.
كما أشار سعيد المنذري إلى أن فرقة الشهباء للفنون الشعبية ومنذ تأسيسها في عام 2009 ميلادية وهي تعمل تحت إشراف وزارة التراث والثقافة وتضم في عضويتها 40 عضواً متميزين بخبراتهم المتعددة وتنوع زيهم العماني ولهم مشاركات مختلفة داخل وخارج السلطنة والعديد من المهرجانات وهي من الفرق المتميزة ولله الحمد بتنوع أعمالها ومشاركاتها وقد انتجت العديد من الألبومات ولها برامج متنوعة سياحية وترفيهية لإضفاء البسمة والمرح على منتسبيها وتكريمهم وتعمل بدراسة المقترحات والآراء التي تتماشى وتطور عملها مع الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية.
فنون متأصلة
يقول ناصر بن عبدالله العبيداني إداري علاقات عامة بفرقة الشهباء للفنون الشعبية: إن الفنون الشعبية في عمان متأصلة ومتعاقبة جيلا بعد جيل لها مدلولات حضارية وتاريخ عريق وقد جسد العمانيون من خلال الفرق الشعبية الأدوار البارزة في تأدية الفنون وتنوعها والرقصات مع نغمات الطبول المستخدمة والاشعار ذات الطابع الاصيل والتراثي الذي يضفي الجمال والحماس في تأدية الرقصات والمشاركات والحضور اللافت وقد لاقت هذه الفرق جل التشجيع والدعم المستمر من الجميع وما نلاحظه من مشاركات شبابية في هذه الفرق يبعث فينا الشعور بالفخر والاعتزاز بالسير في خطى الاجداد والتمسك بتراثهم وعاداتهم الحميدة ومسلك يجعلنا نواصل فيه العطاء والتجديد والمثابرة لتعزيز قيم التراث العريق.
دعم وتشجيع
يقول سالمين بن نصيب العزيزي أحد الأعضاء المؤسسين لفرقة ضنك للفنون الشعبية: فرق الفنون الشعبية تحظى بالدعم والتشجيع والاهتمام من مختلف المؤسسات وافراد المجتمع من خلال المشاركات المستمرة في احياء المناسبات وتأدية الفنون والرقصات ولله الحمد هناك إقبال وتوجه من أفراد المجتمع في المشاركات وتنظيم الفرق وتميز في الأداء وفرقة ضنك للفنون الشعبية من الفرق المشهورة والمتميزة بتأدية الرقصات الشعبية وطبولها الحماسية والنغمات الرائعة فلها سجل حافل من المشاركات المحلية والخارجية ومن خلالها يتم بث روح الانتماء في نفوس،الاجيال بعبق التراث العريق وماتزخر به بلادنا من فنون مختلفة في بيئاتها الريفية والصحراوية والبحرية وكل بأنغامه وجمالياته في الاداء والمشاركة في تقديم اللوحات الفلكلورية من التراث العماني الأصيل.