ـ تحتوي على إطارين زمنيين أحدهما فلكي والآخر تقويمي ـ تمثل أكبر بكثير من مجرد توقيت لوسط أوروباـ توجد حاليا شاشة عرض كبيرة في مكانهابراغ ـ د ب أ : عادة ما يتجه حارس الساعة الفلكية القديمة الشهيرة في مدينة براغ، "أورلوي"، إلى ساحة "أولد تاون هول"، مرة في الأسبوع، ليتسلق الدرج الضيق المتعرجة إلى أعلى البرج، ليتحقق من المنحوتات الخشبية عند نوافذ البرج العلوية. وتدق الساعة 12 مرة بانتظام، بين التاسعة صباحا والتاسعة مساء، ويعود تاريخ أقدم أجزائها إلى عام 1410، لكنها ستخضع لأعمال ترميم تستغرق عدة أشهر في مطلع عام 2018. يقول بيتر سكالا، حارس الساعة: "إن الساعة داخل ورشة "، مضيفا: "نعمل كل يوم ـ وفي أيام الآحاد أيضا". ويتعين على الكثير من السائحين ـ الذين عادة ما يتجمعون في الساحة لمشاهدة العرض كل ساعة ـ الانتظار حتى نهاية فصل الصيف، حيث يجب أن تعود الساعة إلى مكانها وتدق مرة أخرى. وفي الوقت نفسه، توجد حاليا شاشة "إل. إي. دي" في مكان الساعة. ويشار إلى أن ساعة أورلوي - التي صممها صانع الساعات الإمبراطوري، ميكولاس اوف كادان، بالتعاون مع جان سيندال، وهو أستاذ في الرياضيات وعلم الفلك - تحتوي على إطارين زمنيين، أحدهما فلكي والآخر تقويمي، وتمثل أكبر بكثير من مجرد توقيت لوسط أوروبا. كما تعمل الساعة بنظام التوقيت البوهيمي القديم، عندما كان اليوم الجديد يبدأ مع غروب الشمس، والتوقيت البابلي، الذي يتم حسابه من شروق الشمس إلى غروبها، وبالتالي يختلف طول الساعات بحسب الموسم. ومن بين أمور أخرى، تتبع الساعة أيضا مواقع الشمس والقمر والأبراج الفلكية، كما تظهر المرحلة الحالية للقمر وتشير إلى توقيت النجوم، الذي يسمى أيضا بالتوقيت الفلكي، والذي يقيس دوران الأرض بالنسبة للنجوم، بدلا من الشمس. ويعتبر اليوم النجمي أقصر من اليوم الشمسي.وتعترف امرأة شابة، وهي تقف حائرة أمام ما تتسم به الساعة من تعقيدات: "أنا حقا لا أستطيع أن أحدد الوقت في اليوم". وهي ليست وحدها في ذلك، لأن معرفة كيفية قراءة مؤشر الساعة يتطلب بعض التعليمات. من ناحية أخرى، يقول سكالا، الذي سوف يتم عامه الثاني والسبعين هذا العام، والذي يعلم شيئا أو اثنين بشأن الوقت: "لقد نجت هذه الساعة القديمة بأعجوبة". وتتضمن أعمال الترميم الأخيرة، تفكيك مكونات الساعة، ثم تنظيفها من بقايا الطلاء وما تراكم عليها، ثم إعادة تجميعها. ومن المقرر أن يتم تصحيح أخطاء ترميم سابقة. وسوف يتم استبدال محرك السلسلة الكهربائية ـ الذي تم تركيبه في عام 1948 ـ بكرات الكابلات القديمة والعجلات المسننة، ثم سيتم تشغيل الساعة الفلكية كما كانت في الأصل، وبالتحديد بأوزان حجرية وحبال من القنب ملفوفة على كرات الكابلات الخشبية. ومع ذلك سيكون لها محرك، مخبأ في بكرات الكابلات. ويقول سكالا: "سيكون الأمر سحريا". وقد صار سكالا "أورلوينيك"، حيث يطلق عليه التشيكيون سيد الساعة، عن طريق الصدفة إلى حد كبير، ولكونه نحاتا، وبسبب عشقه للساعات منذ طفولته، لفتت انتباهه الكثير من الساعات المتوقفة فوق أبراج الكنائس ببلاده. وأصبح خبير ساعات معتمد قبل 25 عاما، كما تحولت زوجته أيضا، وهي مصممة مجوهرات، إلى الاهتمام بالساعات.ويسترجع قائلا: "لقد أدركنا أن الأبراج تضم كنوزا ـ ساعات قديمة تعود إلى عصر الباروك، في حالة مؤسفة ولم تعمل لمدة 70 عاما على سبيل المثال". ويقول إنه قبل ثماني سنوات تم تكليفه بالاعتناء بساعة أورلوي، وهو ما يعتبره، بدون أدنى شك، أعظم شرف لشخص في مهنته. ووفقا لعدد من الأساطير، فإن الساعة بها قوى شريرة. حيث يرى البعض أنه إذا توقفت الساعة عن العمل، فإن الدولة ستتعرض لويلات الحرب أو لكارثة أخرى. ويقول آخرون إن من يتدخل في عملياتها سوف يصاب بالجنون أو يموت.ولم يصب سكالا حتى الآن بسوء. وهناك مشكلة كبيرة في الوقت الحاضر، وهي التخريب المتعمد. وفي إحدى المرات، انقذت إدارة الاطفاء سائحا ثملا بعد أن ظل عالقا، وهو يدور مع عقارب الساعة، بعد ان عجز عن النزول. وفي مرة أخرى، فقدت يد تمثال خاص برجل فلك، وذلك على الرغم من أن الساعة مراقبة بكاميرات. ألا ينبغي وضع ساعة ذات قيمة تاريخية مثل "أورلوي" في متحف لحفظها، ووضع نسخة طبق الأصل منها في برج ساحة "أولد تاون هول" ببراغ؟، يجيب سكالا: "لا"، وهو في حالة فزع من الفكرة. ويؤكد: "سيكون القيام بذلك خطيئة". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكيف غيرت نافذة في براغ تاريخ أوروبا؟! براغ ـ د ب أ : يقول مرشد سياحي لمجموعة من السائحين في براغ، إنهم يتعين عليهم أن يقوموا برفع أعناقهم لكي يروا هذه النافذة، ولكنها تستحق أي آلام محتملة في العضلات، حيث إنها "الأكثر شهرة في أوروبا".وبكل تأكيد، تستحق الأحداث المأساوية التي وقعت هنا في "قلعة براغ"، أن يخصص لها جزء في كتب التاريخ: فقد قام البوهيميون البروتستانت قبل 400 عام، في 23 من مايو من عام 1618، بإلقاء اثنين من الحكام الإمبراطوريين، وهما ياروسلاف بورسيتا فون مارتينيز وفيلهلم سلافاتا، إلى جانب وزير المستشارية، فيليب فابريسيوس، من النافذة، لتكون الواقعة بداية لحرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت. وتزداد دهشة السائحين الواقفين أمام جناح لودفيج في القلعة الإمبراطورية العتيقة، لاكتشاف أن الكاثوليك الثلاثة نجوا بالفعل من الواقعة. وبحسب سلافاتا، فهناك صليب يشير إلى المكان الذي سقطوا فيه من على ارتفاع أكثر من 16 مترا. وقد أصبح الحدث معروفا باسم "ثاني واقعة إلقاء من نافذة في براغ". فهل قامت ملائكة بالإمساك بالرجال الثلاثة، كما تخيل بعض المعاصرين؟ أم هل سقطوا على كومة من الروث، كما زعم الكثير من البروتستانت غير السعداء؟ ولكن، ليست كل الأمور كما تبدو في أول مرة. يقول بيتر كروبا، الذي يترأس مكتب حماية الآثار التابع للقلعة، والمكتب الرئاسي في التشيك: "لم يكونوا لينجون اليوم من مثل هذا السقوط". وكانت المنطقة التي توجد تحت النافذة تبدو مختلفة تماما في ذلك الوقت. ويقول المؤرخ الفني: "كان هناك منحدر شديد انزلقوا عليه، وهو ما أدى إلى التخفيف من حدة سقوطهم"، لذا فإنه من المحتمل أن تكون حدة إلقائهم أقل من السقوط وأقوى من الانزلاق. أما الأمر الذي اتسم بالجرأة بشكل خاص، هو أن الرجال الثلاثة عادوا إلى القلعة بحثا عن الأمان داخل منزل عائلة لوبكوفيتش، الذي تم تحويله الآن إلى متحف مخصص للعائلة النبيلة. ويشار إلى أن المهندس المعماري السلوفيني، جوزيه لبيكنيك - الذي يشتهر بتصميم "الجسر الثلاثي" في ليوبليانا - هو الذي تم تكليفه بإعادة تصميم القلعة في مطلع القرن العشرين. وقد أنشأ شرفة حديقة ضخمة مع مناظر ساحرة من العاصمة التشيكية، وأضاف عناصر حديثة مثل الأهرامات وعوارض الجرانيت، إلى أراضي القلعة.ويقول كروبا إن هذا التحول، مع تخليه عن التقاليد الملكية الزخرفية، كان للتعبير عن الديمقراطية الجديدة. وفي الطابق الثاني من القلعة، يتجول السائحون من جميع أنحاء العالم، حول النافذة ، التي تمثل بداية صراع مرير، حيث أذنت "ثاني واقعة إلقاء من النافذة في براغ"، ببداية حرب دينية عمت في جميع أرجاء أوروبا. ويقول كروبا إن كل شيء هنا، بما في ذلك الأثاث، يبدو كما كان قبل 400 عام. إنها تكاد تكون معجزة: فبعد وفاة رودولف الثاني، انتقلت إقامة آل هابسبورج من براغ إلى فيينا، ونادرا ما كان يتم استخدام القاعات.وقد انتهى تمرد الدول البروتستانتية في بوهيميا ضد آل هابسبورج الكاثوليك، بالفشل، شأنه شأن "ثاني واقعة إلقاء من النافذة في براغ". ويقول كروبا إن "الأسطورة الوطنية التي تعود للقرن التاسع عشر، تتحدث عن فقدان استقلال التشيك، عن اضفاء الطابع الألماني على أساليب الحياة". ولكنه يعتقد أن وصف القرون التي تلت ذلك بأنها "وقت مظلم"، هو أمر ليس صحيحا على الاطلاق. ويضيف أن بعض من أعظم رعاة اللغة التشيكية، كانوا على كل حال، من الكاثوليك. ويشار إلى أن "الإلقاء من النافذة في براغ" تعتبر من التقاليد في براغ.