[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/06/k.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خلفان المبسلي[/author]جرت العادة أن بعض البشر دوما يحتاج إلى من يعينهم على تحمل جزء من مسؤولياتهم الحياتية على وجه الخصوص، متناسين أن من أبرز وسائل التفوق والإجادة؛ أن يعتمد الإنسان على نفسه بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى، وفي ذلك قيل في الأمثال السائرة :" ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفرك، فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ"؛ فهذا قول حكيم ومأثور ودلالة وشاهد على أنه لا ينبغي أن نكلف آخرين للقيام بأعمال تخصنا أشد الخصوصية، خصوصا ما يتعلق بمنازلنا وأسرنا ومجتمعاتنا فالتفريط فيها يسبب لنا المشاكل المباشرة، فالآخرون لا يستشعرون مدى حساسية وأهمية المسألة التي نوكلها إليهم طلباً للراحة وتملصاً من تحمل مسؤولية مشكلات الحياة الأخرى..كما أنّ الاعتماد على الآخرين ينسيك كثيرا من المهام السهلة في الحياة كما تختفي أجزاء كبيرة من مهاراتك وقدراتك فتصبح عالة على الآخرين، كما تهدر أموالك وتنفقها على غير وجه حق فشتان بين من يعتني بمجالات حياته عامة ومجالات بيته على وجه الخصوص، وبين من ينتظر سباكا ليفحص له أنابيب الماء أو من ينتظر كهربائيا ليبدل له ضوء البيت ..!! كم من الأعمال المتعلقة ببيوتنا ؛ بتنا نتكل على الآخرين في صيانتها وترتيبها أو استبدالها لدرجة أنه أصبح كثير منا اليوم لا يريد أن يتعلم الجديد ولو كان سهلا وبمقدوره إصلاحه أو صيانته..!! أليس بمقدورنا اليوم أن ننمي مهاراتنا في متطلبات الحياة لأعمال البيت خصوصا مع توافر البيانات والمعلومات عبر الشبكة العالمية ، فندير أعمال المنزل خصوصا تلك التي تدخل فيها الجوانب الفنية فنصبح صباغين لبيوتنا، أو سباكين وقت الحاجة والإلحاح أو الطوارئ كما نتقن فنون الكهرباء التي تعلمناها منذ المرحلة الأساسية من التعليم فأهملناها وتركناها للآخرين مع العلم أن وظيفة المهندس الكهربائي من الوظائف التي سوف تختفي ونستغني عنها بعد أقل من عقد من الزمن ورغم ذلك لا زلنا ننتظر الكهربائي الذي يرتب لنا الأضواء ويبدل المفاتيح الكهربائية وكأن ذلك ضرب من المستحيل نقوم به بأنفسنا.إنني أخشى على الأجيال القادمة من فرط ما هم صانعوه من خمول ينكشف لنا جميعا، فهم مفرطون في أوقاتهم، لا يتعلمون من أخطائهم أغلبهم اتكاليون لا يفكرون كثيرا وينتظرون من يأتي لخدمتهم والتفكير بدلا عنهم هم كذلك حقا لدرجة أنهم يتركون فراشهم بعد أن يصحوا من نومهم دون ترتيب أو تنظيم، أليس ذلك دلالة على فرط الكسل الذي يعيشونه دون وعي بأهمية المعرفة والاعتماد على النفس فيها فإن التقاعس والتواكل من الصفات الذميمة التي تورث الخمول في النفس والوهن في الجسم المؤدي إلى الضعف فالموت.إنّ الاعتماد على النفس في قضاء الأمور مدعاة لطلب العلم والمعرفة والتسلح بهما لعادي الأيام والاتكال على الآخرين مطية للإخفاق في شؤون الحياة وركوب إلى بحر لجي لا قعر له ينتهي بصاحبه نهاية مأساوية ؛ فتقاعس الإنسان وتهاونه عن أداء واجباته وقضاء مصالحه في الحياة؛ مجلبة للشر وارتكاب للأخطاء وحدوث للإشكال فقد قيل في الأمثال الشعبية : " من يتكل على غيره، يقل خيره" لا سيما في عصر بات ينظر إلى المادة على أنها الغاية المثلى في الحياة.إنّ الرجل الحكيم من إذا رأى مشكلة حدثت في بيته شعر بها وعمل على تحديدها وفكر وقرأ في كيفية تعديلها وحاول مرارا وتكرارا فلن يستصعب أمرا في الحياة بل كل شئ يخضع له ويصبح هينا في نظره واليوم أرى آباء في البيوت يتعلمون طرائق وأساليب كثيرة لفهم خدمات البيت وتعليم صبيانهم ذلك حتى لا يقعوا في حبائل الاستغلال والاستفزاز وعلى هذا النحو كانت قضايا الآباء المعتمدين على أنفسهم ضربا من النجاح والإجادة أما من الجهة الأخرى الاتكاليون فليس خسرانهم المبين سوى بأنفسهم ووهنهم وانتظارهم من يعينهم على شئون الحياة فلا يسعون ولا يعملون فأصبحوا غير منتجين للمعرفة فتولدت إثر ذلك الخنوع صفات ذميمة أبرزها الطمع والاستفزاز والاستغلال وهدر الأموال .على كلّ حال ؛ إنّ الذين يعتمدون على أنفسهم في خدمة أسرهم ومجتمعاتهم يؤدّون أدواراً رائدة وجليلة لمجتمعاتهم ويعيشون حياة السعداء بينما أولئك الذين يتواكلون على الغير في تحقيق مسيرة حياتهم يعيشون حياة ملؤها الخوف والقلق والسيطرة لذا يحق لنا القول : "إنّ كلّ إنسان هو صانع لقدره" وفي ذلك عبرة لأولي البصائر والألباب.[email protected]