بينا في احدى مقالاتنا السابقة عند الحديث عن واقعية قانون العمل العماني, بأنه قانون يخاطب قطاعا عريضا وفئة واسعة تعتبر وبلا شك أوسع الفئات انتشارا، وأكثرها حاجة الى الحماية ولكن بالقدر الذي لا يخل بالتوازن بين مصلحة العامل وصاحب العمل تحقيقا للصالح العام للجماعة. ومراعاة لهذا التوازن أجاز المشرع العماني وفقا لقانون العمل العماني لصاحب العمل استنادا للمادة (40) من قانون العمل فصل العامل دون سبق اخطار وبدون مكافأة نهاية الخدمة عندما يرتكب العامل خطأ جسيما يبرر فصله. ونظرا لما يترتب على عقوبة الفصل من انتهاء العلاقة التعاقدية، فقد قيد المشرع حرية صاحب العمل في هذا الشأن بأن أجاز له فصل العامل في أحوال معينة، وحثنا فعل المشرع العماني عندما حدد تلك الحالات على سبيل الحصر, بحيث لا يجوز التوسع فيها, وبالتالي تجنب مبالغة صاحب العمل في فصل العامل في حالات لا تتناسب المخالفة مع جزاء الفصل. ولكن يؤخذ على المشرع أنه كان قاسيا لحد ما على العامل عندما حرمه من مكافأة نهاية الخدمة لأن في حرمانه من هذه الأخيرة كعقوبة تبعية تتجاوز العامل الى عائلته ومن يعولهم, لهذا نقترح على المشرع أن يعيد النظر في ذلك بحيث يكتفي فصل العامل دون حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة. ويمكن ايجاز هذه الحالات التسع على النحو التالي:
الحالة الأولى: اذا انتحل العامل شخصية غير صحيحة أو لجأ الى التزوير للحصول على العمل, فانه في هذه الحالة يستحق جزاء الفصل ولا يشترط في هذه الحالة ابلاغ صاحب العمل للجهات المعنية كالادعاء العام والشرطة ولا يشترط أيضا أن يكون هذا الفصل معاقبا عليه جنائيا لأنه ببساطة مثل هذه الأفعال التي قام بها العامل تمثل طرقا احتيالية من جانبه حملت صاحب العمل على التعاقد وتكون بالتالي تدليسا. فيجوز لصاحب العمل ابطال العقد للتدليس. ولكن ما يجب ملاحظته أنه لا يكفي أن تصل هذه الأفعال الى حد الجسامة وانما على صاحب العمل أن يثبت أن تلك الأفعال هي التي قادته الى التعاقد فلولاها ما ارتضى ابرام العقد...... ما تبقى من حالات سنوردها في المقالات القادمة.

سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
[email protected]