القاهرة ـ العمانية:
صدر عن دار الشروق بالقاهرة، كتاب للفقيه القانوني والمؤرخ طارق البشري، بعنوان "شخصيات تاريخية"، يرصد فيه تجارب أربع شخصيات أثّرت في تاريخ مصر الحديث، هي: سعد زغلول، وعبدالرحمن الرافعي، وأحمد حسين، ومصطفى النحاس. وبحسب الناشر، فإن ما يجمع هذه الشخصيات أنهم كانوا من رجال الحركة الوطنية، وهم من الفصيلين الأساسيين لها: الفصيل الذي تكوَّن منه حزب الوفد، وكان أكثر اعتدالاً في وسائله ومرونة في حركته، والفصيل الآخر الذي بدأ بالحزب الوطني لمصطفى كامل ومحمد فريد، وتوالدت من أروقته في الحركة الوطنية المصرية حركات أخرى؛ منها الإخوان المسلمون، ومصر الفتاة، والحزب الوطني الجديد، وكان له أثر بارز في حركة الضباط الأحرار. ويوضح البشري أن سعد زغلول ومصطفى النحاس كانا رجُلَي سياسة، يقف كل منهما على رأس حركة سياسية، وفكرهما يُستخلص من موقفهما، بينما عُرف عبد الرحمن الرافعي بكونه مؤرخاً، إلا أن حياته السياسية كانت متميزة في الحزب الوطني؛ كما كان أحمد حسين من رجال السياسة في الفترة نفسها، وأصدر العديد من الكتب بعد اعتزاله السياسة. ويلفت النظر إلى أن ثورة 1919التي تزعمها سعد زغلول كانت ثورة وطنية ديمقراطية تركزت أهدافها في تحقيق الاستقلال وإقامة الحياة النيابية الدستورية، مؤكداً أن سعد زغلول لم يكن مفكراً صاحب نظرية ولا داعية سياسياً يمكن أن تلتقط أفكاره من خلال كتاباته، ولكنه كان رجل دولة، يعبّر عن نفسه من خلال المواقف العملية، وهو يتخذ مواقفه ضمن الملابسات الواقعية التي تحيط به، ويستجيب في هذه المواقف للسياق العام للأحداث والظروف. ويشير إلى أن "مايلز لامبسون"، المندوب السامي البريطاني في مصر، وصف مصطفى النحاس بأنه رجل يمشي بصدره كأنه يتحدى، فهو ما كان ليقوم بدوره الكبير في تاريخ مصر إلا ليكون خلفاً لسعد زغلول، والفرق بينهما هو الفرق بين من يشق الطريق ومن يمهده. ويؤكد أن عبد الرحمن الرافعي وحزبه (الحزب الوطني) اتسما بالمثالية السياسية، إذ ارتبط الإيمان لدى الرافعي بالمبدأ كفكر سياسي، وبالإخلاص للوطن كموقف وخلق، فامتزجت في صدره السياسة بالأخلاق بالعواطف. أما أحمد حسين الذي مورست ضده إجراءات القمع في الثلاثينيات وتعقّبته الشرطة، وقدمته حكومة الملك في مايو 1952 إلى المحاكمة طالبةً إعدامه في قضية حريق القاهرة، فقد توقف نشاطه السياسي مع حلّ الأحزاب عام 1953 وكان عمره لا يتجاوز 42 عاماً.