[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]شهدت جامعة الأحفاد للبنات إحدى أعرق الجماعات المخصصة للعنصر النسائي فقط في السودان ، في الأسبوع الأول من مايو الماضي تدشين أول إذاعة رقمية خاصة بالنساء بكل تفاصيلها ومكوناتها وذلك تحت إسم " راديو البنات " تبث عبر "الانترنت" مما أتاح لها فرص الوصول إلى كافة أنحاء العالم.وقد خصصت إذاعة راديو البنات السودانية النسائية الجديدة جميع برامجها لقضايا نسائية خالصة يقدمها ويخرجها ويضع سيناريوهاتها ويدير أجهزة بثها الهندسية العنصر النسائي فقط دون أي تدخل من الرجل.ورغم حداثة المبادرة، الا ان برامجها كما يصفها مستمعوها بأنها لاقت قبولا كبيرا من المستمعين من الجنسين، فاصبح الكثيرون من مستمعي الاذاعة يديرون مؤشر المذياع بشكل تلقائي في اتجاه موجات البث الخاصة براديو البنات ليتابعوا ماتبثه من موضوعات وقضايا تتم مناقشتها في تلك المحطة الاذاعية الرقمية وعلى موجات الاف ام ايضا.وفيما جاء تدشين هذه الاذاعة النسائية " الخالصة " في وقت ارتفتعت فيه الأصوات المناهضة لمايعرف " بالجندرية "، اي التمييز على أساس النوع أي الجنس، يرى بعض المراقبين ان الخطوة ربما تؤسس لحالة من الانحياز لقضايا نوع من اعضاء المجتمع دون قضايا الطرف الثاني أي الرجل، مما يمكن اعتباره تكريس لجهود العنصر النسائي من اجل" تمكين " المرأة بشكل أقوى مما هي عليه، في حين ان مفهوم التمكين نفسه مازال يثير جدلا واسعاً في المجتمعات العربية المحافظة لما حققه من نجاحات متسارعة في الحقبة الأخيرة من [four_fifth]العصر [/four_fifth]الحالي.ولكن وعلى الجانب الآخر ومع النجاح الذي حظيت به الاذاعة الجديدة من إقبال على برامجها رغم حداثة عمرها الذي لايتعدى الشهر حتى الآن، هناك من يناصر المبادرة بقوة، مستنداً في ذلك على الارث الذي حققته تجربة جامعة الأحفاد للبنات صاحبة الفكرة والتي أسهمت منذ الستينيات من القرن العشرين في تعليم المرأة السودانية على المستوى الجامعي في بيئة نسائية متوافقة مع توجهات المجتمعات المحافظة خصوصا في فترة انشاء تلك الجامعة اي عام 1966.ويرى مناصرو فكرة اذاعة نسائية خاصة بالمرأة بأن وجود اذاعة متخصصة لحواء سيتيح المجال لمناقشة الكثير من القضايا النسائية التي لم تجد حظها بشكل كاف في الاذاعات العامة وذلك بسبب معيار الأولوية ومبدأ ترتيب الأهمية لما هو مطروح من قضايا، خصوصا وان الاذاعات العامة في الغالب الأعم تكون مخصصة بالدرجة الأولى للتعاطي مع مخرجات الأنظمة السياسية، حيث تستخدم الإذاعة كاحد اهم وسائل الاعلام لتعزيز سياسات القطاع التنفيذي بالدولة حيث جغرافية الإذاعة.كما يرى بعض الاجتماعيين السودانيين بأن اذاعة البنات كتجربة متخصصة رغم " جندريتها"، الا انها تجربة إعلامية يرتجى منها الكثير ، وذلك على أمل أن يحسن استخدامها وتوجيهها للاستفادة من الطاقات الاعلامية والاجتماعية والاقتصادية والطبية والعلمية للمرأة السودانية بمختلف تخصصاتها لبث برامج تدعم عمليات التنشئة الاجتماعية والوطنية الهادفة، خصوصا وان المرأة السودانية اثبتت عمليا بأنها العنصر الأكثر قدرة على التأثير في عمليات التنشئة الاجتماعية عبر وسائل الإعلام.كما يأمل الاجتماعيون السودانيون أيضا، في أن تسهم تجربة الاذاعة النسائية المتخصصة في جذب المرأة الريفية سواء كانت في السودان او في كافة مناحي المنطقة العربية للاستماع الى ماتبثه اذاعتهن التي تناقش قضاياهن باتساع وعمق أكبر، مع الوضع في الاعتبار بأن الأثير الذي يتم من خلاله بث البرامج النسائية هو ليس حصريا لعنصر المرأة فحسب، بل أن ما تبثه اذاعة البنات بالضرورة ان يكون مسموعاً على الملأ للرجال والنساء معاً ، وان قضايا المرأة لا انفكاك لها من مشاركة الرجل فيها ... ولربما يكون هذا تحديا ماثلا امام استمرار ان تظل تجربة راديو البنات حصرية للمرأة فقط .. ولكن في المجمل تظل تجربة ايجابية يرجى منها الكثير لصالح المجتمعات الانسانية اينما تمت تجربتها . طارق أشقر من أسرة تحرير الوطن [email protected]