اليوم .. عزيزي الصائم نتحدث عن احد أسماء اله الحسنى وهو (الحفيظ) حيث استقينا للتعرف على معنى هذه الاسم العظيم من عدة مصادر (بتصرف).الحفيظ هو اسم من أسماء الله الحسنى ، البالغ عددها تسعاً وتسعين اسماً ، وقد لا نحاول الإبحار في معاجم اللغة بحثاً عن معنى اسم الحفيظ ، فالقارئ البسيط الذي يمتلك أدنى مستويات الثقافة العامة يُدرك معناه ، بل يحاول اجتهاداً أن يفسره ، ويعطي شرحاً له ، وإننا في معظم الأحوال نستعمل هذا الاسم العظيم ، أو معانيه ومرادفاته ، فكثيراً ما نقول: (في حفظ الله) ، أو (الله الحافظ) أو (حفظكم الله) أو (يحفظكم الرحمن) أو (مع السلامة) ، أو (رافقتكم السلامة) أو غيرها من العبارات الدالة إن لم تكن في اللفظ فهي دالة لفظاً ومعنى... قد يكون المرء حامياً حافظاً لِنفسه أو لِما هو في حدود قدرته واستطاعته ، وحدود إمكانياته المحدودة البسيطة ، وأقول قد التي تُفيد الشك ، على أننا على يقين تام بأن قدرة البشر قاصرة ناقصة عاجزة عن الحماية والحفظ دون إرادة الله وقوته ومشيئته ، فما تملكه من متاع الدنيا كحاجاتك الشخصية أو ما تملكه من بيت ومال وأولاد وغيرها ، تعتقد أنك تحفظه من كل سوء ومكروه كون تلك الحاجات أمام ناظريك، وبالقرب منك، وفي حدود مملكتك، وأنك المسيطر عليها والمستحوذ، وقد نقبل ذلك الاعتقاد، أو نتجاوزه جزافاً، لكن ... ماذا عما توفره أنت من حماية وحفظ لما تملكه وهو بعيد عنك ، خارج إطار سلطتك وبعيد عن ناظريك؟!... .هنا ربما اتضحت أكثر صورة اسم الحفيظ ، فإرادته وقوته ومشيئته تفوق وتتجاوز طاقة البشر التي كما ذكرت أنها قاصرة عاجزة ناقصة ، أمام قدرة الله جلّ جلاله ، فعندما نخرج من بيوتنا مسافرين مودعين أهلينا وأولادنا نقول لهم: نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، لأننا نعلم أن الله هو الحفيظ من كل سوء ومكروه، وهو الحفيظ في كل وقت وحين، وهو الحفيظ في كل مكان، وهو الحفيظ كيفما كان، إنما نحن نأخذ بأسباب الحفظ والرعاية والحماية، ونُوكِلُ الأمر إليه سبحانه وتعالى ندعوه بل ونرجوه أن يحفظ من نستودعهم إياه، موقنين استحالة فقدان أو ضياع أو تلف ما استودعناه عند الله، وحاشا الله عن أن يُضيّع الودائع لديه. إن أثر هذا الاسم العظيم يمتد لكل شيء في الوجود، بدءً من حفظ الوجود ذاته، فالحفيظ حافظ للكون بكل مكوناته، وهو يحفظه في اتزان عجيب بين الزيادة والنقصان، فالمتمعن في هذا الاسم يجد العجب العجاب في مدى تأثيره على الكون بأسره، فلو أمعنا النظر، وأطلقنا العنان للفكر أن يُبحر في عجائب قدرته تعالى ، لوجد أن هذا الكون يسير وفقاً لنظام خاص دقيق بكل جزئياته الدقيقة، وما ذلك إلا حفظاً منه سبحانه تعالى، بحيث يبقى على توازن دائم ، فهذا البحر رغم اتساعه ، وبالرغم من كثرة نزول الأمطار بكميات كثيرة يبقى مقياسه ثابت، وكمياته مقدرة لا زيادة ولا نقصان، وهنا تتجلى صورة الحفيظ الذي يحافظ على الكون من الانهيار أو الغرق.لنصل إلى اليقين التام، والفهم الحقيقي لمعنى الحفيظ، نفكر فيما نسمعه أو نراه من بعض الحوادث التي تحدث، فكم من حوادث السير حدثت والناظر إليها يجزم جزماً قاطعاً بوفاة قائد المركبة، لِما رآه من حالة المركبة التي تحطمت نهائياً، ويتفاجأ أن قائد المركبة خرج من ذلك الحادث سليماً دون أي أذى، كيف حدث ذلك؟! إنها قدرة الحفيظ الذي قدرّ له الحفظ من كل سوء. والحفيظ حفظه دائم متصل، أي أن حفظه في كل لحظة وحين، فأنت في هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه الكلمات البسيطة قد شملك الحفظ في كل شيء، حفظك كلك، فقد حفظ لك بصرك الذي به ترى، وحفظ لك عقلك الذي به تعي وتفهم، وحفظ لك قلبك الذي به تنعم بالحياة، وحفظ .. وحفظ .. فكم هو عظيم حِفْظُهُ لما حَفِظَهُ، وكم هو قليل الحمد والشكر في حقه لِما أولى وأنعم به من حفظ. الحفيظ حاله حال كل أسماء الله الحسنى، فأثره بالغ ، ونفعه سابغ، فلو اضطررت لترك أشياء ثمينة في مكان ما، وتركتها يقيناً تستودعها الله تعالى، فأنت قد بلغت الإخلاص التام الذي لا يقبل الشك أو الريبة أن الحفظ إنما يكون بيد الله لا غيره ، آخذاً بالأسباب التي تؤدي إلى الحفظ بل السباب ذاتها هي من تقدير الحفيظ ذاته.والحفيظ قد قدرّ لكل شيء سبب لحفظه، فالإنسان قدرّ له ومنحه العقل به يعي ويفكر في أسباب السلامة والحفظ، وبعض الحيوانات قدرّ لها سبب القدرة الفائقة على الجري هرباً من أدعائها كالظبي، والنمور، وبعضها قدرّ لها تكيف بنيوي خاص بها كالفِيَلَة بحجمها الكبير يحميها من مهاجمة أعدائها، وبعضها قدرّ لها قروناً بها تدافع عن نفسها كالجواميس والثيران. وللحفيظ صور لحفظه لخلقه وعباده، ولعل منها أنه يدافع عن المؤمنين، وما دفاعه ذلك إلا حفظاً منه سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين ، كما يقول سبحانه في الآية الثامنة والثلاثين (38) من سورة الحج، وفي الحديث القدسي الذي يقول: (من عادى لي ولياً ، فقد آذنته بالحرب)، وهذه صورة أخرى للحفيظ الذي يحفظ أولياؤه، فهو يحارب من يعاديهم، وأي حرب تلك التي تكون مع الله والعياذ بالله.اللهم أحفظنا من كل سوء ومكروه ، ويسّر وقدر لنا أسباب الحفظ والرعاية يا رب العاملين. إعداد ـ زكي بن محمد الرمحي