[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]” .. ينص قانون البناء الجديد والذي يطبق في الولايات المعرضة للأعاصير، وتصل سرعة الرياح فيها لأكثر من 193 كيلومترًا في الساعة على وجوب تأمين الجزء الخارجي للمبنى عبر تركيب نوافذ مقاومة للأعاصير، ومصاريع الأبواب القوية، والأبواب المسلحة, وضرورة تقيد البناء في هذه المناطق باستخدام أحزمة فولاذية تربط سقف المنزل بالأساسات.”ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالفترة الزمنية بين "جونو" وميكونو" تصل لإحدى عشرة سنة شهدت السلطنة خلالها أكثر من حالة جوية ما بين أعاصير: " فيت" و"شابالا" ومنخفضات جوية متفاوتة الغزارة, مما أدخل السلطنة في دائرة المناطق المعرضة لهذا النوع من الأنواء المناخية, مما يستدعي تغيير شروط البناء سواء للمساكن أو المنشآت والطرق والجسور واشتراط أن تكون مقاومة للأمطار والرياح, كما يجب أن نراعي طبيعة الأنشطة السكانية والاقتصادية المتناسبة مع قرب السلطنة من حزام الأعاصير.لابد من دراسة التجارب المتقدمة للتعامل مع هذا النوع من الكوارث الطبيعية حول العالم, فهناك دول يزورها أكثر من إعصار في السنة الواحدة, ورغم ذلك نجحت في التعامل معها والخروج بأقل قدر من الخسائر, بل استفادت من كميات المياه الهائلة التي تصاحب الأعاصير عن طريق تخزينها في سدود طبيعية وإعادة استخدامها في الزراعة والأغراض الصناعية واصطياد الرياح العاتية وتحويلها لطاقة كهربية.كل يوم يتكشف حجم الخسائر التي خلفها "ميكونو" في البنية الأساسية؛ من انقطاع للطرق وأضرار كبيرة أصابت شبكات الكهرباء وأبراج الاتصالات وخطوط المياه بمحافظة ظفار والتي تحتاج لتكاليف باهظة لإعادتها كما كانت.كلنا يتذكر إعصار "جونو" والأضرار التي خلفها في الطرق والجسور بما فيها حديثة الإنشاء والتي تبين عدم مطابقة كثير منها للمواصفات القياسية, لذلك لم تصمد في وجه الإعصار, وتقريبا تم إعادة إنشاء جزء كبير من البنية الأساسية في مسقط والمحافظات الشمالية من جديد ووصلت التكلفة وقتها لعدة مليارات من الريالات ولولا لطف الله وتكاتف الجهود الحكومية والأهلية مع ارتفاع أسعار النفط في تلك الفترة لما استطاعت السلطنة عبور هذه المحنة بسلام.لا يجب الاكتفاء بحل المشاكل الآنية ومعالجة الأضرار التي خلفها "ميكونو" , وإعادة البناء بنفس الطريقة السابقة دون الوعي بالمشاكل التي كشفتها هذه الأنواء المناخية المتعاقبة.يجب إجراء حصر دقيق للمنازل والمنشآت التي تضررت وإجراء تحليل هندسي للمواد التي استخدت في بنائها والوصول للأسباب التي أدت لعجزها عن مقاومة الرياح والأمطار.يجب وضع "كود" جديد للبناء مقاوم للأعاصير يتضمن نوع المواد المستخدمة وطريقة البناء اللازمة لمقاومة هذا النوع من الكوارث الطبيعية, مع تشديد العقوبات ضد من يمارس البناء العشوائي أو يقوم بالبناء في مجاري الأودية.يجب تغيير الخطط والسياسات التي تتبعها شركات التأمين بحيث لا تقتصر خدماتها على الكيانات والمنشآت الضخمة القادرة اقتصاديا, بل تمتد للتأمين على المنازل البسيطة والمزارعين والصيادين والمراكب الصغيرة مقابل تكلفة في المتناول مدعومة حكوميا, حتى يمكن تعويض الفئات ذات الدخل المحدود ومساعدتهم على العودة لمزاولة أنشطتهم وبناء مساكنهم وفق مواصفات مقاومة للكوارث الطبيعية.في السنوات الأخيرة تطور علم حماية المنازل من الأمطار والرياح بشكل كبير، وأصبحت هناك تقنيات حديثة لبناء منازل مقاومة للأعاصير بعدما شهد العالم نشاطا لها غير مسبوق خلال العقدين الماضيين, فقد كانت الفترة من 2005 إلى 2015م من أكثر الفترات التي شهدت أعاصير مدمرة حول العالم وصلت كلفتها في الولايات المتحدة وحدها قرابة 198 مليار دولار.وهناك أسباب أخرى أدت لتطوير تقنية المنازل المقاومة للأعاصير، وهو تطور قوانين البناء في أميركا والتي ألزمت المدن المعرضة للأعاصير ببناء نوافذ، وأبواب ومواد بناء تستطيع مقاومة الرياح والأمطار المصاحبة للأعاصير.وينص قانون البناء الجديد والذي يطبق في الولايات المعرضة للأعاصير، وتصل سرعة الرياح فيها لأكثر من 193 كيلومترًا في الساعة على وجوب تأمين الجزء الخارجي للمبنى عبر تركيب نوافذ مقاومة للرياح، ومصاريع الأبواب القوية، والأبواب المسلحة, وضرورة تقيد البناء في هذه المناطق باستخدام أحزمة فولاذية تربط سقف المنزل بالأساسات.وقد تم بناء ملايين المنازل والمباني التجارية المضادة للأعاصير حول العالم, والتي تعتمد على تعزيز السقوف وبناء حواجز فيها ضد تسرب المياه، وتركيب أحزمة الأعاصير والسنادين لضمان بقاء السقف مهما بلغت قوة الرياح.وقد مولت الحكومة الأميركية برامج متعددة لحماية المناطق المعرضة لخطر الأعاصير، مثل مشروع "منازل فلوريدا" والذي يشمل تدعيم قوة سطح المنزل، وإنشاء حاجز مياه على السقف لمنع تسربها إلى الداخل، وتغطية السقف، وتعزيزه مع فواصل الجدران، وتعزيز النوافذ، والأبواب.وهناك شركات تقدم خدمة بناء المنازل المقاومة للأعاصير، باستخدام حوائط وأسقف خرسانية، ونوافذ زجاجية مصفحة، مزودة بمصاريع مقاومة للعواصف فيمكن للجدران الخرسانية المدعمة بالحديد الفولاذي مقاومة الرياح القوية، والحطام. ويتم تدعيم النوافذ المصفحة بطبقات من البلاستيك، و تعزيز أبواب المرآب لمنع اقتحام المياه والحفاظ على المنزل سليمًا , ويستخدم بعض المصممين أشكالًا دائرية لحماية المنازل في مواجهة الرياح ,ويستخدم آخرون القباب لمنع تحطم الأسقف.وهناك شاشات سوداء توضع على الشرفات للتصدي للحطام الذي تخلفه الأعاصير.ومؤخرا صممت إحدى الشركات المتخصصة منازل تنزل إلى الأسفل حين تهب الرياح والأعاصير ؛ حيث زودت تلك المنازل بأجهزة تستشعر عبرها سرعة الرياح والظروف الجوية المحيطة بالمنزل فينزل المنزل إلى الأسفل باستخدام النظام الهيدروليكي. وبعد نزوله إلى الأسفل يتم تأمينه بنظام يمنع تسرب الهواء أو الرياح.وقد اشتهر في الفترة الأخيرة نوع من الألواح المصفحة تقل تكلفة البناء بواسطته 40% عن تكلفة المواد المستخدمة في المباني التقليدية، فلا يتطلب استخدامه أساسات أسمنتية للبناء, اجتازت هذه الألواح اختبارات الحريق بنجاح، حيث تحملت 950 درجة مئوية لمدة 30 دقيقة دون احتراق, كما أنها آمنة ضد المياه، و الأعاصير، والزلازل , وتستطيع المنازل المبنية بهذه الألواح مقاومة رياح تصل سرعتها إلى 300 كيلومتر في الساعة.التغير المناخي مسؤول بدرجة كبيرة عن تكون هذه الأعاصير المدمرة التي أضحت ضيفا ثقيلا يزورنا من حين إلى آخر, وهي ناتجة عن ارتفاع درجات حرارة المحيطات جراء الانبعاثات المفرطة لثاني أوكسيد الكربون الناتج عن زيادة الأنشطة الصناعية والتلوث الناتج عن إلقاء الدول الصناعية المخلفات والنفايات في قاع المحيطات, وممارسة الصيد الجائر والأنشطة البحرية التي أحدثت خللا في التوازن البيئي تدفع ثمنه الدول النامية التي تتعرض للأعاصير والزلازل المدمرة وتقف وحيدة في مواجهة هذه الكوارث الطبيعية دون ذنب جنته.