[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]ماإن يلوح الخامس من يونيو من كل عام حتى يصطدم المرء وخصوصا الأجيال التي عاصرت ذاك الزمن، بحدثين كبيرين مازال تأثيرهما كبيرا حتى الآن .. الأول هزيمة يونيو 1967 وفي الخامس منه تحديدا وفيه انهيار لجيوش عربية وانتصار لإسرائيل عليها وتمدد بل احتلال لصحراء سيناء والجولان السورية والضفة الغربية، وأما الثاني فكان اجتياح لبنان عام 1982 واخراج المقاومة الفلسطينية منه وتوزيعها على أقطار عربية عدة.كان الحدث الأول قد ادت نتائجه ليس فقط الى سقوط عربي عسكري، بل إلى انهيار قيم ومباديء وأفكار، تاريخ برمته هوى رغم أنه كان يتأسس ليكون عملية تغيير في البنية العربية .. ومن خلال هذا الحدث برزت المقاومة الفلسطينية كعامل بديل عن الجيوش العربية، كما طرحت فكرها، وأن تعتمد حرب الشعوب عبر الكفاح المسلح الذي له تجاربه الناجحة حيثما حل ، سواء في الجزائر أو الصين وفي فيتنام وفي غيرها .. والمؤسف أن هذه المقاومة سقطت هي الأخرى في تجربة الصراع العربي الصهيوني، وسقط معها كل امل بالجيوش وبحرب الشعب، فمن اين لنا ان نخترع او نجترح فكرة جديدة، وفي اساس الكفاح الوطني ليس هنالك سوى تلك الفكرتين كحل وخلاص وطني .. وقومي.الخامس من يونيو إذن يوم ولا كل الأيام، ذكرى ليس لها شبيه، صورة من الماضي العربي تكشف عن حالة يمكن تسميته بالهريان في الأسس التي قامت عليها مفاهيم الحالتين .. فليس فقط ان الجيوش العربية لم تكن جاهزة عسكريا، بل ان كل المناخ العربي الشعبي والإنساني لم يكن متأصلا لخوض غمار وجوده والشعوب قد لقحت بمجرد أفكار وعناوين ولم يجر تعبئتها على شتى المستويات وتجهيزها مع جيشها لخوض مصيرها. ثم ان المقاومة الفلسطينية التي خسرت معركتها التاريخية، كانت قد وصلت الى ذروة تراجعها لأسباب عديدة، ومن خلاله دخلت اسرائيل وحسمت النتيجة بالإجهاز عليها واخراجها من الارض الى مناطق لاتهديد فيها للكيان العبري على الاطلاق، بل كان ذلك كف يد التجربة الفلسطينية، ودفعها الى البحث عن مخارج بعدما تم تضييق كل الأبواب بوجهها، فكانت إن اختارت الذهاب الى اوسلو وتوقيع اتفاقية مع إسرائيل تحصد اليوم نتائجها المرة.قلة من العرب الذين حددوا طبيعة الصراع الصهيوني الغربي على العرب بأنه دائم وله أساليبه وسيناريوهاته، وما حصل منذ سبع سنوات أو ثماني في العالم العربي ليس وليد ساعته، انه امتداد لتلك المرحلة بل لما قبلها، ولن تكون بالتالي التجارب الإسرائيلية الغربية وخصوصا الأميركية الاخيرة .. الفكرة الرئيسية الأساسية التي يجب ان تظل في البال على طاولة القراءة المستمرة، أن عالمنا العربي لن يهدأ طالما ان اسرائيل حية وموجودة ولها فاعليتها وانها شديدة التأثير بالولايات المتحدة، بل لابد لكل رئيس اميركي ان يكون تابعا لها محققا لما تريده وتسعى اليه، وكلنا يعلم ان الاميركي حدد سلفا قصة وجوده في المنطقة والقائم على شيئين اساسيين: إسرائيل والنفط العربي وشرايينه.الدراسات الحديثة تكاد تنبيء بان ثمة تغييرا كبيرا بدأ يحدث في تاريخ المنطقة، اساسه ماسوف ينتج عن صمود سوريا والعوامل التي أدت اليه، بل التجربة الشعبية التي يخوضها حزب الله والتي تؤسس الى ذلك التغيير في الصراع مع اسرائيل. فلأول مرة يخوض السوريون والعراقيون واللبنانيون مفهوم الجيش والشعب والمقاومة، فيما كان في الماضي جيشا بلا شعب وبلا مقاومة.