ثويبة الأسلمية (رضي الله عنها)

ها نحن اليوم في الخامس عشر من شهرنا الفضيل وما زلنا مع هذه السلسلة الرائعة .. واليوم حديثنا مع السيدة الجليلة ثويبة الأسلمية ـ رضي الله عنها ـ وهي جارية أبي لهب، أعتقها حين بشرته بولادة محمد بن عبدالله ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد أسلمت وكل أمهاته (صلى الله عليه وسلم) أسلمن .
وكانت السيدة ثويبة أول من أرضعت النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد أمه، وأرضعت ثويبة مع رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ بلبن ابنها مسروح وأيضاً حمزة عم رسول الله، وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
والسيدة ثويبة هي عتيقة أبي لهب. وقيل: إنه رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار، إلا أنه يخفف عني كل أسبوع يوماً واحداً وأمص من بين إصبعي هاتين ماء ـ وأشار برأس إصبعه ـ وان ذلك اليوم هو يوم إعتاقي ثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بإرضاعها له.
وكان إرضاعها للرسول أياماً قلائل قبل أن تقدم حليمة السعدية ـ رضي الله عنها ـ وفي روايات تقول: إن ثويبة أرضعته أربعة أشهر فقط، ثم راح جده يبحث عن المرضعات ويجد في إرساله إلى البادية، ليتربى في أحضانها فينشأ فصيح اللسان، قوي المراس، بعيداً عن الأمراض والأوبئة إذ البادية كانت معروفة بطيب الهواء وقلة الرطوبة وعذوبة الماء وسلامة اللغة، وكانت مراضع بني سعد من المشهورات بهذا الأمر بين العرب، حيث كانت نساء هذه القبيلة التي تسكن حوالي (مكة) ونواحي الحرم يأتين مكة في كل عام في موسم خاص يلتمسن الرضعاء ويذهبن بهم إلى بلادهن حتى تتم الرضاعة.
وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يكرم أمه من الرضاعة السيدة (ثويبة) ويبعث لها بكسوة وبحلة حتى ماتت، وكانت خديجة أم المؤمنين تكرمها، وقيل أنها طلبت من أبي لهب أن تبتاعها منه لتعتقها فأبى وامتنع أبو لهب، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة أعتقها أبو لهب، وهذا الخبر ينفي ما روي سابقاً بأن أبا لهب أعتقها لبشارتها له بميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) .
وعن وفاتها ـ رضي الله عنها ـ فيروى ان هذه السيدة الجليلة توفيت في السنة السابعة للهجرة بعد فتح خيبر، ومات ابنها مسروح قبلها .

أم سارة المحاربية