[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” مجمل البشر لايشعرون بأسفل أحذيتهم، ولكن يتحسسون أعلى رؤوسهم، القاع لايغرى بالهبوط، لكن القمة تفتح الشهية للصعود، لذا كان التفوق دائما يثير حفيظة الفاشل،الذى لايستطيع مجاراة النجاح، ولا التقدم ولا التفوق، فيتم التعويض النفسى، بإشاعة الإحباط والقنوط ومحاولة تحطيم كل ناجح وتقزيم كل نابهة ، وإسقاط كل صاعد نحو الهاوية.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنت فى عالم صعب، بين أناس أصعب، وسط ظروف أعقد، لم ينبت الخير فى بعض النفوس، ولم تطرح البركة فى بعض البشر، ولا عجب.. فمن حارب يوسف عليه السلام إلا أهله، ومن حارب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلا قومه، ومن حارب الأوطان إلا شعوبها، فلن تصيب الطعنة إلا من قريب، ولن تنال الأذى الا من أعين تترقبك.
لو أنصت لهم لسقطت، ولو نظرت فيهم لوقعت، ولو تأثرت بهم لفشلت، انظر الى السماء فقط، وستعرف ان فيها من يأخذ بيدك الى النجاح، فقط كن ذا همة تصل الى القمة، وسامح اعداءك، ولكن لاتنسى اسماؤهم كى تتفادى طعناتهم.
يحكى في قصص الموروث الشعبى، ان انزعج ابليس من فلاح، لكثرة شتمه يوميا وقذفه بأفظع السباب، فخرج ابليس وسأله ما السبب، فقال الفلاح لان جارى يملك ثورا يعينه على حراثة أرضه، وانا لا املك فعرض عليه ابليس ثورين اثنين، على ان يكف عن شتمه، فقال الفلاح لن اتوقف عن شتمك حتى تقتل ثور جارى، الى هذه الدرجة يكمن الحقد.
الحقد سواد القلب، وهو الغيظ المكتوم في نفس شخص ضد اخر وهو الكره الشديد،غير الحسد وهو تمنى زوال النعمة عن الاخرين، والحقد اظهار العداوة فى القلب والتربص بغية الانتقام، فاذا ظهرت لك تلك العلامات فانت انسان ناجح، فاذا لم يكن لك عدو، فاعلم ان لاقيمة لك فى الحياة، ولا وزن لك بين الناس، ليتخذك بعضهم عدوا.
فعندما يكون لك هذا الحاقد، الذى يتصيد أخطاؤك ويتربص لك، ويحسب عليك زلاتك ، وينتقدك باستمرار ويرسل لك الرسائل السلبية، ويتفنن فى وضع العراقيل أمام طموحك،عندما يكون لك ذلك الحاقد الذى يجرح مشاعرك ويقلل من قيمتك، ويشيع عنك السوء والخبث، ينعتك فى غيابك بأخس الصفات،إذا كان عليك كل هذا،لاشك انت انسان ناجح، فاذا لم تجد من ينتقدك، الأغلب أنك لن تنجح، فعندما تنهال عليك كل تلك السهام، ستجعلك دائما فى يقظة، تتأمل العواقب، وتعد العدة وتتطلع الى عيوبك، وتتلافى اخطاءك، وترتقى للوصول الى الكمال.
لقد تعرض عظماء العالم، لموجات من الحقد والاحباط واليأس، فعندما يقال عن بيتهوفن، اعظم مؤلفى الموسيقى فى تاريخ البشرية (ان لا امل فيه في الفن) اذن مالك الا ان تتقدم فى ثبات، وعندما يطارد والت ديزنى ويطرد من عمله، ويعلن افلاسه عدة مرات، وعندما تعلم انه مؤسس مدينة ديزنى لاند للالعاب الترفيهية، والتى تربح سنويا 30 مليار دولار، فما لك الاان تنظر وراءك فى غضب، وتسرع الخطى الى الامام.
وعندما ينعت توماس اديسون، مخترع الكهرباء التى أنارت الدنيا، بانه غبى ولايستطيع ان يتعلم، فماعليك الاان تتلقى كل الاحقاد، وتلقيها كليا فى صناديق القمامة، وعندما يوصف اينشتاين اعظم العقول فى تاريخ الكون، ومخترع نظريه النسبية ( بأنه غبى وبطئ الفهم، وانه غير اجتماعى) فلا تلتف لهراء ولا تجنح لهلوسات، وعندما يوصف هنرى فورد مؤسس علامة فورد التجارية بانه فاشل، بعد افلاسه 5 مرات متتالية، ولكنه لم يعرف اليأس ولم يلتفت لإحباط، ليؤسس بعد ذلك شركة فورد من اشهر علامات السيارات فى العالم، وتبلغ ثروته مايعادل المليار دولار.
مجمل البشر لايشعرون بأسفل احذيتهم، ولكن يتحسسون اعلى رؤسهم، القاع لايغرى بالهبوط، لكن القمة تفتح الشهية للصعود، لذا كان التفوق دائما يثير حفيظة الفاشل،الذى لايستطيع مجاراة النجاح، ولا التقدم ولا التفوق، فيتم التعويض النفسى، بإشاعة الاحباط والقنوط ومحاولة تحطيم كل ناجح وتقزيم كل نابهة ، واسقاط كل صاعد نحو الهاوية.
يفسر لك علماء السيكولوجيا نفسية ذلك الحاقد،على اساس نظرية الية الدفاع التى تقوم بها النفس البشرية، فى مواجهة المشكلات الخارجية او للتغلب على الضغوط ، والابقاء على سلامة الذات من العيوب، ولعدة اسباب منها انعدام الثقة بالنفس، الطمع بما في ايدي الاخرين، عدم شكر الله على النعمة، الانزعاج عندما يرى شخص يهدي لآخر او يمدحه، فهو لايريدها لغيره، ومنها ايضا الانطوائية والابتعاد عن البشر، ليتفرغ لتفريق القلوب وزرع الكره بين الناس، واشاعة الاحباط والفشل، كما تعود نفسية الحاقد المشوهة الى الامراض النفسية، والى التربية الاسرية المختلة،وعدم الانتماء للبيئة وللاشخاص، وهى الاسباب الاساسية فى الحقد والكراهية .
انت فى مشوار تقدمك، ستجد الحاقد المتفرغ لكسرك، والمتطوع لانهيارك، اذا انت على الطريق الصحيح، ابحث عن حاقد يقوى عزمك ابحث عن محبط يشد من عودك، وابحث عن ساقط يدفعك للنجاح، وابحث عن يأس يبعث بك الأمل ، لاتتعجب ... النيران يطفئها الماء ويشعلها الحطب، والحديد اذا لم تقسو عليه النيران لم تر منه قيمة في صلب الحياة، وانت بلا حاقد، فلا قيمة لك ولا وزن، فليس عندك ما يغرى للحقد.