القرآن الكريم هو كتاب الله المنزل على العالمين لإخراجهم من الظلمات إلى النور, يبين لهم طريقي الخير والشر, ويهديهم إلى صراط الله المستقيم, ليفوزوا بالدارين بإذن الله, فهو مهم جداً للبشر, لذلك قاموا بالعناية التامة في تفسيره وبيان حكمه وأحكامه ومواعظه وعلومه, ولا يوجد كتاب يناظر القرآن, ولا كتاب يحمل صدقاً وعدلاً وكمالاً كالقرآن, ولا كتاب يخلو من الأخطاء كالقرآن, فحتى الكتب السماوية التي أوكل الله حفظها للناس, نالها التحريف بأيدي الأحبار والرهبان.لا ريب أن أهم قاعدة في التفسير هو مجيء القرآن لهداية الناس فليس هو كتاب تاريخي ولا أدبي ولا علمي وما احتوى عليه من تاريخ وعلم وأدب هو دارج تحت الهداية, ومستخدم فيها, ولا شك إن في زماننا كثر التداول بالتفسير العلمي, لذلك فمن المنطق أن يؤخذ بهذا التفسير المقبول لدى فئة كبيرة من الناس ولعل الله يهديهم إلى الحق والحقيقة.ومن القواعد اللغوية هو دخول (أل) التعريف على الصفات أو على أسماء الأجناس, يفيدها الاستغراق, أو شيوع الجنس, والمثال على استغراق اسم الجنس على أفراده قوله تعالى:(إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر ـ 2), ولذلك خرج من شيوع الجنس, (المؤمنون ذوو الأعمال الصالحة), (المتواصون بالحق وبالصبر), وتسمى (أل) هذه بالجنسية.والمثال على استغراق المحلى بـ (أل) التعريف لكل أفراده هو قوله سبحانه:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ( (المائدة ـ 27(, فكل متقٍ داخل في كلمة (المتقين) بلا استثناء, و(أل) هذه استغراقية.ومن القواعد أن علم الله يتعلق بالمستحيلات بينما قدرته لا تتعلق بذلك, لأن المستحيلات لا يقرها العقل بل ينافيها, والقول بها يصادم كل ما هو موجود بالحقيقة, ومثال ذلك:(قل لو كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء ـ 22).فنرى أن الله علم ماذا سيفعل الآلهة لو افترض وجودهم مع استحالة هذا الوجود, وهذا ما تفيده كلمة (لو) من امتناع الشرط, لكن جاء الافتراض من باب بيان العاقبة تجاوزاً ورداً على قول المشركين.والنكرة تفيد العموم إذا جاءت في سياق النفي وما يشابهه, مثال ذلك:1 ـ النفي: قال الله تعالى:(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (محمد ـ 19).2 ـ النهي: قال الله تعالى:(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شيئاً) (النساء ـ 36), فكلمة (شيئاً) وهي في سياق النهي , تفيد عموم ما يُشْرَك به.3 ـ الشرط: قال الله تعالى:(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة 7 ـ 8), قوله: (خيراً) و(شراً) يعمان كل خير وكل شر على الترتيب, وإنهما وإن كانتا نكرتين لكن جعل لهما العموم ورودهما في سياق الشرط.4ـ الاستفهام: قال الله تعالى:(مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ) (القصص ـ 71)ومن القواعد أن المضاف إلى الاسم المفرد يفيد العموم, قال الله تعالى:(هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (لقمان ـ 11), ويشمل (خلق الله) كل خلق هو موجود, فلا شك أن الله أوجد كل الوجود من عدم, ولم يتركهم من غير قيام بعهم إذ لو غفل عنهم لحظة لانهار الوجود بأكمله فسبحان الله الحي القيوم.علي بن سالم الرواحي