تعكس مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية في السلطنة

تقرير ـ ناصر المجرفي:
تعد الزراعة من أهم مقومات الصناعات التقليدية الحرفية في سلطنة عمان والتي تميزت بالجودة والكفاءة أعطت طابعا خاصا ومميزا عكس الثقافة العمانية وعبر عن مظهر الحياة الاجتماعية فيها وعن مدى ارتباط الإنسان العماني بأرضه وما نتج عنها من صناعات انتشرت في شتى ربوع السلطنة، وهناك الكثير من الصناعات الزراعية التقليدية العمانية مثل صناعة قصب السكر واستخلاص ماء الورد والنباتات الطبية والعطرية وتجفيف الليمون وتبسيل التمور وغيرها من الصناعات الحرفية الزراعية التقليدية التي برع فيها العمانيين وما زالت تمارس حتى الان ولكن بتقنيات حديثة ومتطورة.

قصب السكر
برع العمانيون منذ القدم في زراعة وإنتاج محصول قصب السكر وارتبطوا به ارتباطا وثيقا وهو من المحاصيل المعمرة ويجود زراعته في مختلف مناطق السلطنة، وتعتبر المنطقة الداخلية إحدى المناطق المتميزة في زراعته وقد قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية بتشجيع المزارعين لزراعة محصول قصب السكر في الحيازات الزراعية غير المنزرعة حيث تم اختيار إعادة وتجديد زراعة هذا المحصول لكونه ذو مردود اقتصادي كبير ومرغوب بشكل دائم وللمحافظة عليه من الانقراض فقد قامت الوزارة بتوزيع عقل على المزارعين للتوسع في زراعته وتوفير أسمدة ومبيدات للقوارض وأخرى للفطريات كما سعت الوزارة إلى تأهيل عدد من الوحدات التقليدية لقصب السكر في عدد من ولايات المنطقة الداخلية وتوفير مكائن ومراجل للطبخ ومظلات لحفظ المحصول من تعرضه للشمس كما يجري العمل على إنشاء وحدة جديد في إزكي.

ماء الورد
يعتبر ماء الورد بالجبل الأخضر من المنتجات العطرية التي لاتزال تحتفظ بطريقتها التقليدية التي تمتزج فيها رائحة الدخان المحترق من الأغصان وفروع الأشجار مع ماء الورد ليعطي رائحة زكية مميزة يفضلها الكثير من أذواق المستهلكين والزوار السائحين للجبل الخضر فمع بداية الموسم الفعلي لحصاد الورد مع نهاية شهر مارس وحتى بداية شهر مايو يبدأ المزارعون جني الورد في الصباح الباكر وقبل طلوع الشمس حيث بتلات الورد في هذا الوقت تتميز باحتوائها على تركيز عال من الزيوت الطيارة التي تكسبها الرائحة المميزة وتقوم النساء في الجبل الخضر بمساعدة الرجال بقطف الورد واستبعاد الزهور المصابة ومن ثم وضعها في الأواني الخاصة بالتقطير وتعبئتها في العبوات التقليدية المخصصة لها وتسعى وزارة الزراعة جاهدة لتطوير تسويق ماء الورد ليتماشي مع حاجات وأذواق المستهلكين من خلال عقد الندوات الإرشادية والتوعوية التي تسعي لتطوير فكر المزارع لتطوير الشكل التسويقي لمنتجات ماء الورد كما عمدت الوزارة على تطوير الوسائل التقليدية المستخدمة في تصنيع ماء الورد كتوفير الغاز والمواقد الخاصة بطبخ ماء الورد بدلا من استخدام الحطب هذا إلى جانب توفير الأسمدة اللازمة والحراثات ومقصات التقليم.

النباتات الطبية والعطرية
تلعب المراة الريفية دورا بازرا فيما يخص تصنيع النباتات العطرية والطبية ذلك انها تستخدمها لأغراض مختلفة منها الزينة مثل نبات الياس والسدر والصندل والمحلب والورد الذي تقوم المرأة بتجميعه وتجفيفه ومزجه مع مواد عطرية أخرى لينتج عنه البخور بروائحه العطرية المختلفة والذي يعتبر ارث تعتز به المرأة العمانية وتحافظ عليه كمهنة توارثتها عن الأجداد كما تتفنن النساء الريفيات في تعبئته بأشكال وأحجام مختلفة حسب ذوق كل امرأة.
كما أن خبرة المرأة الريفية الواسعة في معرفة النباتات الطبية التي تستخدم في علاج العديد من الأمراض مثل نبات الجعدة الذي يستخدم في علاج أمراض الصداع والمغص وخفض درجة الحرارة وتقليل نسبة السكر في الدم ونبات الياس أو الآس الذي يستخدم في علاج إمراض البطن حيث تجمع أوراقه وتجفف وتسحق سحقا ناعما ليستخرج منها عطرا طبيا ومن أجل ذلك قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة بدائرة المرأة الريفية بإرشاد النساء الريفيات بالطرق الحديثة في تعبئة وتغليف الأدوية الشعبية والنباتات العطرية وذلك من خلال عقد العديد من المحاضرات وورش العمل للتعريف بهذه النباتات وأهميتها في علاج العديد من الأمراض وتشجيع النساء للاستمرار في العمل في هذا المجال والمحافظة على الإرث المعرفي والحصيلة الوفيرة من المعلومات الثرية عن النباتات الطبية والعطرية.
كما تقوم الدائرة بإرشاد النساء الريفيات بطرق ضبط جودة هذه المنتجات وكيفية تسويقها من خلال إقامة العديد من المعارض لتعريف المجتمع بهذه الشريحة من النساء اللاتي ما زلن يمارسن هذه المهنة. ومازالت الجهود مستمرة لتشجيع المرأة الريفية للمشاركة في دفع عجلة التنمية والمساهمة في زيادة الإنتاج المحلي سواء عن طريق إقامة المعارض الإنتاجية أو التنسيق مع بعض الجهات الخاصة لتسويق تلك المنتجات وإبرازها بالشكل الصحيح.

تجفيف الليمون
الليمون العماني هو واحد من أهم محاصيل الفاكهة في السلطنة، وذلك لأهميته الاجتماعية والغذائية والاقتصادية. فقد ارتبط العمانيون بهذا المحصول منذ القدم وقاموا باستزراعه في جميع مناطق السلطنة وذلك لتأقلمه على ظروف السلطنة المناخية. وقد طور العمانيون طرق حفظ ثماره وذلك بتجفيفها، بحيث تأخذ الثمار بعد حصادها لمكان التجفيف في مساحة تختلف حسب كمية الإنتاج تحت أشعة الشمس مع التقليب من حين لآخر ويتم تجفيف الليمون في مدة تتراوح من شهر ونصف الى شهرين تقريبا حسب الحرارة وفي النهاية يتم جمعه.
فأصبح الليمون العماني, المجفف أو الطازج, احد أهم مكونات المائدة العمانية وذلك لما يضيفه من قيمته غذائية ونكهة للمائدة. وانه يشكل احد أهم مصادر الدخل للمزارع العماني وبالتالي أحد دعائم الاقتصاد الوطني. وقد كان العمانيون يصدرون الليمون العماني المجفف إلى كثير من الدول العربية والأجنبية.
وقد قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة في مركز البحوث الزراعية والسمكية بجهود حثيثة لمكافحة مرض مكنسة الساحرة الذي أدى إلى خسائر كبيرة في المحصول بحيث قام الباحثون بوضع برنامج متكامل لإدارة المرض وتنفيذ برنامج تسميدي متكامل ورش المبيدات واعتماد ومتابعة وإرشاد مشاتل القطاع الخاص وتفعيل الدور الإرشادي في مجال خدمة ورعاية وإنتاج أشجار الحمضيات وتفعيل دور الحجر الزراعي وإنشاء البنوك الوراثية الحقلية لأنواع الحمضيات المحلية والمستوردة للمحافظة عليها وإجراء الدراسات المستقبلية عليها كما أطلقت الوزارة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) مشروع البراءة الصحية للحمضيات في السلطنة. ويستند المشروع إلى إنتاج شتلات الليمون العماني والحمضيات الأخرى العالية الإنتاجية والخالية من الأمراض الفيروسية والشبه فيروسية ومكنسة الساحرة وغيرها وتوزيعها على المزارعين.

التبسيل
التبسيل هو عملية طبخ البسور في مراجل نحاسية لدرجة متوسطة لفترة تتراوح الى حوالي 20 دقيقة في مكان يسمى التركبة وهو مكان يتكون من غرفة لتجميع البسور المراد طبخها وتحتوى على فرن به مراجل (أوعية نحاسية) وغالبا يتكون كل فرن من مرجلين موضوعة بشكل طولي وذلك مراعاة لطول سعف النخيل المستخدم في الطبخ.
ويكون الغرض من طبخ البسور حفظ التمور لمدة طويلة وكذلك بقائها بشكلها الطبيعي لاستخدامها في الصناعات الغذائية وبعد الطبخ تجفف هذه البسور وذلك لتفريغها من السوائل لمنع وصول الفطريات إليها وتحدث عملية التبسيل عند فترة جني وحصاد التمور خلال فصل الصيف وتدخل بعض أصناف النخيل في عملية التبسيل (نخلة المبسلي وهي أشهر نخلة للتبسيل وأبو نارنجه والنغل المدلوكي)
وتعمد وزارة الزراعة على المحافظة على معدلات إنتاج النخيل من التمور من خلال برامجها للرش الجوي لحشرة الدوباس والعناية بتسميد أشجار النخيل للمحافظة على معدلاتها الإنتاجية العالية.