القرآن الكريم فيه الخير كله, وهو دستور المسلمين وقائدهم إلى الخير, لذلك انكبوا عليه يغتنمون فوائده التي لا يحصونها, ونال عناية عظيمة ورعاية كريمة لم ينلها كتاب آخر, حتى غير المسلمين يتدارسونه لينهلوا من فنون علومه
هنالك ثلاثة مصطلحات ـ اصطلح عليها حديثاً ـ يحتاجها المفسر إلى معرفتها وتطبيقها لينجح في عملية التفسير وهي:
1) الاتجاه وهو هدف المفسِّر الذي يتجه إليه لتحقيقه ولا يحيد عنه.
2) المنهج هو طريقة المفسر في الوصول إلى الهدف, كتقديم تفسير القرآن بالقرآن, ثم بالسنة ثم بأقوال الصحابة ثم بكلام العرب الذين عايشوا تنزلات الوحي الكريم.
3) الأسلوب, وهو طريقة المفسِّر التي استخدمها في تفسيره.
وتوضيح الكل نحو نفر قاصدين مسقط, (فالهدف) هو الوصول إلى مسقط وهو مشترك بينهم, و(المنهج) أن الأول وصلها براً والآخر جواً والثالث بحراً, وينبري (الأسلوب) في كون الأول قام بعمل سياحة, والمسافر بحراً جعل يصطاد سمكاً وأما المسافر جواً جعل يتعلم في الطائرة.



ومعلوم أن ألفاظ القرآن متواترة إجماعاً, أما بعض المعاني والدلالات فمختلف فيها, وبما إن القرآن منزه عن الاختلاف الضدي فيه, كان هذا الاختلاف اختلاف تنوع لا تضاد, وذلك من قواعد التفسير, ويرجع هذا الاختلاف إلى أفهام المفسرين المختلفة, فقد يلحظ هذا فيه ما لا يلحظه الآخر, والعكس صحيح, وكذلك راجع إلى الاختلاف في تخريج الأحاديث الشريفة مختلفة, فقد يصح الحديث عند بعض دون الآخر, وصدق الله تعالى إذ يقول:( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (النساء ـ 82).
أنواع الاختلاف في التفسير
ويرجع الاختلاف في التفسير إلى الاختلاف في الأخذ بالنقل أو إلى الاختلاف في الفهم لأن القرآن معجزة عقلية علمية, والنقل والعقل مصدرا العلم البشري, ويرى ابن تيمية أن الاختلاف في التفسير ضربان:
1) ما مستنده النقل فقط, يحال أن يكون في ذاته اختلاف لأنه صدر من الله العليم, لكن قد تصح روايات عند هذا وتصح عند آخر روايات أخرى تضادها فيختلف التفسير, والنقل قد يكون عن معصوم مثل النبي (صلى الله عليه وسلم), وقد يكون عن غير معصوم كالصحابة, ومعظمه مراسيل ضعيفة الحجة, هذا وقد يمكن معرفة صحة المنقول أو لا يمكن, فمثال الأول ما نصب الله سبيلاً إلى معرفته, ومثال الثاني كالاختلاف في لون كلب أصحاب الكهف, ومنه المبهمات, قال الله تعالى:(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) (البقرة ـ 259), حيث تروي الروايات أن الآيات تتحدث عن النبي عزير ـ عليه السلام.
2) وما يكون مستنده العقل, ويرجع إليه معظم الاختلاف في التفسير, لتفاوت الأفهام في بيان القرآن, لذلك نرى أن هناك التفسير اللغوي والتفسير الموضوعي والتحليلي والإجمالي والعلمي, ولهذا التفاوت الكثير, نتج عنه كثرة الخطأ في التفسير.