يعرف المشرع العماني شركة التوصية في المادة (46) من قانون الشركات التجارية بأنها "شركة التوصية هي شركة تجارية تشمل فئتين من الشركاء: أـ شريك مفوض أو أكثر يكونون مسؤولين بالتكافل والتضامن في جميع اموالهم عن ديون الشركة، ب ـ شريك موصى أو أكثر تكون مسؤوليتهم عن ديون الشركة مقتصرة على مقدار مساهمتهم في رأس مال الشركة شرط ان يكون هذا المبلغ قد ذكر في عقد تأسيس شركة التوصية.....".
اولا: تحليل نص المادة (46)
من هنا يتضح لنا أن لشركة التوصية نوعين من الشركاء، شركاء متضامنون أو كما سماهم المشرع العماني مفوضون، وشركاء موصون.
يترتب على هذه الخصيصة أن الشركاء في شركة المحاصة يخضعون لأحكام مختلفة، وبالتالي فإن تدخلهم في إدارة الشركة يختلف باختلاف تلك الأحكام، تفسير ذلك على النحو التالي:
أ ـ الشريك المتضامن (المفوض) يكون مسؤولا عن جميع الإلتزامات الناشئة عن الشركة مسؤولية شخصية غير محددة، وتضامنية، اما مسؤولية الشريك الموصي فهي ذات طبيعة محددة بقدر الحصة التي يمتلكها في رأس مال الشركة.
ب ـ يكتسب الشريك المتضامن صفة التاجر، بينما لا يكتسب الشريك الموصي صفة التاجر على اعتباره غير مسؤول عن التزامات وديون الشركة الا بقدر حصته في رأسمال الشركة، ومن هنا فإن افلاس شركة التوصية يؤدى حتما الى افلاس الشركاء المتضامنين فيها بينما لا يؤدى ذلك الى افلاس الشركاء الموصين.
من هذا جاءت المادة (46) من قانون الشركات التجارية العماني لتؤكد جزئية في غاية الاهمية من أن مسؤولية الشريك الموصي تكون محددة ومقدرة بقدر حصته في رأسمال الشركة طالما لم يشترك في إدارة الشركة، أو لم يعمل باسمها أو بصفة اخرى.... أما في حالة اشتراكه في ادارة الشركة، مع وجود هذا المنع فإن مسؤوليته عن التزامات الشركة تكون عندها كمسؤولية الشريك المتضامن (المفوض) "يعتبر الشريك الموصي الذى يشترك في إدارة الشركة او يعمل باسمها مسؤولا كشريك مفوض عن الالتزامات الناشئة عن أعماله، كما يمكن اعتباره مسؤولا كشريك مفوض عن سائر ديون الشركة أو اى قسم منها وفقا لأهمية الاعمال التي يقوم بها وبالقدر الذى يعول عليه الأشخاص الثالثون حسنو النية بسبب هذه الأعمال.
ثانيا: نطاق منع الموصي من التدخل في إدارة الشركة
الواضح ان السبب الجلي الذى يعود الى منع الشريك الموصي من الاشتراك في إدارة الشركة هو حماية الغير الذى يتعامل مع الشريك معتقدا انه يتعامل مع شريك متضامن مسؤوليته عن التزامات الشركة مسؤولية غير محددة، ثم يتضح له بعد ذلك بأنه شريك موصى لا يسأل عن تلك الالتزامات التي تعامل فيها إلا بمقدار حصته في رأسمال الشركة ومن هنا حرص المشرع على حظر الشريك الموصي من إدارة الشركة لكي لا يقع الغير في هذا الغلط بحقيقة المركز القانوني للشريك الموصي.
والسؤال الذى ينهض هنا مدى نطاق هذا المنع وذلك الحظر؟
يجب لتحديد هذا النطاق أن نعلم أن اعمال الادارة فى جميع الشركات التجارية تكون على نوعين: إما اعمال ادارية تقتضى من الشريك الاتصال بالغير وتمثيله للشركة أمام هذا الغير، ويطلق على هذه الادارة "الادارة الخارجية" وهى تلك الادارة المحظورة القيام بها من قبل الشريك الموصي.
أما الاعمال الادارية التي بطبيعتها لا تتطلب التعامل مع الغير والاتصال به وتمثيل الشركة تجاهه فهذه اعمال ليست محظورة على الموصي القيام بها.... خذ على ذلك العديد من الامثلة: حق الشريك الموصي الاطلاع على سجلات الشركة.
حق الشريك الموصي الاشتراك في اجتماعات الشركة والتصويت على قراراتها ـ ابداء النصح والإرشاد والمشورة لمن يتولى ادارة الشركة...".

د. سالم الفليتي
استاذ القانون التجاري والبحري المساعد كلية الزهراء للبنات
[email protected]