[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” إن الشعب الفلسطيني ما يزال يمر في مرحلة التحرر الوطني , ويخوض كفاحاً مريراً, ويعيش معاناة فائقة في سبيل إنجاز حقوقه الوطنية. انطلقت الثورة الفلسطينية على أساس تحرير كل فلسطين من النهر إلى البحر. جرى تبني النقاط العشرة وكانت اتفاقية أوسلو المشؤومة, وكانت المساومة التي يعتبرونها "تاريخية" على حل الدولتين!”
ــــــــــــــــــــــ

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتصرف تجاه الذي يجري في غزة من عدوان صهيوني, وكأنه "وسيط دولي " ! في عهد الرئيس الراحل عرفات وحتى في زمن السلطة الفلسطينية, التي هي عمليا محتلة كما الأرض من قبل العدو, كانت الاذرع العسكرية لفصائل المقاومة, تمارس كفاحها المسلح ضد قوات الاحتلال بمن فيها الذراع العسكري لحركة فتح "كتائب الأقصى", إلى أن جاء الرئيس عباس إلى السلطة وأصدر قراراته المعهودة : باعتبار الأذرع العسكرية للفصائل, تنظيمات غير شرعية, وقامت الأجهزة الأمنية للسلطة بجمع السلاح (تحت طائلة السجن لكل من لا يقوم بتسليم سلاحه) مع ضمانة من الرئيس: بأن إسرائيل سوف لن تلاحق المسلحين. (كانت قد وعدت عباس بذلك وحنثت كالعادة بوعدها فاغتالت العديد من الناشطين واعتقلت آخرين منهم, رغم تسليم أسلحتهم ). الرئيس عباس كان من المفترض به وبحكومته الإنتقال إلى قطاع غزة والتواجد الدائم مع شعبه والمقاومة هناك للفترة التي يمتدها العدوان. رغم المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني, لم يقم الرئيس, ورغم العدوان, حتى بزيارة عاجلة إلى غزة.
الرئيس محمود عباس وصل إلى عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، وتسلم منصب رئيس الوزراء الفلسطيني في السلطة ومن ثم وبعد اغتيال إسرائيل للرئيس عرفات عن طريق تسميمه، وصل عباس إلى رئاسة السلطة الفلسطينية، وإلى رئاسة حركة فتح، وإلى رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية. الرئيس عباس لا يُخفي إيمانه بأن طريق الوصول إلى الحقوق الوطنية الفلسطينية يتم فقط من خلال نهج المفاوضات. هو يصل إلى حالة عداء مع الكفاح المسلح: يعتبره "عنفاً" وفي بعض التصريحات"إرهاباً".الرئيس عباس يفتخرأنه مهندس اتفاقيات أوسلو, وقبل توقيعها وكما يُروى: فإنه وفي أحد دورات المجلس الوطني الفلسطيني: نظّر لاستراتيجية المفاوضات فقط مع إسرائيل, ونبذ الكفاح المسلح, فأجابه الرئيس عرفات غاضبا على مضمون كلامه وحتى قبل أن يستكمل خطابه أمام المجلس: "اللي تِعبْ يرتاحْ يا أبو مازن". الرئيس عباس وبعد تجربة واحدٍ وعشرين عاماً من التفاوض مع الكيان الصهيوني, ومن قبل ذلك ومايزال, يؤمن بها, رغم عبثيتها وعُقمها. الرئيس الفلسطيني ورغم العدوان الواسع على الشعب الفلسطيني والمقاومة ورغم المذابح, لم يقم بتغيير استراتيجيته السياسية وتبني الكفاح المسلح, وهو باستطاعته نقل السلطة والحكومة من رام الله إلى غزة, بدلا من ذلك وبدلا من ضم جهود السلطة إلى المقاومة في كفاحها يصرح: بان المقاومة " تدمر " شعبنا! هل حقا لا يزال الرئيس يؤمن بالمفاوضات؟ وهل أن إسرائيل تستجيب لاستراتيجية الرئيس؟ وهل أن إسرائيل ( منذ عام 1967 وحتى اللحظة) قامت بالتوقف عن التنكيل بشعبنا وبكل الوسائل؟ وهل هي بحاجة إلى مبررات لاقتراف العدوان ؟
في تصريحات له مؤخراً, قال الرئيس عباس "جرّبنا المقاومة المسلحة لكنها لم تَفِدْ " . وقال أيضاً "إن موازين القوى في القتال الدائر حالياً تميل لصالح إسرائيل ... واستطرد ... بالتالي لا فائدة من القتال" وكذلك "لافائدة من الصواريخ فهي تزيد من الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني". وكما قال أيضاً: وبما معناه"أن هناك اتجاراً بالحرب من قبل بعض أطراف الجانبين، و.. إننا لا نريد الانجراف لمربع العنف مع الاحتلال!". من قبل كانت هناك تصريحات كثيرة للرئيس أبو مازن في سياق النصوص والمضامين التي أوردناها قبل بضعة أسطر, ونود مناقشة الرئيس في خطأ وجهة نظره!.
بدايةً، فإن الشعب الفلسطيني ما يزال يمر في مرحلة التحرر الوطني , ويخوض كفاحاً مريراً, ويعيش معاناة فائقة في سبيل إنجاز حقوقه الوطنية. انطلقت الثورة الفلسطينية على أساس تحرير كل فلسطين من النهر إلى البحر. جرى تبني النقاط العشرة وكانت اتفاقية أوسلو المشؤومة, وكانت المساومة التي يعتبرونها "تاريخية" على حل الدولتين! التي تضع إسرائيل العثرات في سبيل تحقيقه بحيث أصبح مستحيل التنفيذ, فهي ترى الحقوق الفلسطينية في: حكم ذاتي هزيل على كانتونات معزولة في الضفة الغربية, مجرّد من أي نوع من أنواع السيادة.! ومن حيث موازين القوى فإن الحرب الشعبية الطويلة الأمد مع الإحتلال (كل احتلال) ليست بحاجة إلى موازين قوى عسكرية متساوية. الفلسطينيون ليسوا دولة ولن يصلوا إلى مستوى متكافئ ومتوازن مع إسرائيل عسكرياً. بالثورة والكفاح المسلح ووسائل المقاومة البسيطة استطاعت كافة قوى التحرر الوطني في آسيا, وإفريقيا, وأميركا اللاتينية, هزيمة محتلي أراضيها ومغتصبي إرادات شعوبها, والوصول إلى الحرية والاستقلال.الكفاح الفلسطيني ليس استثناءاً رغم فارق الظروف. لو طبقّت كل من الثورة الفيتنامية, والثورة الجزائرية, وثورة جنوب إفريقيا قانون موازين القوى, لما قامت, ولظلّت هذه البلدان مستعمرة من قبل محتليها. المهم في الثورة : أن تحوّل المشروع الاحتلالي إلى مشروع خاسر على الصعيدين البشري والاقتصادي للعدو، حيث يظل ينزف من جسده, حتى الاعتراف بحقوق الطرف الآخر.
المقاومة هي التي حققت الهوية الوطنية الفلسطينية ولم تتحقق بالمفاوضات التي يدعو لها الرئيس عباس. لقد تم تحقيق إنجازات أخرى كثيرة: اعتراف عالمي بقضية الشعب الفلسطيني, وحقوقه المشروعة, ونضاله العادل في سبيل قضيته وإنجاز هذه الحقوق. لذا فما يجري هو ليس " قتالاً " كلاسيكياً بين دولتين! إنه اعتداء صهيوني وعدوان من قبل الفاشية الصهيونية, شعبنا يرد على هذا العدوان وفعل الإحتلال وهذا حقه. كل الشرائع والقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية, أجازت للشعوب المحتلة أراضيها, مقاومة محتليها بكل وسيلة, بما في ذلك الكفاح المسلح, وللأمم المتحدة قراران واضحان بهذا الشأن. بالتالي, فالمقاومة والرد على العدوان والإحتلال,لا يحمل في طيّاته " تجارة حرب" من قبل البعض الفلسطيني كما اتهم الرئيس هذا البعض من الطرف الفلسطيني. إسرائيل عدوانية, وتتاجر بالحروب هي وحلفائها، الفلسطينيون يردون على العدوان ويقاومون الاحتلال وهذا من حقهم.
الرئيس للأسف لم يقم بإقالة سفير السلطة إبراهيم الخريشة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف, من منصبه, نتيجة منعه لمناقشة تقرير غولدستون في المجلس بعد عدوان 2008 – 2009 على قطاع غزة (مصادر كشفت أن الرئيس هو من اشار على السفير باتخاذ ذاك الموقف ... ولهذا لم يحاسبه,تماما كما يرفض الإنضمام حاليا لمحكمة الجنايات الدولية), ولا نتيجة لتصريحه قبل فترة في المجلس " بان صواريخ المقاومة التي تنطلق باتجاه إسرائيل هي جريمة حرب, وجريمة ضد الإنسانية لانها تستهدف مدنيين!؟", كما أشاد بإسرائيل, قائلا " أن إسرائيل تحذر سكان غزة قبل قصف البيوت وبالتالي تتجنب الإنتقادات الدولية " أي تصريحات هذه ؟! الرئيس لم يقم حتى بتوجيه تنبيه للسفير! ليس هكذا يتم حكم الشعوب أيها الرئيس (أبو مازن)!؟.