استطلاع - سعيد بن علي الغافري ومنى الخروصية :تصوير- خالد بن خميس الغافري :للأفلاج العمانية حكاية وبطولات وكفاح وهمة عمل قام بها الآباء والأجداد منذ عصور وتناقلتها الأجيال هذه التشكيلات من الإبداع الهندسي الذي قام به الإنسان العماني في شق القنوات والثقاب وسواعد الأفلاج حتى تصل إلى المزارع والبساتين وتعد ملحمة عظيمة من فن الإتقان والإبداع الجمالي لمسارات الأفلاج والتي قد تصل اطوالها الى مسافات بعيدة بالكيلومترات من الثقبة الام وحتى شريعة او مشرع الفلج في البلدة وايضا العمق الذي تصل اليه القناة او الثقبة وربطها مع القنوات والمجاري المائية هي بحد ذاتها ملحمة من العمل المتقن شرع به الآباء والأجداد لإيصال مياه الأفلاج إلى حقولهم فالزائر للقرى العمانية ينبهر من روعة هندسة شق الأفلاج ومصادرها فهي منابع خير وعطاء ورخاء ونماء .عدسة الكاميرا تعمقت في أغوار هذه الثقاب والقنوات المائية للتعريف بسر الإبداع الهندسي في طريقة شق قنوات الأفلاج وزارت عددا من الأفلاج في القرى لنقل الصورة الجمالية عن كيفية هذا العمل المبدع الذي قام به الإنسان العماني وحفظه لهذه المصادر المائية .نعيم الدنيا وزهوتهايحدثنا الشيخ سيف بن سلطان بن سعيد الغافري قائلا : الأفلاج تشكل نماء وعطاء ورخاء البلاد ونعيم الدنيا وزهوتها وتنشر الجمال وبسمة الحياة وقد اعتمد أهالينا منذ القدم على هذه المصادر من الأفلاج والعيون المائية في ري حقولهم واستخدماتهم المنزلية وفي مشربهم ومأكلهم إنها حياة مزدهرة ومعين بها نهضت حضارات ومدن وعم الخير والعطاء وقد تفنن الآباء والأجداد في إبداعاتهم عندما قاموا بحفر القنوات المائية في الأودية والأماكن المنحدرة والقريبة من القرى ويظهر من خلال متابعتنا لمسارات الأفلاج أن هناك تشكيلات جمالية في شقها من حيث العمق والالتواءات وربط الثقاب ببعضها عن طريق حفر المسارات والبعد بين الثقبة والأخرى وتوازن مصباتها وربطها في مسار واحد من الثقبة الأم وحتى مشرع الفلج وجدنا بأن هناك عملا متقنا وجهدا جماعيا وتعاونا وتكاتفا بين الأهالي في إيصال هذه المعابر المائية إلى القرى والمزارع وهذه الحضارة العريقة إرث وسجل زاخر لبطولة وكفاح الإنسان العماني وحفاظه على المصادر المائية واكتشافه لها.ويواصل حديثه قائلا : قمنا بتنظيم حملة موسعة لإزالة الشوائب والأتربة في عدد من أفلاج قرى ولاية عبري وبمشاركة جهود الشباب والأهالي في الأعمال التطوعية كان الهدف منها أولا تعريف الأجيال بالأفلاج وكيف عمل الآباء والأجداد على شقها ومسافاتها وأسرار العمل في شق وربط القنوات وأيضا ربط هذه الأجيال بالإرث الحضاري والتاريخي وما تزخر به بلادنا من منظومة مائية فريدة من خلال شق الأفلاج وتوصيل المياه إلى الحقول والحفاظ على ديمومتها من الاندثار وإقدام الشباب على العمل بما يخدم مجتمعهم وحقيقة أن همة الشباب والأهالي عالية ومبادراتهم كبيرة وهذا ما لمسناه من خلال الحملات التطوعية في صيانة الأفلاج في الدريز والعينين والعراقي وولاية عبري معسكرات عمل متواصلة ومشاركات واسعة من الأهالي والشباب همة في العمل وقمة في تأدية الواجب تجاه خدمة بلدهم ومجتمعهم حتى تكللت بالنجاح وتدفق مياه الأفلاج إلى السواقي والمزارع لتبث الحياة والصورة الجمالية للقرى فالأفلاج مرتبطة بحياة الإنسان العماني وهي مصدره الأساسي ونماء البلد بالخير في المزروعات الإنتاجية وكم يسعدنا أن نرى خير البلد ومنتجاتها في كل الأسواق والمتاجر نأكل مما نزرع وتجود به أرضنا الطيبة. منظومة الأفلاج ويتابع سيف الغافري حديثه قائلا : للأفلاج نظم وقواعد عرفية وتقليدية تعارف عليها الناس وهي تعد خارطة عمل في تقسيم مياهه وتوزيعه ففي القرى تقام حلقات مناداة تجمع الأهالي تسمى المقعودة أو قاعدة أهل الفلج يتم من خلالها بيع حصص المياه وفق وحدات زمنية وقياسية منظمة حيث يختار أهل الفلج من الأهالي ممن أهل الثقة والدراية بأمور الفلج ويسمى وكيل أو عريف الفلج هو المسئول عن الفلج وحفظ حقوقه وحقوق الأهالي من حصص المياه وصيانته والإشراف عليه فتعقد جلسات المقعودة في العام مرتين تباع فيها حصص المياه ويعود ريعها لأعمال صيانته وقنواته المائية وهذا العرف القديم كان في الماضي يحسب بواسطة دوران الشمس في النهار وظل المزولة المستخدمة في الحسابات وظل الشمس أو النجوم وحركتها في ساعات الليل وتم استبدالها حاليا بالوحدة الزمنية الساعة. حضارة ثريةويبقى هنا القول : إن الأفلاج العمانية منظومة وكيان أثري وتاريخي فريد في هذه الأرض الطيبة لها السجل الزاخر من المعطيات والمقومات الحضارية وهي قناة تواصل للحضارات في المدن والحواضر والقرى العمانية ونبع ينشر الرقعة الخضراء في المزروعات في الحقول والبساتين وبهجة الحياة فيها والفلج ومنظومته مرجع للباحثين والدارسين لكشف مكنون درره وعبق تاريخ الأمجاد العمانية وعبقرية هندسة قنواته المائية.