[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2017/10/godamorsi.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]جودة مرسي [/author]
”رسالة السعادة التي رعاها أبوتريكة كانت إقليمية ولم يمهله الزمن لنشرها عالميا، لكن صلاح كان المنبت الحقيقي لإكمالها واستقى مضمونها من الجذر، فعبر تدرج انتقالاته اتسعت قاعدة شعبيته عالميا لتشمل عدة دول أوروبية، وتمددت السعادة في قلوب الملايين من البشر، وتغنى الغرب بأخلاقياته، امتدحوا إخلاصه في العمل، وسلطوا الأضواء على التزامه الديني والدنيوي،”

.. كيف ذاك النجم اصبح حديثا من احاديث الهوى... هل لأنه خيط نور من نجم افل، فأضاء طريقا للسعادة بعد ظل شمسا قد رحل .. ام ماذا وماذا عن محمد صلاح سفير السعادة الذي اجتمع على حبه الملايين بكل لغات العالم..
ان السعادة هي شعور بالطمأنينة يقذفه الله في القلوب، ويسخر لها جنودا في الأرض ليكونوا من أسباب القذف في القلوب، وعندما تستهدف السعادة مجموعة ممن يطيعون الله، فإنه يسخر لهم الفعل الطيب وأشخاصا مثالية في الجهد والعطاء في عصورهم، ومن ذوي الأخلاق الحميدة. وتتعدد النماذج الفردية والسمات الشخصية لسفراء السعادة في المجتمعات والمجالات المختلفة، وفي المجتمعات العربية والإسلامية لا يمكن لسفير السعادة إلا أن يكون دمث الخلق، وفي طلته قبول لدى الناس، وفي السنوات الأخيرة كان لاعب كرة القدم المصري محمد أبوتريكة سفيرا لسعادة العرب والأفارقة بصفة عامة والمصريين بصفة خاصة، فصال وجال في الملاعب محققا الانتصار تلو الآخر لينثر الفرحة في قلوب الشعوب العربية، وانحنى الخجل أمامه كنوع من تقدير احترامه لذاته وأهله وبلده وقوميته، فكلما زار مع فريقه الأهلي أو المنتخب المصري دولة إفريقية لأداء مباراة كان له موقف إنساني مع الأفارقة يعبر به عن سماحة المسلمين، وعن تحضر العرب حتى صار جذرا استقى منه آخرون امتداد السعادة.
لعب أبوتريكة في سنواته الأخيرة مع لاعب صغير اعتبر أبوتريكة مثلا أعلى له في الملاعب، فتأصلت جينات السعادة في جنبات روح اللاعب الصغير، وارتفع سقف طموحه وأحلامه ليكون معشوقا للجماهير وأحد أسباب سعادتهم، وتحول اللاعب الصغير في غضون سنوات قليلة إلى واحد من أفضل لاعبي العالم انه محمد صلاح أو كما يناديه مشجعو ليفربول الانلجيزي (mo salah)، والذي صار منافسا حقيقيا على المستوى العالمي الكروي لكل من البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي. وخلال رحلة عطائه تدرج على أندية كثيرة من الأسفل إلى الأعلى، بدءا من نادي المقاولون العرب المصري مرورا ببازل السويسري وتشيلسي الإنجليزي، ثم فيورنتينا وروما الإيطاليين حتى وصل إلى نادي ليفربول الإنجليزي العريق، ليزداد توهجه الكروي، وصار هدفا لأفضل أندية العالم للتعاقد معه وهي برشلونة وريال مدريد وباريس سان جيرمان.
رسالة السعادة التي رعاها أبوتريكة كانت إقليمية ولم يمهله الزمن لنشرها عالميا، لكن صلاح كان المنبت الحقيقي لإكمالها واستقى مضمونها من الجذر، فعبر تدرج انتقالاته اتسعت قاعدة شعبيته عالميا لتشمل عدة دول أوروبية، وتمددت السعادة في قلوب الملايين من البشر، وتغنى الغرب بأخلاقياته، امتدحوا إخلاصه في العمل، وسلطوا الأضواء على التزامه الديني والدنيوي، فتسلطت الكاميرات عليه ومعه زوجته في أحد المدرجات يشاهد فريقه – ليفربول الإنجليزي - لتنقل من خلال الصورة رسالة غاية في التحضر عن اللاعب العربي والمسلم المتفتح وعن المرأة المصرية المرنة التي لم تحد عن ثوابتها برغم المغريات والشهرة.
ولعبت صورة محمد صلاح دور القوة الناعمة لإزالة اللغط المصاحب لهيئة الرجل المسلم الملتحي، فصار الأوروبيون يقلدونه ويتفاعلون معه، بل ويقلدون فرحته بالأهداف وسجوده عقب التسجيل في المرمى، وتصدت هذه القوة لليمين الغربي المتطرف الذي يصور كل مسلم أو ملتحي على أنه إرهابي.
نجاحات محمد صلاح مع الفرق التي لعب لها وقيادته لمنتخب مصر في الصعود لكأس العالم 2018 بعد غياب 28 عاما، وتربعه على عرش الهدافين بأقوى دوري في العالم وهو الدوري الإنجليزي، تثبت فكرة أنه ممن ينثرون السعادة على الشعوب، وفي كل ظهور يثبت صلاح أنه نجم مضيئ في القلوب، صنع شعبيته بالإخلاص في العمل وتقبل الآراء المنتقدة والمؤيدة له، وفي كل حديث يثبت أنه يدين بالفضل لكل من صنع مجده، ووثق فيه ومنحوه الفرصة للإبداع.. إنه ينثر السعادة بلا حساب، انه بالفعل صار حديثا من احاديث الهوى.